يُعتبر أحمد سيجلماسي واحدًا من الأسماء اللامعة في مجال النقد السينمائي والإعلام في المغرب. هو شخصية ثقافية بارزة كرست حياتها لخدمة السينما المغربية، وساهمت بشكل فعّال في تطويرها وتأريخها. يأتي تكريمه في مهرجان الرشيدية السينمائي تتويجًا لمسيرته الحافلة بالإنجازات والعطاءات، التي أثرت بشكل كبير على المشهد السينمائي والثقافي في البلاد. انطلقت مسيرة الناقد السينمائي أحمد سيجلماسي السينمائية من خلال نشر مقالاته في جريدة العلم في أواخر الثمانينيات، حيث عُرف باهتمامه العميق بموضوع التأريخ للسينما المغربية. لم يكتفِ بنشر مقالاته في جريدة العلم، بل امتد نشاطه ليشمل العديد من المنابر الإعلامية الأخرى مثل "دراسات سينمائية". شهدت مسيرته محطة بارزة عندما تسلم رئاسة نادي الركاب للسينما والثقافة في فاس عام 1992، والذي كان يُعتبر من أنشط الأندية السينمائية في المغرب آنذاك. من خلال هذا المنصب، أسهم سيجلماسي في تنشيط الحركة السينمائية المحلية وتعزيز الوعي الثقافي والفني لدى الجمهور. بالإضافة إلى ذلك، تولى من 1994 إلى 1996 مسؤولية في المكتب المسير للجامعة الوطنية للأندية السينمائية في المغرب. خلال هذه الفترة، قام بتطوير النشرة الداخلية "جواسم"، محولاً إياها إلى منبر إعلامي وتثقيفي مميز بأبواب ثابتة مثل باب "وجه"، الذي كان يقدم شخصيات من جيل الرواد في السينما . إلى جانب نشاطه في الأندية السينمائية، عمل سيجلماسي في إذاعة فاس الجهوية من 1997 إلى 2004، حيث قدم برنامجًا بعنوان "المغرب السينمائي". هذا البرنامج كان محط اهتمام من قِبَل كل المهتمين بالشأن السينمائي في البلاد. كما أسس أول نادي سينمائي تربوي في مدينة فاس، حمل اسم الفيلسوف ابن رشد، ليعزز دور السينما في التعليم والتربية. أصدر سيجلماسي في عام 1999، ضمن منشورات الجيب لمجلة "شراع"، كتابًا يحمل عنوان "المغرب السينمائي: معطيات وتساؤلات". هذا الكتاب الذي نفدت نسخه بسرعة من السوق، يُعتبر مرجعًا هامًا لكل الباحثين والمهتمين بتاريخ السينما المغربية. كما كان سيجلماسي من المؤسسين لمهرجان الفيلم التربوي في مدينة فاس، والذي تم تكريمه فيه بشكل رائع في عام 2012، جنبًا إلى جنب مع الفنان عزالعرب الكغاط . لم يكن سيجلماسي يبخل يومًا بتقديم الدعم والمساعدة للأندية السينمائية والملتقيات والمهرجانات الصغرى. كان يعمل على إبلاغ برامجها ومواعيدها وتصوراتها للرأي العام، ودافع عن حق بعض المهرجانات الهامشية في التغطية الإعلامية والتواجد بجانب المهرجانات ذات الإمكانيات المالية الضخمة. هذا الالتزام نابع من إيمانه العميق بأهمية تنوع الأنشطة السينمائية وانتشارها على نطاق واسع. يتميز أحمد سيجلماسي بالالتزام بالمواعيد، وتقدير المسؤولية، والاحترافية في العمل. يتصف بالدقة في المعطيات والمعلومات التي يقدمها، والنزاهة الفكرية التي تميزه كناقد وإعلامي. في الآونة الأخيرة، أثرت مبادراته الإنسانية في الكشف عن مآسي بعض الفنانين والمثقفين والفاعلين الجمعويين الذين يعانون في صمت من المرض والفاقة. بفضل مقالاته في مختلف المنابر الإعلامية، جعل من قضاياهم قضايا رأي عام، ما ساهم في تحقيق مكاسب رفعت من معنوياتهم وكفكفت دموعهم. ساند سيجلماسي الجامعة الوطنية للأندية السينمائية في العديد من المحطات المفصلية. بتعاونه مع الأندية، خرج إلى الوجود كتاب محمد مزيان "سينمائي وحيد ومتمرد" وسلسلة "وجوه من المغرب السينمائي". هذا العمل التوثيقي يُعد إسهامًا كبيرًا في حفظ الذاكرة السينمائية المغربية وتعزيز الوعي بتاريخها. إن تكريم أحمد سيجلماسي في مهرجان الرشيدية السينمائي هو تكريم مستحق لشخصية سينيفيلية وإعلامية شريفة وصادقة. هو أيضًا تكريم لكل المرتبطين بالثقافة السينمائية والإعلام الفني والممارسة الجمعوية السينمائية في المغرب. يعكس هذا التكريم تقديرًا عميقًا لعطاءات سيجلماسي وتأثيره الإيجابي على السينما المغربية، ويؤكد على أهمية دوره في تأريخ ودعم وتطوير هذا الفن العريق. رئيس جامعة الأندية السينمائية