محمد عبد النباوي : أؤكد حرصي كرئيس للنيابة العامة على التعاون البناء مع وزارة العدل السيدات والسادة أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية المحترمين؛ إن حضوركم السيد الوزير، اليوم، بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، هو بالأساس تفعيل للقانون التنظيمي للمجلس الذي أتاح هذه الإمكانية من أجل خلق جسور صلبة للتعاون بين السلطات للعمل المشترك لفائدة مصالح الوطن والمواطن. وبذلك فإن هذا الحضور، لئن كان يجسد الترجمة الرسمية لمقتضى دستوري وقانوني، يرفع العلاقة بين السلطات الدولية إلى أعلى مستويات النبل الأخلاقي والشرف المهني، يجعل إرادة السلطات تنصهر في اتجاه واحد رغم انفصالها، وتتفق على نفس الأهداف والمصالح رغم اختلافها، دون أن يجردها ذلك الانصهار، وذاك الاتفاق من استقلالها وتميزها. فإنه -حضوركم- يكتسي قيمة معنوية ومادية أخرى، ويعتبر بمثابة إعلان منكم عن انخراطكم في السياسة الملكية الرشيدة الرائدة نحو بناء سلطة قضائية مستقلة عن باقي السلطات، تحمل مشعل إقامة العدل وتحقيق الإنصاف وحماية الحقوق وفرض الواجبات على جميع الأشخاص، بما يرسخ سيادة القانون ويؤكد المساواة في تطبيقه بين الجميع. كما أنه يؤكد – إذا كان الأمر يحتاج لتأكيد – إيمانكم باستقلال القضاء، وصفاء إرادتكم لبلورة هذا الاستقلال من خلال الصلاحيات المخولة لكم بمقتضى القانون. كما يتجلى من كلمتكم التي أبانت عن وفرة البرامج وغنى المنجزات رغم قصر المدة التي توليتم فيها أمانة تسيير وزارة العدل. هذه الوزارة المهمة والتي – وإن تغيّر جزءٌ من صلاحياتها نتيجة لتأسيس السلطة القضائية – فإن أهميتها تظل قائمة بمقتضى الاختصاصات الأخرى التي ظلت تحتفظ بها من جهة. وكذلك بسبب دورها المحوري في ضمان سير المؤسسات القضائية، وسيطرتها على الموارد المادية والمالية والبرمجيات الإعلامية، وإدارتها لشؤون الموارد البشرية العاملة بالمحاكم. وهو ما يجعل عمل السلطة القضائية رهينا بمدى تعاون مصالحكم وسرعة استجابتها لطلبات مؤسسات السلطة القضائية. السيد الوزير المحترم؛ لا أعتقد أن مناسبة مثل هذه، وهو يوم تاريخي سيُحْتفَظُ بتاريخه في سجلات هذا المجلس، يمكن أن تمر دون أن أتقدم إليكم بالشكر والامتنان، والثناء والإجلال والتقدير : أولاً : باسمي وباسم كافة زملائي أعضاء هذا المجلس الموقر، الذين يثمنون مبادرتكم الكريمة هذه، بالحضور بينهم وتقديم هذا العرض الغني بالمنجزات؛ ثانياً : باسمي كوكيل عام للملك لدى محكمة النقض، وباسم كافة زملائي من القضاة والموظفين بالنيابة العامة لديها، من أجل الخدمات الجليلة التي تقدمها مصالح وزارتكم للنيابة العامة بتلك المحكمة؛ ثالثاً : باسمي كرئيس للنيابة العامة، وباسم كافة قضاة النيابة العامة بالمملكة ومساعديهم من الموظفين، من أجل فضيلة الاستماع التي ألمسها في معاليكم منذ تعيينكم على رأس الوزارة. وكذلك من أجل استجابتكم ومبادراتكم السريعة لدراسة الطلبات والمقترحات التي تتقدم بها إليكم النيابة العامة. وإنني، إذ أؤكد لكم – من منطلق ما لمسته وعاينته شخصياً، من توفركم على إرادة صادقة للتعاون، وتحليكم بالأخلاق الفضلى اللازمة لمسؤول سام في مكانتكم، وكذلك لما لمسته فيكم من إيمان بدوركم في بناء سلطة قضائية مستقلة، كما رسمه لكم جلالة الملك رئيس هذا المجلس نصره الله. وكما حدده الدستور والقوانين. وهو ما تجسد في حرصكم على وضع مستلزمات سير العدالة خلال فترة الطوارئ الصحية، ولاسيما ما يتطلبه الأمر من تدابير حمائية بالمحاكم وما اقتضاه الموقف من توفير القدرات التقنية للمحاكمة عن بعد. فإنني أنتهز هذه المناسبة لأؤكد لكم أن التعاون بين وزارتكم وهذا المجلس من جهة وبينها وبين رئاسة النيابة العامة من أجل توفير خدمات العدالة لمواطنينا. ذلك أنكم تعلمون أن وزارتكم مستأمنة بمقتضى القانون على الموارد البشرية والمالية والمادية والبرمجيات المعلوماتية اللازمة لسير العدالة. ولذلك فإن إجادة تسخير هذه الموارد لغاياتها الفضلى، يجسد – بلا شك علامات النجاح لوزارتكم. وأن القطاعات المسؤولة عن هذا النوع من الخدمات بمصالحكم، لها أن تقيس جودة أدائها على ضوء الخدمات التي تقدمها للعدالة، التي تُعتَبرون شريكاً فيها وتتقاسمون معنا نجاحاتها وإخفاقاتها. فلنا تدبير العمل القضائي، ولكم توفير المتطلبات اللازمة لذلك التدبير. وإذ أشدد على تفاؤلي شخصيا بكلماتكم الأخيرة التي أكدتم فيها حرصكم على التعاون. فإني أؤكد لكم من جهتي حرصي كرئيس للنيابة العامة على التعاون البناء مع مصالح وزارتكم لإدراك أعلى مستوى من التنسيق والتعاون حتى نكون جميعاً عند حسن ظن جلال الملك بسلطات الدولة، ونتمكن من تقديم أحسن الخدمات وأجودها للمواطنين بما يخدم قيم العدالة، ويحقق الثقة فها، ويجعل أداءها محفزاً للاستثمار ومشجعاً على الاستقرار.