قدم مسؤولون لبنانيون استقالاتهم من مناصب حكومية، أمس الاثنين، في الوقت الذي تنتهي مهلة التحقيقات اللبنانية بانفجار مرفأ بيروت. وقد تحددت مهلة التحقيق بحسب مجلس الدفاع الأعلى التي سبق أن حددها بخمسة أيام انتهت يوم أمس بشكل رسمي. وبدأت التحقيقات اللبنانية الجارية بشأن الانفجار في مرفأ بيروت، في تاريخ 5 غشت الجاري. وكانت السلطات اللبنانية، قد أعلنت الأربعاء الماضي، التحقيق في انفجار بيروت والذي يستغرق خمسة أيام. وأفاد مراسلون بأن هناك 23 موقوفا في قضية الانفجار، بعضهم محسوب على التيار العوني وحزب الله وتيار المستقبل. وفي معلومات لصحيفة «الجمهورية» اللبنانية، فإن لجنة التحقيق في كارثة المرفأ أعدت تقريرها ورفعته للأمين العام لمجلس الوزراء من أجل الاطلاع عليه في الجلسة المقررة اليوم. وحدّد التقرير المسؤوليات الإدارية عن تفجير المرفأ منذ دخول السفينة التي كانت تحمل نترات الأمونيوم إلى حين انفجارها. وقالت الصحيفة إن «نادي قضاة لبنان» سيُعلن غدا الثلاثاء عندَ الساعة الحادية عشرة قبل الظهر (بالتوقيت المحلي) «موقفا كبيرا في قصر عدل بيروت، يضع فيه النقاط على الحروف وسيشكل خطوة نوعية غير مسبوقة في تاريخ القضاء .» استقالات مستمرة وتسبب الانفجار بموجة من الاستقالات لمسؤولين لبنانيين من مناصبهم الحكومية، والتي توالت أمس الاثنين، بعد استقالات مشابهة جرت خلال الأيام الماضية. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن النائب بمجلس النواب اللبناني هنري حلو قدم كتاب استقالته إلى الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، الاثنين. ونقلت قناة «أل بي سي» اللبنانية أن وزيرة العدل ماري كلود نجم قدمت استقالتها، بسبب انفجار بيروت والاحتجاجات الغاضبة عليها. وبذلك، ارتفع عدد نواب البرلمان اللبناني المستقيلين على خلفية الانفجار الضخم في مرفأ بيروت، ليصل إلى 8 نواب بالإضافة إلى 3 وزراء، بعد إعلان وزيرة العدل اللبنانية استقالتها، الاثنين. والأحد، استقال وزيرة الإعلام منال عبد الصمد ووزير البيئة دميانوس قطار من مناصبهم، وسط توجه لوزير الاقتصاد راوول نعمة للاستقالة أيضا، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام محلية. وقالت أوساط سياسية مطلعة لصحيفة «الجمهورية»، إن هناك ضغوطا تمارس على رئيس الحكومة حسان دياب لدفعه إلى الاستقالة. وذكرت هذه الأوساط أنه تم إمهال دياب إلى الاثنين حتى يقدّم استقالته خلال جلسة مجلس الوزراء المرتقبة اليوم. ولفتت إلى أنه في حال أصر دياب على البقاء فإن الخيار الأخير أمام القوى السياسية هو «سحب الثقة من الحكومة في مجلس النواب، الذي سيبدأ جلسات مفتوحة ابتداء من الخميس المقبل» . وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري أعلن السبت، عن جلسات مفتوحة للمجلس ابتداء من الخميس المقبل في قصر الأونيسكو، لمناقشة الحكومة الانفجار في مرفأ بيروت. وفي هذا الإطار، قالت صحيفة «الشرق» إن اجتماعا وزاريا موسعا عقد مع رئيس الحكومة حسان دياب في السراي الحكومي للتشاور في خيار الاستقالة الجماعية لوزراء الحكومة. وكان لافتا منذ الصباح، بحسب الصحيفة، اجتماع رئيس الحكومة حسان دياب مع عدد من الوزراء الذين حضروا إلى السراي وهم يحملون استقالاتهم، ولكن نتيجة المناقشات جرى تجميد هذه الاستقالات في انتظار جلسة مجلس الوزراء اليوم حيث يتخذ القرار جماعيا . ونقلت الصحيفة عن «مصادر» قولها «يوجد توجه لدى دياب نحو تقديم استقالته اليوم في حال لم يوافق مجلس الوزراء على طرحه بإجراء انتخابات نيابية مبكرة ». ودعا حسان دياب، السبت الماضي، إلى عقد انتخابات نيابية مبكرة، للخروج من الأزمة الحالية التي تفاقمت بالانفجار الكارثي في مرفأ بيروت. وقال دياب إنه سيطرح الاثنين أمام البرلمان مشروع قانون انتخابات مبكرة، مؤكدا أنه السبيل الأمثل لإخراج البلاد من أزمتها الحالية. وتابع بأنه لا يتحمل المسؤولية عن الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة التي يمر بها لبنان. مطلقو النار وأصيب محتجون، مساء الأحد الماضي، في ثاني أيام احتجاجات غاضبة تطالب باستقالة الحكومة ورئيس الجمهورية والبرلمان، حيث يحملونهم مسؤولية انفجار مرفأ بيروت الثلاثاء. وخلال المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن، الأحد، قال الصليب الأحمر اللبناني عبر تغريدة على «تويتر» إن 11 فرقة من طواقمه تعمل على نقل الجرحى وإسعاف المصابين، دون إعطاء تفاصيل أخرى. وأسفرت احتجاجات السبت وسط بيروت عن مقتل شرطي وإصابة 70 عنصرا أمنيا وأكثر من 200 محتج وتوقيف 20 