اتفق مسؤولو دفاع من إيكواس على خطة لعمل عسكري محتمل، إذا لم يتم الإفراج عن بازوم وإعادته إلى منصبه، على الرغم من إشارتهم إلى أن توقيت العمليات العسكرية ومكان تنفيذها يتحدد بقرارات من رؤساء الدول، لكن تعهد المجلسين العسكريين الحاكمين في مالي وبوركينا فاسو بالدفاع عن النيجر إذا لزم الأمر فرّق وحدة صف إيكواس. بيد أن العديد من الأطراف، بماا فيها بعض دول غرب إفريقيا، تنادي بمنح الدبلوماسية فرصة إضافية، كما أيدت دول غربية (إيطالياوألمانيا) تمديد المهلة الأفريقية لانقلابيي النيجر، على أمل أن يتجاوب الانقلابيون مع جهود وساطة الاتحاد الأفريقي وإيكواس.. تعقد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، اجتماعا اليوم الخميس (10 غشت 2023)، لبحث الوضع في النيجر، بعد أسبوعين على الانقلاب الذي أطاح الرئيس محمد بازوم، وغداة تجاهل المجلس العسكري المهلة المحددة لإعادة الرئيس المعزول أو مواجهة تهديد بتدخل عسكري. وكانت (إيكواس) قد أمرت المجلس العسكري في النيجر بالتنحي بحلول يوم الأحد الماضي، لكن قادة الانقلاب أغلقوا المجال الجوي للنيجر وتعهدوا بالدفاع عن البلاد. وقال إيموس لونجو المتحدث باسم «إيكواس»، إن التكتل الإقليمي سيعقد قمة طارئة في العاصمة النيجيرية أبوجا يوم الخميس لمناقشة انقلاب النيجر. واتخذت المجموعة المؤلفة من 15 دولة عضوا، موقفا أشد حيال الانقلاب الذي وقع في النيجر مقارنة بالانقلابات السابقة، وهو السابع الذي تشهده المنطقة خلال ثلاث سنوات. وقالت وكالة «رويترز»، إن مسؤولي دفاع من إيكواس اتفقوا على خطة لعمل عسكري محتمل، إذا لم يتم الإفراج عن بازوم وإعادته إلى منصبه، على الرغم من إشارتهم إلى أن توقيت العمليات العسكرية ومكان تنفيذها يتحدد بقرارات من رؤساء الدول، لكن تعهد المجلسين العسكريين الحاكمين في مالي وبوركينا فاسو بالدفاع عن النيجر إذا لزم الأمر فرّق وحدة صف إيكواس. وقال جيش مالي، الاثنين، في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي إن البلدين يرسلان وفودا إلى نيامي لإبداء الدعم، وأظهر موقع (فلايت رادار 24) لتتبع حركة الطائرات أن طائرة عسكرية تابعة لبوركينا فاسو وصلت إلى نيامي حوالي الساعة 11:20 بتوقيت جرينتش قادمة من واجادوجو. ومن شأن تصعيد المواجهة مع إيكواس ووجود انقسام داخل صفوفها أن يفاقم الاضطرابات في واحدة من أفقر مناطق العالم، والتي تعاني من أزمة جوع وتكافح لإنهاء أعمال عنف أودت بحياة الآلاف وأجبرت الملايين على النزوح. ونظرا لثروات النيجر من اليورانيوم والنفط ودورها المحوري في حرب دائرة مع إسلاميين متشددين في منطقة الساحل الأفريقي، تحظى الدولة أيضا بأهمية بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا والصين وروسيا. ورغم رفض الانقلابيين مطالب المنظمة، يبدو أن الحوار ما زال مطروحا، وقد تشارك فيه الولاياتالمتحدة حليفة النيجر، وفق المصدر. وفي محاولة لمنح الدبلوماسية