بألم عميق وحسرة شديدة، ودعت أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير المشمول بعفو الله وكرمه المقاوم المرحوم علي بن محمد المنوزي الذي التحق بالرفيق الأعلى يوم الخميس 27 ربيع الثاني 1435 الموافق 27 فبراير 2014 بمدينة الدارالبيضاء. ويعتبر المقاوم المرحوم علي المنوزي من معدن الرجال الذين قلما يجود الزمان بمثلهم ومن النوادر الذين حباهم الله بقدرات ذاتية من الإيمان والصبر والتحمل والصمود وسعة الصدر ولطف المعشر وسمو المقاصد وفعل الخير وتقوى الله وحب الوطن. فهو مثال حي للإنسان المغربي المتمسك بأصالته وهويته وتنشئته الدينية وطهرية الذات وصفاء السريرة والمتشبث بالمبادئ والمثل العليا ومكارم الأخلاق. ازداد الفقيد المبرور سنة 1913 بمدينة تافراوت، وانضم مبكرا للحركة الوطنية الناهضة واصطف في الصف الوطني وقام بنشر الوعي الوطني ومبادئ الوطنية وإلهاب الحماس الشعبي بين شباب المدينة القديمة بالدارالبيضاء. وبفضل حسه الاجتماعي ووازعه الأخلاقي وملكة التواصل والتواضع والترابط الانساني، استطاع أن يستقطب نشطاء ورواد العمل الوطني ليوسع دائرة الحركة الوطنية والتنظيم الحزبي الناشئ كواحد من الماهدين للعمل الوطني بالدارالبيضاء، مهد المقاومة والفداء وقلعة الصمود والتحدي. وتميز المقاوم االمرحوم علي المنوزي بوعيه المبكر وحصافة فكره ورجاحة رأيه، وتبوأ مكانة متألقة ضمن الجيل الأول والرعيل الأول لطلائع المقاومة الذين آمنوا بالخيار الصعب والمضني للمواجهة المفتوحة والمباشرة للمستعمر وعملائه، فانغمر في معترك الكفاح الوطني وفي ساحة الشرف مع أخويه المرحومين احمد وسعيد المانوزي وأقطاب المقاومة والفداء بمدينة الدارالبيضاء من أمثال المرحومين ابراهيم الروداني والهاشمي المتوكل و حسن صفي الدين يرحمهم الله والمجاهد محمد أجار سعيد بونعيلات ومحمد بنسعيد آيتا يدر أطال الله عمرهما. كان أخوه المرحوم سعيد المنوزي من المؤسسين مع الشهيد محمد الزرقطوني للنواة الأولى لمنظمة المقاومة السرية بالدارالبيضاء، هما وصفوة من قادة المقاومة الذين آلوا على أنفسهم الإضطلاع بمهام إطلاق الشرارة الأولى واشراقات العمليات الفدائية في خلية المدينة القديمة وخلية درب السلطان فور نفي أب الأمة وبطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه. واصل الفقيد المبرور علي المنوزي بعزم وحزم مساره النضالي المحفوف بالأشواك والشدائد والمخاطر، وبرهن عن قدرة فائقة على الحركة والتنسيق وبراعة في التنظيم وإصابة الهدف ومهارة في الإفلات من قبضة السلطات الأمنية والعسكرية الاستعمارية التي أعلنتها حملة مضايقات وملاحقات على العقول المدبرة والأيادي النافذة للمقاومة المغربية . لقد كان المقاوم المرحوم علي بن محمد المنوزي ينبوعا دافقا بالشجاعة والتضحية والإقدام وأداء الواجب الوطني بثبات ونكران للذات وعنوانا ساطعا للمواطن المغربي في قوة تشبثه بالمبادئ الوطنية والالتزام والوفاء والاستقامة، غايته في ذلك استقلال بلاده وحرية وطنه وعودة الشرعية التاريخية، وإشاعة القيم الدينية والثوابت الوطنية في كافة أرجاء الوطن. ويعتبر الراحل العزيز من طينة الرجال الصادقين المخلصين للمبادئ السامية والمثل العليا ومكارم الأخلاق، خلف مسيرة نضالية حافلة بالأعمال الجليلة والتضحيات الجسام والمآثر الخالدة والإسهامات الجليلة في معترك المقاومة وساحة الشرف والتحرير، ويشهد له الجميع بغيرته الوطنية، متشبثا بشعار المغاربة الخالد: "الله، الوطن، الملك" ، متحملا لأعباء المسؤولية الوطنية والكفاحية بعزيمة لا تكل ولا تستكين دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية. وفي هذا الظرف الحزين، يتقدم السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بعبارات أحر التعازي وأصدق المواساة لعائلة الفقيد الصغيرة وعائلته الكبيرة في الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير ضارعا إلى المولى العلي القدير أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان وأن يتغمد الراحل العزيز بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وجزيل الثواب وحسن المآب وأن ينزله منزل صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا. "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" صدق الله العظيم. إنا لله وإنا إليه راجعون