رزئت أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير يوم الاثنين 20 جمادى الأولى 1442 الموافق ل 4 يناير2021 في فقدان المقاوم المرحوم الهاشمي ناضل، أحد الأعلام البارزين في صفوف المقاومة وجيش التحرير الذي بصم بأياديه البيضاء وأعماله الجليلة وتضحياته الجسام تاريخ الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية. ازداد المشمول بعفو الله وكرمه الهاشمي ناضل سنة 1932م بجماعة أمانوز بتافراوت، وانخرط في رياض العمل الوطني والنضالي منذ ريعان شبابه حيث كان دائم الحضور في الاجتماعات واللقاءات التي كانت تلتئم في بيت الوطني المرحوم الحاج علي المنوزي بالدارالبيضاء للاطلاع على نشرة حزب الاستقلال التي كان يقرأها الشهيد محمد الزرقطوني. نشط في حقل المقاومة السرية بالدارالبيضاء إلى جانب محمد الزرقطوني وأحمد شنطر والحسن صفي الدين ومحمد أجار سعيد بونعيلات وإبراهيم السكتاني وغيرهم حيث تكلف بشراء الأسلحة وتخزينها ومد خلايا المقاومة بالتبرعات المالية، ووضع منزله رهن إشارة الفدائيين، ملاذا وقبلة للمقاومين الملاحقين من الشرطة الاستعمارية، كما جعل من سيارته الخاصة وسيلة لنقل السلاح وتزويد خلايا المقاومة به. وبعد انكشاف أمره وشروع السلطات الأمنية في البحث عنه، لجأ إلى مدينة سيدي افني ومنها تم نقله رفقة مجموعة من المقاومين إلى سجن بجزر الكناري بتهمة إرسالهم السلاح من مدينة سيدي افني إلى تامنارت. التحق بصفوف جيش التحرير بالأطلس المتوسط وأسندت له مسؤولية قائد في أجدير حيث كانت تحت إمرته أعداد من المجندين والمتطوعين من قبائل زيان. وفي بداية سنة 1956، طلب منه جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه العودة إلى الشمال لترتيب الأوضاع داخل جيش التحرير عقب الأحداث والصراعات التي اندلعت به. إثر ذلك، توجه إلى الجنوب المغربي لتأسيس جيش التحرير في الصحراء المغربية من سنة 1956 إلى سنة 1960 وكان مسؤولا عن المقاطعة الثامنة التي امتد نشاطها من الساقية الحمراء إلى وادي الذهب وإلى موريتانيا، وأشرف على العديد من العمليات والمعارك التي شهدتها هذه الربوع الأبية من الوطن إلى أن وقع الهجوم المشترك والمضاد للتحالف الاسباني الفرنسي في ما يعرف بمعركة ايكوفيون أي معركة "المكنسة". وفي شهر مارس 1973، حظي المقاوم المرحوم الهاشمي ناضل بشرف تعيينه عضوا بالمجلس الوطني المؤقت لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير من لدن جلالة المغفور له الحسن الثاني، كما انتخب عضوا بمكتب المجلس وبلجنته الدائمة، حيث كان نعم المدافع عن قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأراملهم وأبنائهم. وفي سنة 1975، شارك في المسيرة الخضراء المظفرة التي أبدعتها عبقرية الملك الموحد جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه. كما تقلد منصب قنصل شرفي للجمهورية الاسلامية الموريتانية بالدارالبيضاء. وللفقيد المبرور مسار طويل كرجل أعمال ناجح ساهم في توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وبلدان افريقية وعربية بإقامته مراكز تجارية بها، بحيث واصل مسيرة الجهاد الأصغر التحرري بالجهاد الأكبر الاقتصادي والاجتماعي وإعلاء صروح الوطن. وظل الفقيد المبرور مخلصا وفيا للقضية الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية المقدسة التي كان دائم التعبئة في نصرتها. وتقديرا لأعماله الجليلة في الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية، حظي الراحل العزيز بشرف الإنعام المولوي السامي عليه بوسام العرش من درجة ضابط، أنعم به عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله بمناسبة تخليد الذكرى 49 لعيد الاستقلال المجيد، كما حرصت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على تكريمه ضمن صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير سنة 2002 بمدينة الدارالبيضاء، وفي يناير 2015 بمدينة تافراوت بمناسبة ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال. وكان رحمة الله عليه طيلة مساره الجهادي والنضالي مثال الوطني الغيور والمقاوم الجسور والرجل المتواضع والصادق الملتزم والمتفاني في خدمة قيم الوطنية الحقة والمثل العليا وفي الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية، مخلفا رصيدا حافلا بجليل العطاءات وجسيم التضحيات والأعمال الصالحات. وتشاء الأقدار الإلهية أن يتزامن رحيل الفقيد العزيز مع تخليد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير للذكرى 77 لحدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال يوم 11 يناير 2021. وفي هذا الظرف الأليم الذي خلف في أعماقنا مشاعر الحزن والأسى والحسرة بهذا المصاب الجلل، يتقدم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأصدق عبارات التعازي والمواساة لعائلة الفقيد الصغيرة والكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، ضارعا الى المولى العلي القدير أن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يتغمده بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب، وأن ينزله منزل صدق مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.