منظمة تستنكر تصريحات وهبي بشأن تقييد المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد من مشروع قانون المسطرة الجنائية    عودة الأمطار تنعش آمال فلاحي الغرب بعد فترة جفاف قاسية    ترامب موجها حديثه لمليشيا الحوثي في ⁧‫اليمن‬⁩: لقد انتهى وقتكم    البطولة: نهضة بركان يتوج باللقب لأول مرة في تاريخه بعد التعادل مع تواركة    أمواج عاتية بعلو يتراوح بين 4 و6,5 متر ستهم المضيق والسواحل الأطلسية بين رأس سبارتيل وطرفاية ابتداء من الاثنين    تأثير مرض السكري على العين و عوارض اعتلال الشبكية من جراء الداء    الصحرواي يربك حسابات الركراكي    بطولة ألمانيا لكرة القدم.. بايرن يسقط في فخ التعادل أمام أونيون برلين (1-1)    القدس.. تأسيس معهد إمارة المؤمنين للسلام    توقيف مبحوث عنه بالقصر الكبير    المستشفى الجامعي بوجدة: إيقاف العملية الجراحية يراعي مصلحة المريضة    ارتباك في حركة القطارات بالدار البيضاء بسبب أشغال التأهيل    تيزنيت :الأمن يحقق في الحريق المهول الذي التهم مخيم الافارقة الذي اسفر عن مصرع حياة سيدة وطفلة    الثلوج تغطي مرتفعات غرب إقليم الحسيمة (صور)    الحسيمة .. انطلاق النسخة الثانية من الأمسيات الرمضانية في فن المديح والسماع    "عصابات" للزرق يتوج بالجائزة الكبرى للجنة تحكيم "فرنكوفيلم" بروما    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    السكتيوي يستدعي 32 لاعبا استعدادا "للشان"    وزير الداخلية الفرنسي يلوّح بالاستقالة إذا ليّنت باريس موقفها في ملف الجزائر    التعاون العسكري المغربي الدولي و أهمية المناورات المشتركة وأبعادها    قصص رمضانية.. قصة البر بالوالدين (فيديو)    انطلاق لقاءات ميدانية ل"جيل 2030"    المصارع العالمي "جون سينا" يصور فيلمه الجديد في البيضاء    قصف يقتل 9 أشخاص شمال غزة    المجلس ‬الأعلى ‬للتربية ‬والتكوين ‬يصدر ‬وثيقة ‬‮»‬المدرسة ‬الجديدة‮:‬ ‬تعاقد ‬مجتمعي ‬من ‬أجل ‬التربية ‬والتكوين‮»‬    الصين وروسيا تؤكدان دعمهما الكامل لإيران في مواجهة الضغوط الأمريكية    المغرب يوسع استثماراته في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر    "العدالة والتنمية": عمليات هدم وترحيل ساكنة أحياء الرباط غير قانونية وشابتها خروقات كثيرة    الدرهم يرتفع أمام الدولار ويتراجع أمام الأورو.. واستقرار في الأصول الاحتياطية الرسمية    العراق يحتل المركز الأول عالميا في عدد أشجار النخيل    القصر الكبير : انهيار منزل يُصيب سيدة وابنها ويُثير مخاوف السكان    رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الإفريقي: رئاسة المغرب تميزت بإنجازات "غير مسبوقة"    البولندي مارشينياك حكم ديربي مدريد يكسر صمته بشأن لقطة ألفاريز    تصفيات مونديال 2026: نيمار يغادر معسكر المنتخب البرازيلي بسبب الإصابة    دوري الأمم الأوروبية: كورتوا يعود لتشكيلة المنتخب البلجيكي    مْسِيحْ المْوس: حين يصبح الضحك على الذقون سياسة رسمية !    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات بالعرائش تنظم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    أعاصير "مدمرة" تضرب ولايات أميركية    "عبق التراث" يميز وثائقيات "الأولى"    الولايات المتحدة تطرد سفير جنوب إفريقيا لأنه "يكره" ترامب    المغرب والعراق يعززان التعاون الدبلوماسي بإعفاء متبادل من التأشيرات    هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة: صافي الأصول يتجاوز 723 مليار درهم    الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما على صادرات المغرب من إطارات السيارات    "كلية وجدة" تحتفي بذاكرة أساتذة    مركز يستنكر توقيف عملية جراحية    صهيوني مجرم "بيدوفيلي" .. هارب من العدالة الإسرائيلية يعيش بحرية في أكادير منذ عام 2006    بيكيه ينهمر في البكاء أمام المحكمة … !    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    عرقلة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بسبب ارتفاع الأسعار وترويج المواد الغذائية الفاسدة    بالصدى .. الثقة والزئبق    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد السادس: أمير المؤمنين في إفريقيا

استطاع مغرب محمد السادس أن يوسع من مساحات «المجال الترابي الديني territoire religieux « في تواز مع تكريس شخص الملك، أمير المؤمنين، الوحيد في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، الذي يمتد إشعاعه إلى خارج الخارطة الوطنية، ويتعزز نفوذه الروحي أكثر فأكثر في القارة الإفريقية، بعيدا عن التراب الديني المعتاد شرقا مثلا.
ويتضح من آخر موعد ديني فوق التراب المغربي سداد هذا المنزع، وكما قال الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، محمد يسف، فإن الندوة العلمية الدولية حول موضوع «ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي» حدث كبير وتاريخي الذي سيتبوأ مكانة خاصة في تاريخ الفقه الإسلامي ومسار تطوره .