فرصة إضافية، أيدت روما وبرلين تمديد المهلة الأفريقية لانقلابيي النيجر. وأعرب وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني في مقابلة نشرتها صحيفة «لا ستامبا» الاثنين عن أمله في «تمديد» المهلة، مضيفا: «يجب إيجاد حل: ما زال يمكننا إيجاد حل لا يكون الحرب». وشدد على أنه «لا يمكن لأوروبا أن تتحمل مواجهة مسلحة. يجب ألا يُنظر إلينا على أننا مستعمرون جدد». من جهته، رأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية سيباستيان فيشر أن «إيكواس شددت دائما على أنها ستستنفد أولا جهود الوساطة (…) نعتقد أن جهود الوساطة ما زالت في بدايتها لأن العقوبات بدأت للتو تؤتي ثمارها». وأشار إلى عدم وجود «آلية تلقائية» بين انتهاء المهلة والذهاب نحو التدخل العسكري، مشددا على أن ألمانيا «تأمل في أن يتجاوب الانقلابيون مع جهود وساطة الاتحاد الأفريقي وإيكواس، ونحن على تواصل وثيق مع المنظمتين بشأن الخطوات المقبلة». 3 عقبات تقف أمام التدخل العسكري فرضت مجموعة «إيكواس» عقوبات على قادة الانقلاب العسكري وقُطعت إمدادات الكهرباء من نيجيريا المجاورة إضافة إلى إغلاق الحدود، وهو ما يعني أن البضائع لم تعد تصل إلى الدولة غير الساحلية التي فقدت أيضاً طريقها إلى الموانئ. وفي ظل تصاعد التوترات السياسية والدبلوماسية والعسكرية، بين المجلس العسكري في النيجر ودول غرب أفريقيا، فإنه يوجد ثلاث عقبات أمام التدخل العسكري المحتمل لدول غرب أفريقيا في النيجر. ذلك أن هذا التهديد ليس الأول الذي تطلقه «إيكواس»، إذ إنها أصدرت تهديدات سابقة وقامت بتنفيذ وعيدها، حين أرسلت عام 2017 قوات إلى غامبيا عندما رفض رئيس البلاد آنذاك يحيى جامح التنحي بعد خسارته الانتخابات. فعلى وقع احتشاد 7000 عنصر من قوات «إيكواس» بقيادة السنغال على حدود غامبيا، وافق جامع على الخروج من البلاد والعيش في المنفى في دولة غينيا الاستوائية. ولا يزال حوالي 2500 جندي من السنغال وغانا ومالي وتوغو ونيجيريا يشاركون فى عمليات حفظ السلام في غامبيا. كذلك تمتلك «إيكواس» قوة عسكرية تتمركز في غينيا بيساو، حيث أعادت نشر حوالي 600 جندي من نيجيرياوالسنغالوساحل العاج وغانا في أعقاب محاولة انقلاب شهدتها البلاد في فبراير العام الماضي. وكانت «إيكواس» قد شكلت قوة حفظ سلام لإعادة الحكم المُنتخب في ليبيريا وسيراليون، فيما نشرت قوات في ساحل العاج عام 2003. ويرى مراقبون أن أي تدخل عسكري من قبل «إيكواس» في النيجر سوف يعتمد بشكل كبير على نيجيريا التي يتألف جيشها من 223 ألف فرد فضلا عن امتلاكه طائرات ومقاتلات حديثة. من ناحية أخرى، تمتلك نيجيريا، التي تقود جهود «إيكواس» لعودة الشرعية في النيجر، شريطا حدوديا بطول 1600 كيلومتر مع النيجر أيضا. وعن المواقف الأخرى لدول «إيكواس»، قالت السنغال إنها ستشارك إذا قررت المجموعة التدخل عسكريا في النيجر، حيث أكدت وزيرة خارجية السنغال عيساتا تال سال، أن بلادها