احتضنت «مؤسسة الإبداع الفني والأدبي» بخنيفرة قبل أيام، حفلا افتتاحيا نظمته المديرية الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بغاية الإعلان عن انطلاق النسخة السادسة عشر من عملية التعبئة المجتمعية «من الطفل إلى الطفل» والنسخة الثانية من «من اليافع إلى اليافع»، وتهدف العمليتين إلى تحقيق الفعل الاستراتيجي الثالث من مساعي خارطة الطريق 2022- 2026 والرامي إلى تقليص الهدر المدرسي إلى الثلث على الأقل في أفق 2026. وجرى حفل الانطلاقة في حضور رئيسة مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه، ورئيس مصلحة التخطيط والخريطة المدرسية وثلة من أطر المديرية الإقليمية، كما حضره أطر التفتيش والتوجيه التربوي، ومديرو مؤسسات تعليمية بالإقليم وفاعلون في الحقل التربوي، إضافة إلى ممثلين عن المجلس العلمي والمجلس الجماعي وجمعيات محلية، خاصة الجمعيات الشريكة في مجال التربية غير النظامية وبعض أمهات وأباء وأولياء أمور التلميذات والتلاميذ، فيما جرت تغطية الحفل بعدسة مؤطر ورشة صوت وصورة بالمؤسسة، ذ. محمد باحسين. وبعد افتتاح الحفل بكلمة ترحيبية لمديرة «مؤسسة الإبداع الفني والأدبي»، ذة. خدوج الجامعي، التي وضعت فيها الحضور في دلالة وأهداف المناسبة، تقدمت رئيسة مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه، ذة. صفاء قسطاني، بكلمة تناولت فيها بالتفصيل عملية التعبئة المجتمعية وموقعها في إطار اتفاقيات الشراكة بين وزارة التربية الوطنية ورئاسة النيابة العامة من جهة، وبين هذه الوزارة ووزارة الأسرة والإدماج والتضامن الاجتماعي من جهة أخرى، وكذلك في إطار الدورية المشتركة بين ذات الوزارة ووزارة الداخلية. وأبرزت رئيسة مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه مضامين اتفاقية الشراكة والتعاون الموقعة بين وزارة التربية الوطنية ورئاسة النيابة العامة، في مارس 2021، بهدف الحد من الهدر المدرسي والوقاية من زواج القاصر، إلى جانب الاتفاقيتين الموقعتين بين هذه الوزارة ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، بغاية محاربة الهدر المدرسي لدى فئات الأطفال في وضعية خاصة، والنهوض بالتربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة، فيما لم يفت ذات المسؤولة التفصيل في أهمية تأمين التمدرس بالنسبة للمنقطعين وغير المتمدرسين. وتميز الحفل بزيارة جماعية لورشات «مؤسسة الابداع الفني والأدبي» للوقوف على أعمالها الجارية، بتأطير من مؤطرات ومؤطري المؤسسة، سيما منها التي تناولت مخاطر ظاهرة الهدر المدرسي، والبداية من ورشة الرسم والتشكيل التي تم الاطلاع فيها، على ما قدمه تلامذتها، تحت إشراف مؤطرتهم، ذة. فوزية مالكي، من عمل مطبوع، متمثل في قصة مصورة تحت عنوان «إلى المدرسة»، ملخصها «فتاة قروية تقنع أطفالا بالعودة إلى مقاعد الدراسة ما دام سنهم يلزمهم بذلك، حتى يستدركون ما فاتهم عبر الأنشطة الصفية والدعم المدرسي». كما استمتع الحاضرون بذات الورشة بمشاهدة شريط قصير عبارة عن كبسولة تعليمية من إنتاج هذه الورشة، ومن توقيع التلميذ الموهوب يوسف الحوسيني، الحائز مؤخرا على الجائزة الأولى عربيا في مهرجان الطفل العربي، المنظم تحت شعار «الطفل أمل الأمة»، وتتمحور الكبسولة التعليمية حول «طفل يقتنع بأن خير نعمة أنعمها الله بها على الإنسان هي الدماغ الذي يحتاج منا جميعا العمل المستمر على إغنائه بالتعلم والمعرفة والمثابرة لأجل تحقيق السلام والسكينة والحياة الكريمة». وبورشة القراءة، التي