فشخص الملك ملتقى للشرعية واستمرار الدولة المغربية، ومن المحقق أن المغرب راكم عبر تجربته الإمبراطورية تاريخا علميا ودينيا وروحيا ما زال حيا، ولعل ملامحه تتمثل في ما قامت به القرويين في تعميم التعليم والمعرفة، إضافة إلى الارتباط الروحي والمادي بين الزوايا والملكية في المغرب عبر التاريخ، لكننا اليوم نعيش تجربة فريدة يكون فيه الملك محمد السادس أميرا للمؤمنين في إفريقا في قلب ... القرن الواحد والعشرين. وهو في جانب منه، ما كان له أن يكون إلا ... دينيا في التجربة المغربية باعتبار احتضان المغرب للتعايش وقيم الفعل العقدي الإنساني المنفتح والعمل على كل السجلات (وطنيا وإقليميا وقاريا ودوليا) لخلق شروط هذا التعايش…
ومن المحقق أن كل الفاعلين الدوليين يجدون أنفسهم في قلب لعبة القيم وفن المشترك الروحي، ويتابعون أدوار المغرب وتميزه في ذلك…
ويتبدى التميز المغربي على هذا المستوى باقتسام تجربته في تدبير الحقل الديني، وبالأساس في مجال مأسسة الفتوى الجماعية وإخراجها من سجل الاجتهاد الفردي الانطباعي أو الطائفي، وتعميمه التجربة في إفريقيا من خلال مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ، التي مرت عليها ثماني سنوات فقط واستطاعت أن تخلق ثقافتها وبنيتها وسجلها الديني المتفق عليه من طرف أزيد من 20 دولة إفريقية.
تقديم العرض اللازم عقديا على الطلب المتنامي، لا سيما في مجال تدبير الحقل الديني وتأطيره، كي لا يكون تربة خصبة للتطرف والراديكالية والإرهاب..
استطاع المغرب أن يبني الأعمدة الأربعة للقوة الديبلوماسية والجيوستراتيجية وجعل من بين أعمدتها القوة الناعمة، متمثلة في تدبير الحقل الديني قاريا : التأثير الروحي عبر تنشيط تاريخ علاقاته الروحية مع الزوايا، ومن خلال تقديم النموذج الحي وخلق البنيات المؤسساتية الكفيلة بالتنشئة الروحية المتسامحة..
لا يمكن ألا نذكر في سياق هذا التثبيت التاريخي، وامتداداته مضامين الدرس الخامس من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية، والذي ألقاه أبو بكر الزبير مبوانا، مفتي تنزانيا، تحت عنوان «رمزية إمارة المؤمنين وحضورها في الفكر الديني لدى علماء شرق إفريقيا: تنزانيا نموذجا»...كان ذلك في أبريل الماضي، وقتها كان الدرس قد شدد الحديث عن مقومين اثنين هما: اعتزاز الأفارقة بمؤسسة إمارة المؤمنين باعتبار الموقف امتدادا لما درج عليه الأسلاف الأفارقة، ثم كون مشايخ الصوفية في مختلف البلدان الإفريقية يفتخرون بإمارة المؤمنين وبشرف الانتماء إليها، وهو موقف أكده غير ما مرة فقهاء وعلماء ومفتون كثيرون من دول أخرى، كما هو حال تصريح الشيخ ماوودو سيMaodo Sy، شيخ الزاوية التيجانية السنغالية، الذي عبر عن بيعة الزاوية وعلمائها للعرش العلوي..
ومن ذلك يتفرع مبدأ آخر لا يقل سموا وهو توحيد الرؤية في ما يخص «ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي» ، وهو رهان يستطيعه المغرب اليوم، بفضل مشروعية إمارة المؤمنين التي يقر بها الأفارقة عبر علمائهم وقياداتهم الروحية أو عبر الانضمام إلى مؤسسة العلماء الأفارقة.
يؤسس المغرب نموذجه، في جانب القوة الإقليمية الإفريقية، على هذه الديناميكية الديبلوماسية، ولكن أيضا على الهوية(هويته الإفريقية والإسلامية معا).. كما يشكل الشأن الديني مجالا مستمرا للاتفاقيات والديناميات الديبلوماسية، بل إن المكون الديني هو جزء لا يتجزأ من القوة الناعمة المغربية ( إلى جانب الاقتصاد والأمن والهجرة )..
الجديد الذي لا يُتْرك للتأثير العفوي فقط، هو أن المغرب قام ويقوم بعمل مؤسساتي مهم لنشر تعاليم الإسلام المعتدل والمنفتح، في تفاعل مع الأنظمة الروحية والقيمية الأخرى .. وهو ينوع موارده الرمزية في ذلك: الزوايا ومحاربة التطرف، محاربة الإرهاب، نشر التعليم المؤسساتي المهيكل.. تكوين الأئمة والمرشدين في العديد من الدول جنوب الصحراء (الحديث عن وجود 32بلدا، والأرقام ذات دلالات كبيرة عن عدد الأئمة الماليين والصينيين والإفواريين والسنغاليين والتشاديين وغيرهم)، فضلا عن الزيارات التي يقوم بها الملك نفسه إلى هذه الدول، والتي تعد»تنقلا» روحيا له دلالاته..أيضا.
وفي المقابل لا يواجه المغرب التطرف فقط، في سيرته الجهادية بل أيضا في صيغه الإديولوجية عبر الدعوة الشيعية في إفريقيا واستقطاب المسلمين في هذه القارة (نيجيريا وحدها بلغت نسبتها 12٪ بعد أن كانت 0٪ في 1980!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.