قال سمير والقاضي، أستاذ القانون الدستوري والإداري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، إنه "لا يمكن فصل التنمية بمفهومها الحديث عن بعد حقوق الإنسان بالنظر إلى التطور الذي عرفه المغرب، لأن مغرب ما بعد دستور 2011 يختلف تماما عما قبله". وأوضح والقاضي، في مداخلته الأكاديمية خلال الندوة الدراسية التي نظمها مختبر القانون العام وحقوق الإنسان حول فعلية حقوق الإنسان ونموذج التنمية، الخميس بكلية الحقوق في المحمدية، أن "الحق في التنمية يندرج ضمن الجيل الثالث من أجيال حقوق الإنسان، ولم يكن هذا الحق ليعرف زخمه لولا التأطير الدستوري". وأضاف أن "الحق في التنمية نصّ عليه الدستور والمواثيق الدولية، ولا يمكن إغفال أهمية هذه المواثيق نظرا إلى ما تم التنصيص عليه في الدستور"، معتبرا أن "الإنسان في صلب التنمية في جميع السياسات العمومية، مثلما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والنموذج التنموي". وأشار الباحث عينه إلى أنه "لا يمكن تجزيئ فكرة الحقوق، بل ينبغي تناولها بمنطق شمولي"، ثم زاد شارحا بأن "مصطلح التنمية ورد 23 مرة في الدستور الحالي، بينما ورد مرة واحدة في دستور 1996′′، مشددا على أن "التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والثقافية عبارة عن مفاهيم دستورية تؤطر القوانين الوطنية الداخلية، بما في ذلك الوثيقة المرجعية المتعلقة بالنموذج التنموي". وأبرز أستاذ القانون الدستوري والإداري أن "الدستور لم يرسخ التنمية فقط، بل أنشأ هيئات دستورية للنهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية، بينما اقتصر نموذج التنمية على الدستور بوصفه المرجعية الجامعة الموحدة، على أساس أن الدستور في حد ذاته اعتبر المواثيق الدولية هي المرجعية". سعيد خمري، مدير مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، قال من جهته إن "المختبر يدشن استراتيجيته العامة لهذه الولاية بتنظيم هذا اللقاء العلمي والأكاديمي حول فعلية حقوق الإنسان والنموذج التنموي اعتبارا لراهنية الموضوع". وأضاف خمري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المختبر تناول الموضوع من زاوية بحثية وأكاديمية صرفة، سواء تعلق الأمر بالرصد أو التتبع أو التقييم، وكذا فتح مسالك للبحث الميداني حول فعلية الحقوق، ومتابعة أجرأتها في مختلف السياسات العمومية". بينما اعتبر رشيد المدور، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق في المحمدية، أن "الوثيقة الدستورية تعد مرجعية وطنية عند تناول وضعية حقوق الإنسان والحريات العامة ببلادنا، ذلك أن المسألة الحقوقية كانت حاضرة في كل المواثيق الدستورية إلى غاية 2011". وتابع المدور بأن "التطور النوعي الذي عرفته المسألة الدستورية مع وثيقة 1992 أضاف التأكيد على التشبث بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، على أساس أن المشرع الدستوري اقتبس عبارات كما هي من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية". "دستور 2011 يمكن وصفه بدستور حقوق الإنسان بامتياز"، وفق الباحث ذاته الذي خلص إلى أن "دائرة الحقوق الأساسية المعنية بالدستور قد اتسعت كثيرا في الهندسة الدستورية (21 فصل)، وذلك بإفراد باب لمنظومة الحريات والحقوق، وجعل المكتسبات الحقوقية من مشمولات الحظر التي لا يمكن أن تطالها أي مراجعة دستورية لاحقة".