سوف تنفذ قرارات «إيكواس». لكن على النقيض من ذلك، فقد أعلنت عدة دول أعضاء في «إيكواس» عدم دعم استخدام القوة في النيجر. وتعارض دول أخرى، لها حدود مع النيجر، بما في ذلك موريتانيا والجزائر، خيار التدخل العسكري، مؤكدة تمسكها بالحل السلمي، فيما أعربت مالي وبوركينا فاسو عن استعدادهما للدفاع عن النيجر. لكن الحسابات بشأن المضي قدماً في الخيار العسكري ستكون أصعب بكثير هذه المرة، حيث تُعتبر النيجر من الناحية الجغرافية أكبر دولة في غرب أفريقيا، بينما تعتبر غامبيا، التي شهدت تدخلا عسكريا من قبل دول «إيكواس»، قطعة صغيرة من الأرض محاطة بالسنغال والمحيط الأطلسي، وبالتالي فإن إرسال القوات إليها سيكون احتمالاً مختلفاً تماماً. ويبلغ إجمالي مساحة النيجر حوالي مليون و270 ألف كم مربع، ما يجعلها أكبر دولة في منطقة غرب أفريقيا، وتقع في قلب منطقة الساحل ويمتلك جيشها خبرة في القتال وحصل على تدريبات من الجيش الأمريكي الذي ينشر 1100 جندي في النيجر فضلا عن تمركز حوالي 1500 جندي فرنسي. بالتالي، فإن حجم النيجر والعدد الكبير لقوات جيشها سوف يصعب أي تدخل عسكري، حيث يصنف جيش النيجر في المرتبة ال119 بين أضخم 145 جيشا في العالم ويحتل المرتبة ال25 أفريقيا وهو الرابع بين جيوش «إيكواس». يقدر حجم الإنفاق الدفاعي لجيش النيجر ب287 مليون دولار، وعدد جنود الجيش 13 ألفا بينهم 10 آلاف قوات عاملة والباقي قوات شبه عسكرية، ويضم العتاد العسكري 16 طائرة حربية، و728 مدرعة. من جهة أخرى، تواجه نيجيريا، التي تقود التوجه لإعادة الرئيس بازوم إلى الحكم، العديد من التحديات الأمنية في الداخل، وبالتالي فإن إرسال جزء كبير من الجيش إلى النيجر سيكون بمثابة مقامرة. ويصنف الجيش النيجيري في المرتبة ال36 بين أضخم 145 جيشا في العالم ويحتل المرتبة الرابعة أفريقيا والأولى بين جيوش «إيكواس». يقدر حجم الإنفاق الدفاعي للجيش النيجيري ب3.4 مليار دولار، وعدد جنود الجيش 215 ألفا بينهم 135 ألفا قوات عاملة والباقي قوات احتياطية. لكنّ الجيش النيجيري يبدو منهكا من محاربة حركة «بوكو حرام» وجماعات مسلحة أخرى تنشط في 30 من أصل 36 ولاية في نيجيريا، ما يعني أن إقدام نيجيريا على قيادة أي تدخل عسكري في النيجر سيمثل تحديا كبيرا لجيشها في الوقت الراهن. وتشترك نيجيرياوالنيجر في العديد من الروابط التاريخية والعرقية، حيث يتحدث الناس على جانبي الحدود اللغة نفسها، وبالتالي فإن هذا قد يجعل بعض الجنود النيجيريين مترددين في القتال إذا ما وصل الأمر إلى تلك المرحلة. أما العقبة الثالثة أمام التدخل العسكري ل»إيكواس» في النيجر، فتتمثل في موقف مالي وبوركينا فاسو، حيث إنهما أعلنتا أن التدخل العسكري في النيجر سيُنظر إليه باعتباره «إعلان حرب» وأنهما ستذهبان للدفاع عن الرفاق قادة الانقلاب. يصنف جيش مالي في المرتبة ال110 بين أضخم 145 جيشا في العالم، ويحتل المرتبة ال21 أفريقيا والثالثة بين جيوش «إيكواس». يقدر