تميز اللقاء البهي في جناح “بحر الثقافة” في معرض أبو ظبي، الذي جاء إليه الروائي ابن عرفة قادماً من الهند بعد أن قدم مشروعه الروائي في محاضرتين بجامعة دلهي والجامعة الملية تركتا أصداء قوية في الوسط الأدبي الهندي عن فرادة المشروع. شهد اللقاء حضوراً ثقافياً نوعياً حضره عدد من الأدباء والأديبات وكوكبة من صاحبات السمو في دولة الإمارات غص بهم جناح “بحر الثقافة” لمدة ثلاث ساعات ونصف. وأبحر ربان سفينة الأدب العرفاني في “بحر الثقافة” بأفق أدبي عرفاني روحاني ضمّخ الحديث عن تجربته الأدبية وأفقه السردي الخاص، ومساره في الإبداع المشيَّد على مفهوم “الكتابة بالنور”، بعبق لطائفي متفرد وشج بين الجمالي والروحي؛ بين الذوقي والأدبي؛ بين تجربة الروح وتجربة الكتابة. وقد تبدّى ذلك في عمق الحوار وسعة النقاش ورحابة الأبعاد التي كشف عنها اللقاء حول تجربة تتفاعل مع الأحرف النورانية القرآنية المقطعة، وتستلهم بإبداعية التراث العرفاني الإسلامي، وتحاور بأفق تخييلي تاريخَه وأدبَه وأعلامه. وقد كان هذا اللقاء لحظة أدبية تميز فيها الأدب المغربي بقدرته على التجديد والابتكار، مما دفع بمديرة دار الآداب اللبنانية التي تنشر أعمال ابن عرفة إلى الإعلان عن إطلاق سلسلة إبداعية جديدة ضمن منشورات الدار بعنوان “الرواية العرفانية” تجدد في المتن الروائي العربي، وتلقح الأدب العربي بأنفاس جديدة. وأعرب عدد من الروائيين العرب الحاضرين في هذا اللقاء عن رغبتهم و تشرفهم بالانتساب إلى هذه المدرسة الجديدة. ومما زاد من بهاء هذا اللقاء وجماليته الروحانية، ما قدمته “مجموعة الذاكرين” من الرباط بإشراف الكاتب والفنان الدكتور محمد التهامي الحراق من وصلات إنشادية هي بمثابة قراءات موسيقية سماعية للأعمال السردية العرفانية لابن عرفة. ولعل في شهادة جريدة الاتحاد الإماراتية، كما وقعتها الإعلامية الكبيرة التونسي، أكبر إشارة إلى استثنائية الحدث، فقد كتبت في عدد يوم 5 مايو: “استهل بحر الثقافة حضوره باستضافة كتاب القائمة القصيرة لجائزة “البوكر.." بينما شكلت استضافة الصالون لصاحب «رواية ابن الخطيب في روضة طه» الدكتور عبد الإله بن عرفة، حلقة أغرقت عشاق القراءة والكتابة النورانية في حالة من الذهول، لما تحدّث عنه من معاني شائقة في كتابه، إلى جانب بلاغته وسفره بالناس في أسمى معانيها، محققاً ذلك الاستماع الوجداني، في حين قدمت “مجموعة الذاكرين” تجربة فنية استثنائية خلقت صلة فنية وأدبية من جنسين متمايزين، الأول الكتابة السردية والثاني فن الإنشاد، وهو فن السماع. وإلى جانب هذا الحدث الأدبي المميز الذي كان أيقونة معرض أبو ظبي الدولي للكتاب، استضاف صالون “مجلس اقرأ” الذي ترأسه سمو الشيخة شيخة بنت سيف، حرم سمو الشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان، يوم 30 أبريل الأديب ابن عرفة في لحظة أدبية دامت أربع ساعات من الأدب الراقي الذي تحدث فيه الأديب المغربي عن مشروعه الروائي الذي درج على تسميته بالرواية العرفانية، وأدب الحضور، وأدب السفر، والكتابة بالنور. وكلها مفاهيم نحتها الأديب من اشتغاله إبداعياً على نصوصه، ومرافقة هذا الجهد باجتهاد نقدي يوضح معالم هذا التجربة الأدبية.