ثمن مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أول أمس الثلاثاء، حضور محمد بنعبد القادر، وزير العدل، في اجتماع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بقوله، " إنها مبادرة رمزية تحمل أبعادا دستورية وتنظيمية عميقة تجسد معاني التعاون والشراكة والتواصل والانفتاح في سياق مسار إصلاحي كبير يقوده جلالة الملك محمد السادس رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية بكل جرأة وحكمة وتبصر". كما نوه الأستاذ فارس بالجهود الكبيرة التي بذلها وزراء العدل السابقون الذين ساهموا " معنا جنبا إلى جنب بكل وطنية من أجل تأسيس جسور شراكة حقيقية بين السلطتين في جو من الاحترام والحوار البناء، والانخراط التام من أجل بناء تقاليد وممارسات فضلى ووضع آليات ناجعة تكون حصنا لهذا الاستقلال في مواجهة كل التحديات والإكراهات". وعرج الأستاذ فارس في كلمته بالمناسبة، إلى حالة الطوارئ التي تعيشها بلادنا، معتبرا إياها، فرصة ملائمة لتعبير السلط والمؤسسات عن استمرارية انخراطها في دينامية التعاون من أجل مواجهة كل إكراهات الوضع الصحي الاستثنائي الذي تعرفه الإنسانية بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد وما نتج عنه من تداعيات على مرفق العدالة. وفي هذا الإطار، اعتبر فارس أن هذه المحطة تاريخية، تم فيها تجاوز كثير من عقباتها نتيجة وجود هذه الأرضية الصلبة المستندة على قيم الشراكة والتضامن والمبادرة، والتي خولت اتخاذ العديد من القرارات الهامة والتدابير الناجعة غير المسبوقة وأن يتم تحقيق حصيلة متميزة على مختلف المستويات. وفي سياق تكريس التعاون بين وزارة العدل والسلطة القضائية، أكد الأستاذ فارس إلى أن هذه المرحلة كانت "محطة وامتحان استثنائي صعب، برهانات متعددة، مما ألزمنا كثيرا من التنسيق وتوحيد الجهود والحوار الدائم من أجل ضمان استمرارية أداء مسؤولياتنا وواجباتنا الدستورية والقانونية والحقوقية والإنسانية بموازاة مع ضمان تفعيل كل التدابير الوقائية والاحترازية التي تحفظ صحة وسلامة الجميع". وشدد في ختام كلمته على تعزيز هذا التعاون قائلا، إن "التحديات المستقبلية للعدالة سواء وطنيا أو دوليا لن نتمكن من مواجهاتها إلا بتقيدنا جميعا بنفس الرؤية والمقاربة الاستراتيجية وبنفس روح الشراكة والتعاون واحترام الأسس والركائز بعيدا عن أي منطق غير المصلحة الفضلى للوطن". ومن جهته، قال محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، إن حضور محمد بنعبد القادر، وزير العدل، في اجتماع المجلس الأعلى للسلطة القضائية "ترجمة رسمية لمقتضى دستوري وقانوني" . وأضاف أن هذا الحضور "هو بالأساس تفعيل للقانون التنظيمي للمجلس الذي أتاح هذه الإمكانية من أجل خلق جسور صلبة للتعاون بين السلطات للعمل المشترك لفائدة مصالح الوطن والمواطن". وخاطب رئيس النيابة العامة، وزير العدل بالقول "حضوركم يكتسي قيمة معنوية ومادية أخرى، ويعتبر بمثابة إعلان منكم عن انخراطكم في السياسة الملكية الرشيدة الرائدة نحو بناء سلطة قضائية مستقلة عن باقي السلطات، تحمل مشعل إقامة العدل وتحقيق الإنصاف وحماية الحقوق وفرض الواجبات على جميع الأشخاص، بما يرسخ سيادة القانون ويؤكد المساواة في تطبيقه بين الجميع". وبعد أن وجه الشكر لوزير العدل، شدد رئيس النيابة العامة التأكيد على إرادة وزير العدل، قائلا "من منطلق ما لمسته وعاينته شخصياً، من توفركم على إرادة صادقة للتعاون، وتحليكم بالأخلاق الفضلى اللازمة لمسؤول سام في مكانتكم، وكذلك لما لمسته فيكم من إيمان بدوركم في بناء سلطة قضائية مستقلة، كما رسمه لكم جلالة الملك رئيس هذا المجلس. وكما حدده الدستور والقوانين. وهو ما تجسد في حرصكم على وضع مستلزمات سير العدالة خلال فترة الطوارئ الصحية، ولاسيما ما يتطلبه الأمر من تدابير حمائية بالمحاكم وما اقتضاه الموقف من توفير القدرات التقنية للمحاكمة عن بعد", وأكد النباوي على التعاون بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية من جهة وبينها وبين رئاسة النيابة العامة من جهة أخرى، من أجل توفير خدمات العدالة للمواطنين، مضيفا بالقول "تعلمون أن وزارتكم مستأمنة بمقتضى القانون على الموارد البشرية والمالية والمادية والبرمجيات المعلوماتية اللازمة لسير العدالة". وأبرز في هذا الصدد، قائلا "لذلك فإن إجادة تسخير هذه الموارد لغاياتها الفضلى، يجسد بلا شك علامات النجاح لوزارتكم. وأن القطاعات المسؤولة عن هذا النوع من الخدمات بمصالحكم، لها أن تقيس جودة أدائها على ضوء الخدمات التي تقدمها للعدالة، التي تُعتَبرون شريكاً فيها وتتقاسمون معنا نجاحاتها وإخفاقاتها. فلنا تدبير العمل القضائي، ولكم توفير المتطلبات اللازمة لذلك التدبير". وشدد محمد عبد النباوي، في ختام كلمته، مرة أخرى، حرصه كرئيس للنيابة العامة على التعاون البناء مع مصالح وزارة العدل ل "إدراك أعلى مستوى من التنسيق والتعاون حتى نكون جميعاً عند حسن ظن جلالة الملك بسلطات الدولة، ونتمكن من تقديم أحسن الخدمات وأجودها للمواطنين بما يخدم قيم العدالة، ويحقق الثقة فها، ويجعل أداءها محفزاً للاستثمار ومشجعاً على الاستقرار". أما وزير العدل، محمد بنعبدالقادر، فاعتبر أن جائحة كوفيد-19 أظهرت الحاجة إلى تنسيق الجهود بين السلطة القضائية ووزارة العدل لإنجاز المشاريع المتعلقة على وجه الخصوص بعقد المحاكمات عن بعد. وأبرز بنعبدالقادر، خلال اجتماع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن الظروف الاستثنائية المرتبطة بكوفيد 19 التي يمر بها المغرب أظهرت الحاجة إلى تنسيق الجهود وتعزيز آليات التواصل بين وزارة العدل والسلطة القضائية. وأوضح أن وزارة العدل، وفي إطار الاختصاصات الموكولة إليها في مجال التدبير الإداري للمحاكم ومن منطلق مسؤوليتها لضمان الأمن الصحي داخل المرافق القضائية، وحماية كل العاملين بها، انخرطت لتفعيل الإجراءات والقرارات المتخذة بالتنسيق والتشاور مع الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة، وعلى رأسها قرار تعليق انعقاد الجلسات بمختلف محاكم المملكة. وأضاف أن الوضعية التي عرفها قطاع العدل بالمملكة بسبب جائحة كورونا أظهر الحاجة الماسة إلى بلورة تصور جديد في مجال التحديث والرقمنة، يرتكز على استراتيجية جديدة تتجاوز المقاربة التجزيئية إلى مقاربة شمولية متكاملة، تعتمد على استثمار ما تحقق في هذا الورش المهم من منجزات وتراكمات. وتابع أنه في هذا الإطار، انكبت وزارة العدل على إعداد مخطط توجيهي للتحول الرقمي بمنظومة العدالة سيمكن من التوفر على وثيقة مرجعية ورسمية مكتوبة تتضمن رؤية استراتيجية تستشرف المستقبل وبرنامج عمل واضح ودقيق لكل العاملين والمشتغلين على هذا الورش الاستراتيجي الكبير.