حجم الإنفاق الدفاعي للجيش المالي ب591 مليون دولار، وعدد جنود الجيش 20 ألفا بينهم 18 ألفا قوات عاملة والباقي قوات احتياطية. ويضم العتاد العسكري: 39 طائرة حربية، و50 دبابة، و1294 مركبة عسكرية، و15 مدفعا مقطورا، و45 راجمة صواريخ. فيما يصنف جيش بوركينا فاسو في المرتبة ال121 بين أضخم 145 جيشا في العالم ويحتل المرتبة ال26 أفريقيا والخامسة بين جيوش «إيكواس». يقدر حجم الإنفاق الدفاعي لجيش بوركينا فاسو ب434 مليون دولار، وعدد جنود الجيش نحو 17 ألفا، بينهم 12 ألفا قوات عاملة والباقي قوات احتياطية وشبه عسكرية. ويضم العتاد العسكري: 20 طائرة حربية، و1112 مدرعة، و12 مدفعا مقطورا، و5 راجمات صواريخ. وبالتالي فإن الأمر يهدد بالتدحرج ككرة الثلج ليصبح حرباً إقليمية واسعة النطاق، خاصة إذا كان سكان النيجر يرفضون التدخل الأجنبي. وعلى الرغم من ذلك فإنه من المستحيل معرفة كيف ستكون ردة فعلهم. عسكر النيجر يحذرون إلى ذلك، يبدي قادة الانقلاب في النيجر تمسكهم بالسلطة، مهددين باستخدام القوة ضد أي تدخل عسكري خارجي. ونقلت «أسوشييتد برس» عن مسؤول عسكري غربي أن قادة الانقلاب في النيجر طلبوا المساعدة من مجموعة «فاغنر» الروسية. وذكرت الوكالة أن أحد قادة الانقلاب زار مالي، وأجرى اتصالات مع أحد قادة «فاغنر»، وأبلغه بحاجة قادة الانقلاب لمساعدة المجموعة العسكرية الروسية الموجودة في مالي للتعامل مع التدخل العسكري المحتمل ل»إيكواس»، مشيرة إلى أن «فاغنر» تدرس الطلب. للإشارة، فإن ضغط المجتمع الدولي يتصاعد على الانقلابيين في النيجر، وسط تباين في الموقف الدولي، خصوصا دول جوار النيجر التي يرفض معظمها التدخل العسكري. حيث أكدت الخارجية الفرنسية دعمها «بحزم وتصميم» لجهود «إكواس» لدحر محاولة الانقلاب. وقالت، في بيان، إن «مستقبل النيجر واستقرار المنطقة بأكملها على المحك». والجمعة الماضية، اجتمع القادة العسكريون لدول المجموعة في العاصمة النيجيرية أبوجا لمناقشة سبل التعامل مع أحدث انقلاب في منطقة الساحل الأفريقي، بينما قال مفوض الشؤون السياسية والأمن في المنظمة الإقليمية عبد الفتاح موسى إنه «تم في هذا الاجتماع تحديد كل عناصر التدخل المحتمل، بما في ذلك الموارد اللازمة، وكذلك كيف ومتى سننشر القوة». وأضاف: «نريد أن تنجح الدبلوماسية ونريد نقل هذه الرسالة لهم (المجلس العسكري) بوضوح، بأننا نمنحهم كل فرصة للعودة عن ما قاموا به». وشهدت النيجر الجمعة والسبت تظاهرات دعم للانقلابيين في مختلف أنحاء البلاد، رفع خلالها العلمان النيجري والروسي، إضافة إلى صور العسكريين الذين نفذوا الانقلاب، وفق التلفزيون الرسمي وصحفيين محليين. فيما أعلنت تشاد المجاورة التي تعد قوة عسكرية مهمة، عدم مشاركتها في أي تدخل عسكري. وفي بنين المجاورة للنيجر، أكد وزير الخارجية أولشيغون أدجادي بكاري أن الدبلوماسية تظل «الحل المفضل»، لكنه قال إن بلاده ستحذو حذو «إكواس» إذا قررت التدخل.