آخرين. وتداول نشطاء لبنانيون، السبت والأحد، صورا ومقاطع فيديو، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر مسلحين بملابس مدنية يطلقون النار على مشاركين في احتجاجات «يوم الحساب» وسط بيروت. ودعا نشطاء إلى الكشف عن هوية هؤلاء العناصر والجهات التابعين لها ومحاسبتهم. وتضاربت أنباء بشأن نوعية الرصاصات التي أطلقوها بين حي ومطاطي. ونشرت الناشطة رشا الحلبي، صورة تظهر عناصر بملابس مدنية يطلقون النار، وأخرى تظهر رصاصة حية. وقالت إن «عدسات المتظاهرين رصدت قيام عناصر الجيش بإطلاق النار على المتظاهرين». وقال محمد خليفة، أستاذ الجراحة في المركز الطبي في الجامعة الأمريكية في بيروت: «للعلم فقط، الرصاص المطاطي ممكن أن يقتل أو يسبب عطلا دائما (..) فقط أمس بإحدى المستشفيات 7 عيون (open surgical eyes) وطحال بالبطن مفجور». ونشر الإعلامي وسام بريدي، صورا لعناصر بملابس مدنية، وهم يطلقون النار، قائلا: «هذه بيروت بعد 4 أيام من الانفجار الهائل». نفي رسمي ونفى كل من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والجيش انتماء هذه العناصر إليهما. وقالت المديرية، في بيان: «تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صورا تظهر أحد الأشخاص باللباس المدني، وهو يطلق النار باتجاه المتظاهرين ظنّاً منهم أنه النقيب حسين دمشق، أحد ضباط قوى الأمن الداخلي». وأضافت أن هذا «الخبر عار عن الصحة.. عناصر قوى الأمن لم تطلق أي نوع من أنواع الرصاص الحي أو المطاطي». ونفت قيادة الجيش «ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي حول صورة تظهر أحد الأشخاص باللباس المدني وهو يطلق النار باتجاه المتظاهرين مدعية أنه العقيد جان غنطوس رئيس مكتب أمن بعبدا». وشددت القيادة، في بيان، على أن «عناصر الجيش لم يطلقوا أي نوع من أنواع الرصاص الحي باتجاه المدنيين وسط بيروت». رفض وزارة الإعلام ورفض كل من الإعلامية منى أبو حمزة والفنان رامي عياش توليهما لحقيبة وزارة الإعلام، وذلك بعد استقالة الوزيرة منال عبد الصمد، إثر تداعيات انفجار بيروت. وكتبت الإعلامية منى أبو حمزة عبر صفحتها الخاصة على «تويتر»: «موضوع الوزارة غير وارد.. مكاني بين الناس.. ياسمين ليست بأغلى من ألكسندرا وسحر.. وأيمن وإياد ليسوا بأغلى من جو وعلي.. بحبكم كلكم يعني كلكم». وأكد الفنان رامي عياش رفضه للمنصب الوزاري، حيث قال في تغريدة: «أنا لست بديلا عن أي وزير، ورفضت ذلك سابقا، والبديل يجب أن يحترم كرامات الناس ودماء الناس، اليوم بدل إنقاذ الناس وإيقاف الغرق نقوم بترتيب المقاعد على سفينة غارقة». ولقي رفض عياش وحمزة تأييدا وتفاعلا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم بتسن التأكد من مصادر رسمية حول عرض المنصب بصورة رسمية على الإعلامية أبو حمزة والفنان عياش. جثث مجهولة الهوية بدوره، قال محافظ بيروت مروان عبود، إن جثثا كثيرة لضحايا انفجار المرفأ لا تزال مجهولة الهوية ومعظمها لسائقي شاحنات وعمال أجانب. وصرح مروان عبود خلال مداخلة هاتفية مع تلفزيون «الجديد» اللبناني بأن عمليات البحث لا تزال مستمرة من دون توقف، مضيفا أنه حتى الآن لا يزال هناك 7 مفقودين. وأفاد محافظ بيروت بأنه قد تم العثور على جثتين الأحد، لكن لم يتم تحديد هوّية صاحبيهما حتى الآن. وأشار عبود إلى وجود مفقودين غير مصرح عنهم، موضحا أن ذلك يصعب عملية البحث. وفي السياق، تجمع العشرات، الأحد، بالعلم اللبناني والشموع، في محيط مرفأ بيروت، متذكرين ضحايا الانفجار. ووفق مراسل الأناضول، فقد احتشد مجموعة من اللبنانيين، بأعمار ومناطق مختلفة، بعلم البلاد، في محيط المرفأ، مطالبين بضرورة «إعادة إعمار ما تهدّم». وفي المساء، أقيمت في المكان نفسه مسيرة إضاءة شموع تتذكر أرواح ضحايا انفجار المرفأ. وأضاء الحضور الشموع آملين بأن يحمل نورها السلام للبنان والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى. وفي 4 غشت الجاري، قضت العاصمة اللبنانية ليلة دامية، جراء انفجار ضخم في مرفأ بيروت، خلف 158 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح، ومئات المفقودين، بحسب أرقام رسمية غير نهائية. ووفق تحقيقات أولية، فقد وقع الانفجار في عنبر 12 من المرفأ، الذي قالت السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طنا من «نترات الأمونيوم» شديدة الانفجار، كانت مصادرة ومخزنة منذ عام 2014. ويزيد انفجار بيروت من أوجاع بلد يعاني منذ أشهر، تداعيات أزمة اقتصادية قاسية، واستقطابا سياسيا حادا، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.