انعقد بمراكش، يومي 11/12 ماي، المؤتمر الدولي للتحالف ضد الإرهاب الداعشي، بمشاركة 79 دولة ومنظمة غير حكومية، وهو المؤتمر الذي يُعتبر انعقاده بالمغرب بمثابة تزكية دولية للمجهودات التي يتم القيام بها من لدن البلد المُضيف على مستوى محاربة الإرهاب، إقليميا ودوليا، وشهادة اعتراف من الجميع على الإسهام المغربي في مجال الحفاظ على الحياة وتجنيب الإنسانية ويلات الإرهاب. وقد كانت الأجهزة الأمنية التي اشتغلت على تفكيك هذه الخلايا بمختلف مؤسساتها موضوع إشادة وتقدير دوليين من أوروبا إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهو ما جعل من خبرة المغرب في هذا المجال موضوع مرجع دولي، خاصة وأن هذه الأجهزة جنبت، في عدة مناسبات، دولا غربية وازنة ضربات إرهابية كانت جدية، تنتظر فقط ساعة الصفر للقيام بها ولتخليف ضحايا وسط المدنيين. الجديد في هذا المؤتمر هو تجديد المشاركين فيه للدعم الدولي لمغربية الصحراء ولمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها المبادرة الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل نزاع الصحراء المفتعل من لدن النظام الجزائري، رغم محاولات التشويش التي تم القيام بها على بعض مواقف الدول الصديقة للمغرب كتركيا، التي حاول إعلام الخصوم تحريف تصريحات وزير خارجيتها الواضحة غير القابلة لأي تأويل بتقويله غير ما صرح به نفسه، وهو تصريح اتجه بشكل واضح نحو دعم مغربية الصحراء وسيادة المغرب عليها، وهو نفس الموقف الذي تقاسمته مصر الشقيقة وقبلهما هولندا، اللتين عبرتا معاً عن موقف مماثل لتلتحق هذه الأخيرة بالقافلة الأوروبية الداعمة لمغربية الصحراء وللمبادرة التي طرحها المغرب سنة 2007، وقد كانت هذه المواقف موضوع بيان أصدرته الخارجية الجزائرية معتبرة أن المغرب «تحايل» على المشاركين في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب ودَفعِهم للتعبير عن هذه المواقف الإيجابية من مغربية الصحراء، وهو البيان الذي كشف حالة الهلع التي أصابت الحاكمين الحقيقيين في الجزائر، خاصة وأن التحالف طرح للنقاش موضوع الانفصال بإفريقيا وتغذيته للإرهاب، بمعنى أن هناك اليوم ربطا بين القضيتين، قضية الانفصال وقضية الإرهاب واستمراره بإفريقيا، وهو ما دفع النظام الجزائري إلى الإسراع بإصدار البيان التنديدي بهذه المواقف، لأنه يعي جيداً أن هذا الربط يشير مباشرة إلى ميليشيات البوليساريو وتنظيمها السياسي ويتجه رأساً إلى داعمي الانفصال وأولهم النظام الجزائري، الذي شعر أنه معني بهذا الطرح لأن استمرار دعمه للانفصال وللميليشات سيُفسر على أنه دعم للإرهاب وللتنظيمات الإرهابية مادام أن تنظيم البوليساريو سبق أن تورط في العلاقة مع التنظيمات الجهادية التي تلقت ضربات قاسمة بسوريا والعراق من التحالف الدولي، وأراد هذا التنظيم التكفيري أن يعيد تمركزه بجنوب الصحراء مستغلاً الاضطرابات الموجودة ببعض الدول من جهة وتحول المخيمات من جهة أخرى لبؤرة تتقاسمها عصابات تجار المخدرات التي تسيطر عليها قيادات البوليساريو، العناصر الإرهابية التي تستقطب شباب المخيمات اليائس بفعل واقع حالة اللاحرب واللاسلم التي تسببت فيها اختيارات النظام الجزائري، حسب ما سبق أن أقرته قرارات مجلس الأمن وتقارير الأمناء العامين السابقين للأمم المتحدة. التحالف الدولي اليوم، بالنقاش الذي طرحه في البيان الختامي من خلال الربط بين الانفصال والإرهاب، يكون قد اتخذ خطوة شجاعة وواضحة نحو وضع تنظيم البوليساريو ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية المسلحة ك»بوكو حرام» و «داعش» و «القاعدة» وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تتواجد خاصة بالشرق الأوسط، وهو بذلك سيفرض على النظام الجزائري الذي ادعى في بيان خارجيته التنديد بمواقف الدول المشاركة في المؤتمر من مبادرة الحكم الذاتي التي استغلها كمطية للتغطية على تخوفه من النقاش الحقيقي الذي يضع «حبل» دعمه للإرهاب على «عنق» جنرالاته، مادام أن هؤلاء الجنرالات هم من يقفون وراء دعم حركة انفصالية إرهابية في المنطقة، خاصة وأن هذه المليشيات كما هو ثابت ومعلوم تتحرك داخل التراب الجزائري بالسلاح الذي توفره الجزائر للمليشيات، وبالدعم المالي الذي يحصلون عليه من ميزانيتها السنوية المخصصة للجيش الجزائري. لقد أصبح موضوع الانفصال والإرهاب في ربط جدلي وسياسي، على اعتبار أن التنظيمات الإرهابية تستغل التوترات القائمة َالموجودة بإفريقيا من أجل زرع عناصرها داخلها، ومن أجل السيطرة عليها لتحويلها لبؤرة إرهابية، هذا الملف بهذا الربط والإجماع الدولي الذي أصبح اليوم موضوع اتفاق بين مختلف الدول والقوى المتحالفة على الإرهاب يعكس الاستيعاب الكلي لهم لطبيعة التوترات القائمة والمصطنعة بإفريقيا على رأسها نزاع الصحراء، الذي لولا دعم النظام الجزائري له وللميليشيات وللانفصال لما شهدت إفريقيا والمنطقة تواجد منظمة تتحرك بالسلاح وتجعل من الأراضي الجزائرية خلفية لها لزرع حالة من اللاأمن واللاسلم بالمنطقة في أفق تسليمها للتنظيمات الجهادية بمنطقة الساحل جنوب الصحراء، وهو الخطر الذي وجب التأكيد عليه ومحاربته بوضع تنظيم البوليساريو ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية.