نصت كل الدساتير الوطنية منذ أولا دستور إلى دستور 2011 على أن المملكة المغربية دينها الإسلام ولغتاها الرسميتان العربية والأمازيغية في دستور 2011، مما يعني أن تنزيل هذين المبدأين الساميين إلى أرض الواقع يتطلب من كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين، وكل المؤسسات الوطنية العمومية وشبه العمومية والخصوصية، تفعيل هذين المبدأين الساميين عبر مشاريعها ومنجزاتها، وعليه يلزم هذا القانون الأسمى من الوزارات الوصية على القطاعين الديني والتربوي، أن يترجما ذلك في إقامة وبناء وإنشاء المؤسسات التربوية والمؤسسات الدينية، من مدارس ومساجد، ومستوصفات وملاعب، كما أن روح الدستور ونصوصه تلزم المؤسسات العمومية وشبه العمومية والخاصة بتنفيذ وأجرأة ذلك في مشاريعها ومنجزاتها، ونعني بذلك رجال الأعمال والمنعشين العقاريين ومختلف المؤسسات، باستدخال وبرمجة هذا المبدأ والقانون الأسمى في كل مشاريعها العقارية والعمرانية، عوض الجري وراء الربح المادي الذي لايؤدي إلا إلى إفلاس روحي وثقافي وتربوي، فكم من التجزئات أقيمت بدون إقامة وبناء أو تخصيص فضاءات للشعائر الروحية أو لمجال التربية والتكوين، وكمثال على ذلك تجزئة ابن الهيتم وما بجوارها من تجزئات بمدينة عين عتيق والتي تضم ساكنة يفوق عددها الآلاف، لكنها لاتتنفس إلا الإسمنت والفراغ الروحي والتربوي، حيث لا وجود لمرافق دينية من مساجد وكتاتيب قرآنية، وناشئتها تقطع عشرات الكلمترات مشيا على الأقدام للالتحاق بمقاعد الدراسة في مدارس وإعداديات وثانويات بعيدة عن مقر سكناها مما يعرضها لمخاطر حوادث السير وحوادث السرقة والتحرش، ونباح الكلاب الضالة،- رغم الكثير من الكتابات الصحفية والشكايات المرفوعة الى المسؤولين في هذا الباب فلا من مجيب -؟ وكأن هاته الساكنة خارج التغطية، وخارج اهتمامات المسؤولين، وممثلي الأمة والمواطنين، فلماذا هذا النكران؟ ولماذا هذا الجحود؟ ولماذا هذا الإقصاء والتهميش؟ فلا آذان يسمع؟ ولا صلاة تقام؟ ولا مقاعد ولا دروس ولا مؤسسات تربوية توجد؟ كل ما هنالك ساكنة اغتصبت منها حقوقها الاجتماعية والروحية، واستنزفت منها الأموال بعد اقتناء الشقق والبنايات؟ دون أن تستفيد من باقي الحقوق والتي يكفلها الحق والقانون والدستور؟ فهل هؤلاء المواطنون يعيشون وسط جزيرة معزولة عن وطنها؟ لقد آن الآوان أن يتم الإسراع بايجاد وتحقيق كل المستلزمات الضرورية للحياة الاجتماعية في هاته التجزئات السكنية، وإلا فسيتحول مواطنو هاته التجزئات إلى محتجزين داخل صناديق إسمنتية، وما يثير الاستغراب أن هاته الإقامات تعرف كثافة سكانية تزداد سنة بعد أخرى، وتقع بجوار عاصمة المملكة، بل هي امتداد لمجالها الترابي، يمر بجوارها المسؤولون كل يوم، ونستغرب كيف لايحسون بمعاناة هاته الساكنة؟ فكيف سيكون إذن ذلك المواطن الذي يعيش خارج المجال الترابي للعاصمة؟ إن الساكنة في هاته المنطقة لاتطالب المسؤولين ببناء مركبات رياضية أو ثقافية ترفيهية، ولا تحلم بحديقة عمومية أو منتزه بيئي طبيعي، ولاتفكر في وجود مجمعات حرفية ومهنية؟ إنما تفكيرها اليومي وحاجتها اليومية الإشباع الروحي والثقافي التربوي، في وجود مؤسسة دينية وأخرى تربوية؟ فهل هناك من يستجيب لهذا الطلب وهو طلب ملح ومستعجل؟ السكان لا يحتاجون مسبحا لتعليم السباحة والتدريب على الغطس وكأننا ملزمون بتكوينهم وإعدادهم لحصد ميداليات في مختلف المنافسات المحلية والجهوية والوطنية والدولية؟ فهل سيغني المسبح في الإقامة، ويعوض عن دور المسجد ومهمة المدرسة ومكان المستوصف والملعب والمنتزه؟ إن الساكنة بالتجزئات بجنان الزهراء وابن الهيتم بأشطرها الخمسة، يتمنون أن تصل الرسالة إلى المسؤولين، محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا، لتوفير الحد الأدنى من المرافق العمومية الضرورية بدل إنجاز الكماليات من قبيل المسابح؟