تقوم بتأطيرها ذة. سميرة كوبالي، تقدم تلامذتها رفقة مؤطرتهم، بإنتاجاتهم من قصص مصورة ومطويات تتحدث في مجملها عن أسباب وأضرار الهدر المدرسي، ونتائجه وعواقبه، والحلول الممنهجة للتقليص منه، فضلا عن منتوج أدبي تلاميذي مشترك بين مكتبة المؤسسة وورشة المسرح، عبارة عن مسرحية مطبوعة تتحدث عن «ظاهرة تخلف الفتاة القروية عن مقاعد المدرسة وسوء استغلالها من طرف الآباء والزج بها للعمل كخادمة في البيوت»، كما تم عرض فقرة صوتية من «راديو التلميذ المبدع». وبقاعة العروض قدم تلامذة ورشة الموسيقى، بقيادة المؤطر ذ. يوسف الرشيد، معزوفة جماعية بالنشيد الوطني وأخرى حول المدرسة، بينما حضرت ورشة المسرح من خلال مسرحية حول فضائل «العودة إلى المدرسة»، من تأليف وإخراج مؤطر الورشة، القاص والناقد ذ. حميد ركاطة، وتشخيص تلامذة هذه الورشة (وينتمون لمدرسة الشريف الإدريسي)، وتتناول «حالة الفتاة المتمدرسة بالعالم القروي، ودعوة للتصالح مع المدرسة والعودة الى للصفوف المدرسية في إطار مبادرة الفرصة الثانية». وصلة بالمناسبة، شاركت ورشة اللغة الألمانية، التي يؤطرها ذ. بوعزة حمي، بعرض تلاميذي تم التعبير من خلاله، بلغة غوته، عن خطورة الهدر المدرسي، مع مرافقة العرض بترجمة فورية لإيصال الرسالة وتعميم الفائدة، ليتوج الحفل بدرس ديني تقدم به عضو المجلس العلمي المحلي لخنيفرة، ذ. محمد بوربيع، تحدث فيه عن «أهمية التعلم والعلم والمعرفة، ومخاطر ظاهرة الانقطاع عن الدراسة وانعكاساتها السلبية على المجتمع»، وقد تم فتح الباب في وجه الحاضرين من التلميذات والتلاميذ للنقاش والحوار المفتوح مع المحاضر. ومن خلال درسه الديني، انطلق ذ. محمد بوربيع من عدة مداخل مرتبطة بمفهوم العلم وأهميته ومكانته، ومخاطر الانقطاع عن طلبه، وكذلك من موضوع المدرسة «كمؤسسة تربوية قبل أن تكون تعليمية»، ودورها في تقويم القيم وإشاعة المعرفة، كما تطرق لاهتمام الدين الإسلامي بالعلم والتعلم، انطلاقا من أوَّل ما نزل من القرآن:»اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ» وآية «خَلَقَ الإنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ»،موضحا أن «أمور الإنسان معرضة للزوال باستثناء العلم الذي يظل خالدا»،دون أن يفوته التذكير بالمستعمر الذي انطلق في مخططاته ببلادنا من المدارس والكتاتيب. وارتباطا بالموضوع، شدد ذ. بوربيع على أن «الإنسان البعيد عن العلم لا تنتظر منه أية نتيجة إيجابية ولا حكمة نافعة»، ليلج بمداخلته في عرض مخاطر الانقطاع عن التعلم واعتبارها على حد قوله:»كارثة ومصيبة وطامة، وطريقا لتقهقر الإنسان الذي إذا جهل سيجهل معه المجتمع لكون هذا الإنسان هو مركز الكون»، قبل تحدثه عن نتائج الظاهرة التي لا تقل عن الغلو والتطرف والجريمة والانحراف، مع دعوته لعموم المتدخلين والشركاء والأسر إلى الرفع من وتيرة التحسيس بأهمية التعلم والتمدرس وطلب العلم والمعرفة. وتأتي مبادرة «التعبئة المجتمعية» في سياق التعليمات الملكية، المرتبطة بمحاربة الهدر المدرسي، وتفعيلا لأحكام القانون الإطار 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وخاصة المشروع المندمج 5 المتعلق ب "تأمين التمدرس الاستدراكي والرفع من نجاعة التربية غير النظامية، وكذا عملا على تحقيق غايات التعليم الإلزامي ومحاربة ظاهرة عدم التمدرس، والهدر المدرسي بكل أشكاله بمختلف الأسلاك التعليمية بهدف الاحتفاظ بالتلاميذ أكثر ما يمكن داخل النظام التربوي، ومواكبة عملية اندماجهم السوسيو-مهني.