من المُنتظر أن يصدر مجلس الأمن قراره حول الصحراء يومه الاثنين 30 أكتوبر 2023 الذي سيعمل بتوصية الامين العام للأمم المتحدة بتمديد بعثة المينورسو لسنة واحدة، أي لحدود أكتوبر 2024 على أن يتم تقديم تقرير بعد مرور ستة أشهر من القرار حول تقدم العملية السياسية، و الوضع الأمني بالمنطقة خاصة شرق الجدار العازل بعد تأمين المنطقة جنوبا حدودا مع موريتانيا بفضل العملية الأمنية التي قام بها الجيش المغربي. قرار هذه السنة من خلال المؤشرات المُستقاة ،سواء من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أو مسودة قرار مجلس الأمن التي تقدمت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية لمجلس الأمن، سيكون داعماً لنفس التوجه السياسي الذي تم اعتماده منذ سنة 2018، وهو التوجه الذي أسقطت فيه الأممالمتحدة ومعها مجلس الأمن في قراراته، خيار «استفتاء» تقرير المصير من حساباتهم السياسية باعتباره حلاً غير قابل للتطبيق لمعطيات قبلية، ديموغرافية ثم سياسية بعد أن قدم بيتر فان واليوم استقالته وأكد على استحالة تطبيق الاستفتاء لهذه التعقيدات الواقعية، ولأنه بالأساس – أي خيار الاستفتاء- لا يستجيب للمعيار الأساسي الذي يُعالج به الملف وهو الوصول لحل «واقعي، متوافق بشأنه، ومستدام»، وذلك وفق البند السادس من ميثاق الأممالمتحدة، لتعمل الأممالمتحدة بدراسة خيار المبادرة المغربية، خاصة وأن المغرب منذ طرحها سنة 2007 على الأممالمتحدة وهو يعتبرها أرضية للتفاوض الجدي، أي بمعنى أنه ظل منفتحاً على كل ما يمكن أن يُطرح من طرف الجانب الآخر خاصة الجزائري. هذا الجانب ووفق تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، هو من يعرقل التوصل لحل سياسي، وهو من يعرقل إحياء العملية السياسية وفقاً لقرارات مجلس الأمن الصادرة منذ سنتي 2017-2018 لرفضه التعاطي الإيجابي مع ستافان دي ميستورا مما سيدفع القرار الجديد إلى دعوة هذه الأطراف إلى لعب دور إيجابي لحلحلة الملف. قرار مجلس الأمن الذي يُنتظر صدوره لا يمكن اعتباره مجرد قرار كسابقيه خاصة في شقه السياسي، عندما سيعيد التأكيد على مرجعية الحل السياسي ومعاييره الأممية، بل التراكم الحاصل اليوم في هذا الملف على الصعيد الأممي هو تراكم يضفي شرعيات أممية جديدة على السيادة المغربية على هذه الاقاليم غير القابلة للنقاش، ويدعم سياسة المغرب التي ينهجها بالمنطقة سواء على مستوى فتح القنصليات الدبلوماسية أو المشاريع التنموية الكبرى التي حولت مدن الصحراء لمراكز تجارية واقتصادية ذات بعد إقليمي وليس فقط محلي/وطني. ما يعزز من هذا الطرح هو الحملة الإعلامية العدائية الكبيرة التي تسبق كل قرار سيصدر من طرف مجلس الأمن، مما يعكس أن الصراع السياسي مازال مستمراً داخل أروقة مجلس الأمن رغم حسمه واقعياً، وأن الخصوم مازالوا يبحثون عن أي تراجع أممي في دعم المقترح المغربي، والتشكيك في سيادته على هذه الأقاليم بمختلف الطرق، وهو بحث يتم بكل الطرق سواء بإدعاء وجود حرب وهمية أو من خلال الرسائل التي يبعثونها للأمم المتحدة التي تصاغ بلغة سياسية متجاوزة لم يعد مجلس الأمن يلتفت إليها. قرار مجلس الأمن الذي سيصدر، سيكون مناسبة لتكريس الولاية الجديدة لبعثة المينورسو، تماشياً مع تطور الملف في جانبه السياسي.فإذا كانت البعثة مع إنشائها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعه المغرب مع الأممالمتحدة ووقعته مليشيات البوليساريو كذلك مع نفس الجهة ،كان يضفي على البعثة مهمتين الاولى سياسية أو مدنية متمثلة في « تنظيم استفتاء تقرير المصير» والثانية تقنية/عسكرية متمثلة في «حفظ السلم والأمن بالمنطقة»، وبعد أن أسقطت الاممالمتحدة من حساباتها خيار «الاستفتاء» وإقرار الأمين العام في تقريره الأخير على هذا التحول في الولاية، بحديثه فقط على الشق التقني/العسكري وهو تطور مهم وتراكم يحسم الصراع المفتعل لصالح المبادرة المغربية ويعكس الموقف الأممي من تغير ولاية بعثة المينورسو، واكتفاءها بالجانب العسكري فقط خاصة شرق الجدار العازل، هذا الجانب من الولاية يظل تحدياً مطروحاً على البعثة في ظل استمرار عرقلة المليشيات لعمل البعثة وتحركاتها واستمرار تهديدها لعناصرها مما يظل معه الجانب العسكري تحدياً مطروحا على مجلس الأمن والأممالمتحدة في حماية البعثة وفي القيام بمهامها شرق الجدار. القرار الذي سيصدر لن يكون عادياً، ولا كلاسيكياً ، ولا يمكن السقوط في فخ دعاية الخصوم للقول بأنه لا يحمل أي جديد، بل على العكس إن استمرار دعمه للمقترح المغربي هو انتصار سياسي للمغرب لأنه فيه انهيارا لخطاب النظام الجزائري، ويعكس عزلته على هذا الصعيد. و تأكيد القرار على تغير في ولاية بعثة المينورسو، فيه كذلك إسقاط لكل الأوهام التي يروج لها الخطاب الإعلامي الجزائري....