كرنفال بيلماون بودماون « بوجلود» يحتفي بتقاليدنا الأصيلة وبقيم التعايش والسلم الإنساني الأصوات المنتقدة لهذا التراث سنرد عليها بتطوير الكرنفال وفق ما يضمن حماية هذا الموروث والمحافظة عليه احتفت مدينة الدشيرة الجهادية بإحدى العادات القديمة التي عرفها المغرب، انطلاقا من ثاني أيام عيد الأضحى، وهي العادة التي لها جذورها في التاريخ، وتحتفي بها أيضا جل المناطق المغربية. كرنفال بيلماون بودماون أو « بوجلود « بمدينة الدشيرة الجهادية، عرف هذه السنة نجاحا كبيرا بكل المقاييس، وتميز بحضور جماهيري من داخل المدينة وخارجها، حيث لم يقتصر الاحتفاء بهذه العادة على الطقوس فقط، بل تميز بتنظيم ندوة علمية قاربت الموضوع من جوانب متعددة، وهو النجاح الذي دعا وسائل إعلام عالمية إلى تسليط الضوء على هذا الكرنفال. بعض الأصوات المعارضة لهذه التظاهرة، حاولت تحميل هذه العادة ما لا تحتمله، حفزت الجهة المنظمة للرد عليها من خلال تطوير هذا المهرجان، وهو ما يؤكده أنور الهادي، رئيس جمعية مهرجان بيلماون بودماون، في حوار مع جريدة الاتحاد الاشتراكي. o o كيف جاءت فكرة تنظيم مهرجان بيلماون بودماون بالدشيرة الجهادية ؟ n n يعتبر مهرجان بيلماون بودماون ملتقى ثقافيا وإبداعيا بإمتياز، يستحضر من خلاله المنظمون السيرورة التاريخية للعادات والتعبيرات الفنية والقيم الإنسانية التي تناقلتها الأجيال في قالب فرجوي متميز، الذي يحتضن بين فصوله قيم التعايش والسلم الإنساني والسعادة والجمال، ويعكسها في أداء وإخراج مسرحي مقنع وبشخصيات لها رمزيتها. هذا وجاءت فكرة تنظيم المهرجان في إطار توحيد جهود جل الباحثين والفاعلين والمتدخلين في تدبير الشأن العام من أجل النهوض بهذا التراث اللامادي، وفي هذا السياق تم تأسيس جمعية مهرجان بيلماون بودماون الدشيرة الجهادية من فعاليات جمعوية مشهود لها بالكفاءة والتجربة والخبرة في تنظيم التظاهرات الثقافية بالمدينة قصد الإشراف على تنظيم المهرجان، وذلك بدعم من المجلس الجماعي للدشيرة الجهادية وعامل عمالة إنزكان أيت ملول، بهدف المحافظة على هذا الموروث الثقافي وتقنين تنظيمه وحمايته من كل الشوائب التي يمكن أن تحيط به، حيث تم تنظيم الاحتفالات في جميع الفضاءات الثقافية التاريخية بالمدينة «اسوياس». o o ماذا عن تفاعل المواطنين مع هذا الكرنفال؟ n n عرف المهرجان تفاعلا منقطع النظير من طرف المواطنين، سواء من حيث انخراط ساكنة المدينة في الاحتفالات التي شهدت ارتفاع عدد المشاركين من مختلف الفئات والأعمار، نساء ورجالا، الذين أبدعوا بكل ما لديهم من إمكانيات وأفكار للمشاركة في المهرجان بتقمص شخوص فرجوية متنكرة وراء أقنعة مختلفة الأشكال، أبدع كل واحد في صناعتها، وكذا على مستوى المتابعة الجماهيرية التي بلغت أرقاما قياسية، حيث حجت إلى مدينة الدشيرة الجهادية أعداد غفيرة من الزوار من مختلف المدن المغربية ومن أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وقد غصت مختلف الساحات بجمهور كبير لمتابعة فقرات المهرجان، التي كانت غنية ومتنوعة، في أجواء احتفالية بديعة، نالت استحسان زوار المدينة، هذا ومر المهرجان في ظروف جيدة، دون تسجيل أي أحداث، بفعل التنظيم المحكم ووعي المواطنين. o o إلى جانب هذه الطقوس، نظمت ندوة في هذا الباب، ماذا توخيتم من وراء ذلك؟ n n على هامش فعاليات مهرجان بيلماون بودماون نظمت ندوة علمية حول موضوع « ييلماون بودماون وفنون الفرجة بسوس تاريخ تجارب ومواقف»، وذلك بتعاون مع الجماعة الترابية الدشيرة الجهادية وكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بأيت ملول، أطرها ثلة من الدكاترة المختصين في المجال، وبحضور العديد من الباحثين والأكاديميين والمنتخبين وفعاليات المجتمع المدني، وذلك في إطار الاهتمام بالبعد الأكاديمي لتراث بيلماون بودماون ودعم كافة الجهود المبذولة في مجال النهوض بالبحوث العلمية المتعلقة به، وتشجيع الباحثين والمهتمين بحماية هذا التراث الثقافي غير المادي، وتبادل الأفكار في سبيل صونه والمحافظة عليه وتثمينه. o o هناك بعض الأصوات التي رأى البعض أنها شكلت نشازا، وحاولت التشويش على هذا الكرنفال، كيف تردون على هذه الأصوات، وما الخلفيات التي حركتها ؟ n n تلك الأصوات القليلة من المجتمع التي تنتقد هذا التراث سوف نرد عليها بنجاح الاحتفالات المنظمة كل سنة، والعمل على تطويرها وفق ما يضمن حماية هذا الموروث والمحافظة عليه، علما أن بوجلود او بيلماون بودماون يعتبر عنصرا أساسيا يؤثث لممارسة ثقافية لتراث لا مادي عمر لعهود ما قبل الإسلام بدول شمال إفريقيا والجزر المحاذية للمحيط الأطلسي، واستطاعت ساكنة المغرب في مجموعة من المناطق أن تجد لها حلا توافقيا لا يتعارض مع القيم الدينية والعقائدية للمحتفلين ودون المساس بالعناصر الثابتة في العادة، ورغم اختلاف المتتبعين والدارسين حول أصل الموروث ورمزيته إلا أنهم يجمعون على أنه تراث أمازيغي مغربي عريق يمكنه أن يساير أو أن يضاهي الكرنفالات العالمية لما يختزنه من عناصر ثقافية وأسطورية ستساعده على ذلك. أما ما يتعلق بالألوان المعتمدة فهي ترمز للشعار الأمازيغي، وليست لها أي صلة بقوس قزح وما يفيده في الزمن الحالي، كما يدعي من يعارض هذه الاحتفالات، هذا ولا يقبل أهل سوس العالمة من يريد أن يجرهم إلى عكس ما يبدعونه للاحتفال في هذا المهرجان، والإساءة للفكر الجماعي، وذكاء الإنسان الحر المقابل للأمازيغي وبلاد تمزغا. o o ماهي أهم المشاكل التي اعترضتكم في تنظيم هذا المهرحان؟ n n أهم المشاكل التي تعترض تنظيم أو تطوير المهرحان هي قلة الدعم المادي المخصص للمهرجان، الذي يؤثر سلبا على تجويد فقراته وإغنائها، فباستثناء دعم المجلس الجماعي للدشيرة الجهادية، مازالت باقي المؤسسات لم تنخرط بشكل جدي في دعم المهرجان سواء منها المؤسسات الاقتصادية وكذا مجلس جهة سوس ماسة ومجلس عمالة إنزكان أيت ملول وكذا المجلس الجهوي للسياحة ووزارة الثقافة، ولنا أمل كبير في أن تنخرط هذه المؤسسات في الدورات المقبلة، لأن هذا الموروث الثقافي هو ملك للجميع، والكل معني بالمحافظة عليه، دون أن ننسى أن عامل عمالة إنزكَان أيت ملول إسماعيل أبو الحقوق، يولي أهمية كبيرة للموروث الثقافي المحلي، ولولا وقوفه إلى جانب المنظمين لما تمكنا من صنع هذا النجاح الذي يشهد به الجميع داخل جهة سوس ماسة وخارجها. o o وهل تفكرون في تطوير هذا المهرجان ؟ n n نعم نفكر في ذلك بشكل جدي، وهذا هو الهدف الذي تأسست من أجله جمعية مهرحان بيلماون بودماون الدشيرة الجهادية، التي أخذت على عاتقها تطوير المهرجان والمحافظة على هذا التراث، شريطة الحصول على الدعم الكافي، بحيث سنعمل خلال الدورة المقبلة على إغناء فقرات المهرجان بتسطير برنامج يتضمن فقرات غنية ومتنوعة، والتي ستساهم في تحقيق الأهداف المسطرة، من خلال لقاءات دراسية علمية، ولقاءات تكوينية وتأطيرية في التقنيات المرتبطة بفنون المسرح والتمثيل وصناعة الأقنعة والديكورات والإكسسوارات مع تخصيص فقرات تكريمية لشخصيات وفعاليات قدمت الكثير لهذه العادة على مستوى الممارسة والإبداع، أو على مستوى البحث العلمي الأكاديمي، فضلا على أن المهرجان سيعزز فقرات دورته المقبلة بتنظيم معارض توثيقية لذاكرة بيلماون بودماون، وتشجيع مسرح الشارع، بالإضافة طبعا إلى الاحتفالات بالفضاءات الثقافية التاريخية «اسوياس» بالمدينة، وسهرة ختامية كبرى بساحة الحفلات.