أكد الدكتور محمد شادي، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، في مداخلة له بمناسبة افتتاح أشغال الندوة الوطنية التي نظمها مختبر القانون العام بهذه الكلية حول «فعلية حقوق الإنسان والنموذج التنموي»، والتي عرفت مشاركة خبراء ومختصين أكاديميين ومدنيين، أن اختيار هذا الموضوع يأتي لراهنيته، وباعتباره من المواضيع المهمة، التي شكّلت محور خطابات ملكية متعددة أكدت على فعلية الحقوق والحريات المنصوص عليها في دستور المملكة من الفصل 19 إلى 39. وأوضح عميد الكلية أن المؤسسة الجامعية منخرطة بدورها في هذا الورش، وتساهم من موقعها الأكاديمي والعلمي في التحسيس والتوعية وتسليط الضوء على الجوانب القانونية والحقوقية المختلفة الأبعاد، وتفتح باب النقاش بين الفعاليات الأكاديمية والعلمية المختلفة وبين الطلبة. من جهته أكد الدكتور سعيد خمري، مدير مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، أن الندوة التي تعتبر أول لقاء علمي يعقده المختبر؛ الذي يعد بنية بحثية تابعة للكلية؛ يأتي تنظيمها بانفتاح على مجموعة من الفاعلين من مختلف المواقع المعنية بحقوق الإنسان وبشراكة معهم، والتي أطّرها أساتذة وأكاديميون أعضاء المختبر. وأوضح المتحدث أن موضوع حقوق الإنسان له راهنية قصوى بالمغرب، خاصة في ظل تزامنه اليوم مع انطلاق تنزيل النموذج التنموي الجديد، مبرزا أن الأهم في هذه الدينامية هو محاولة تنزيل حقوق الإنسان على أرض الواقع والعمل على أجرأتها في مختلف السياسات العمومية. وأضاف الدكتور خمري أن المختبر حرص على تسليط الضوء على التفاصيل المرتبطة بهذا الموضوع، من خلال مداخلات كل الفعاليات التي لبّت الدعوة، حتى يتسنى التطرق إليها من زاوية بحثية وأكاديمية صرفة، سواء تعلق الأمر بالرصد أو التتبع أو التقييم وغيرها. وفي مداخلة له، أكد الدكتور سمير والقاضي، أن مغرب ما بعد دستور 2011 يختلف تماما عما قبله وبالتالي لا يمكن فصل التنمية بمفهومها الحديث عن حقوق الإنسان، بالنظر إلى التطور الذي عرفته بلادنا في هذا الصدد، مشددا على أن هذا الحق المندرج ضمن الجيل الثالث من أجيال حقوق الإنسان لم يكن ليعرف زخمه لولا التأطير الدستوري. وشدّد أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، على أن الحق في التنمية قد نصّ عليه الدستور وأكدته مجموعة من المواثيق الدولية، هاته الأخيرة التي لا يمكن تغافل أهميتها، وهي التي جعلت من الإنسان محورا للتنمية ووضعته في صلبها في جميع السياسات العمومية، كما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ونفس الأمر بالنسبة للنموذج التنموي. وأكد الأستاذ والقاضي في مداخلته، على أن للحقوق بعدا شموليا فهي غير قابلة للتجزيء، مشيرا في ارتباط بالتنمية إلى أن هذا المصطلح ورد 23 مرة في دستور 2011 مقارنة بمرة واحدة في دستور 1996، وهو ما يؤكد الأهمية التي تم إيلاؤها لمضمونه، والتي تجسدت من خلال هيئات دستورية تم التنصيص على إحداثها من أجل النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية. ولم يفت الفاعل الأكاديمي التشديد في مداخلته على أن النموذج التنموي يجب أن يشكل جسرا يعبّد الطريق نحو الرقي الاجتماعي، لاسيما أن خلاصاته هي نتاج لمشاورات تمت مع فعاليات من مختلف المشارب والحقول، ووقفت على عائق التنزيل الذي حال دون ترجمة ناجعة لروح وجوهر مجموعة من السياسات العمومية. وجدير بالذكر أن هذه الندوة الوطنية قد عرفت مشاركة المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إضافة إلى مجموعة من الفعاليات والكفاءات الأكاديمية والعلمية، التي أغنت محاور النقاش من خلال مداخلاتها المختلفة.