أشرفت الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، مساء يوم الأحد 22 أكتوبر2023، على تأطير ندوة فكرية حول موضوع «الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة أية استراتيجية لإدماج نساء القرى والجبل». وتأتي هذه الندوة تنفيذا للبرنامج المسطر من طرف منظمة النساء الاتحاديات الذي انطلق عبر التراب الوطني منذ 11 أكتوبر 2023، ليستمر إلى 29 منه، لطرح ومناقشة مجموعة من المواضع التي تطال العديد من القضايا المرتبطة بأوضاع المرأة بالقرى والجبل على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمجالية بالإضافة إلى القضايا المرتبطة بالأشخاص في وضعية إعاقة، وكذا على مستوى النقاش الوطني المطروح حول مشروع مدونة الأسرة، الذي أخذ باهتمام كل الشرائح الاجتماعية والجمعوية والسياسية وكذا ذوي الاختصاص بمختلف مواقعهم. ندوة مكناس استهلت بالكلمة التقديمية التي ألقتها الكاتبة الوطنية حنان رحاب، والتي مهدت لها بالتطرق لموضوع المدونة والنقاش المفتوح حولها من طرف كل القوى الحية بالمغرب بمختلف مشاربها، مستعرضة كذلك الوضع الاجتماعي والاقتصادي والحقوقي للمرأة بالجبل والقرى، والذي يرتبط سلبا بضعف الانخراط السياسي للنساء بتلك المناطق، داعية إلى إرساء مذكرة ترافعية عاكسة لقضايا النساء وتطلعاتهن ومطالبهن بالقرى والجبال، مؤكدة في كلمتها على التزام منظمة النساء الاتحاديات بالعمل على الترافع الهادف والمسؤول عن كل القضايا الحقوقية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية للنساء عامة، بما فيها زواج القاصرات والمشاكل المرتبطة بالصحة الإنجابية والمعاناة اليومية وهضم الحقوق، إلى غير ذلك من القضايا التي تشكل عنصر إحباط وتهميش للأدوار الاجتماعية للمرأة داخل المجتمع. مداخلة الأستاذ الباحث عبد الإله شعيبي استهلها بطرح العديد من التساؤلات المرتبطة بالذات وبالقدرات والتطلعات المؤهلة لحقوق نساء القرى والجبل خصوصا على مستوى التغيرات القانونية المرتبطة بالمدونة، وبتحديد مفهومها وأهدافها الاجتماعية والقانونية المرتبطة بالمساواة بين الرجل والمرأة، الشيء الذي يعد معيارا لمقاربة كافة الإشكالات التي تمس مصالح الأسرة بطريقة هادئة وجرأة مسؤولية في ظل الثوابت الأساسية لبناء مجتمع متوازن مراع لمبادئ العدل والإنصاف. كما تعرض عبد الإله شعيبي إلى ضرورة إرساء سياسة عمومية عادلة ومنصفة تجاه النساء، خصوصا على مستوى التدبير المرتكز على النوع، وعلى الحكامة والعقلانية بما يخدم مفاهيم الإشراك واتخاذ القرار، معتبرا أن الاهتمام بالقرى والجبال يحتم على المجتمع المدني أن يلعب أدواره كاملة في إطار المنطوق الدستوري الذي منح للمجتمع المدني العديد من الأدوار المدنية وكذا على مستوى التتبع والرقابة وطرح البدائل والحلول الموصلة إلى فك التهميش والعزلة عن البادية والجبل من خلال الدمج عبر النسيج الاقتصادي والمجالي للحد من الفوارق والتفاوتات المرتبطة بالمجالات الاقتصادية والاجتماعية والبنيات التحتية. مداخلة محمد عماري استهلها بضرورة إجراء تشخيص ذاتي كأوضاع النساء بالقرى والجبل، من خلال تحديد مفهوم المناطق الجبلية والقروية وخصائصها الإثنية والاجتماعية والجغرافية، معتبرا أن المشاكل الاجتماعية بالمغرب تتنوع بتنوع البنيات المرتبطة بالمجال وبالبعد الجغرافي واللغوي والاجتماعي، مؤكدا أن غياب بنية سياسية واضحة المعالم تجاه هذه المجالات يعمق تهميشها وإقصائها من أهداف التنمية بكل أبعادها، مؤكدا أن اعتماد سياسة عمومية ذات توجه أحادي بالمغرب دون مراعاة للخصوصيات الجغرافية واللغوية والعيشة والأسرية والمجالية، يعمق واقع الهشاشة والعزلة بالنسبة لساكنة القرى والجبل بحكم عدم اعتماد منظور مرتكز على الخصوصية التي تطال نوع المعيشة على مستوى الترحال والعلاقات الاجتماعية والارتباط بالأرض والعرف والعادات والتقاليد واللغة، تؤدي إلى نتائج عكسية على كل المستويات، مما يؤكد واقع الإحباط الذي يلاحقنا كمغاربة حينما نحط الرحال بالمناطق الجبلية والقروية ونلمس مدى الفوارق الحاصلة على كل المستويات، مما يحتم على الجهات المسؤولة ترابيا نبذ أسلوب الإقصاء الممنهج تجاه ساكنة الجبل والقرى، معتبرا أن الوقت قد حان لتحديث المجالات الجبلية والقروية عبر إرساء سياسات عمومية دامجة مبنية ومرتكزة على خصوصيات المناطق الجبلية والقروية بهدف فك العزلة والتمكين الاقتصادي والمعرفي وحق الوصول للمعلومة لتحقق الأثر التنموي اجتماعيا واقتصاديا وأسريا وتعليميا وصحيا.