يحتل الفنان ميمون أورحو موقعا متميزا في خريطة الغناء الأمازيغي الأصيل الذي ترنم بالإنسان و الطبيعة و الحب و الحياة و الموت.. ويبدع أغانيه و إيقاعاته من خلال إصاخته السمع لنبض الجبال و حفيف أفنان الأشجار و هدير المياه المتفجرة من المنابع، فيفتح في دواخل عشاقه و محبيه أكواما و عوالم رائقة تنبض حياة و معنى. كانت الصرخة الأولى لهذا الفنان عام 1965 م بمدينة أزرو، المشهورة عالميا بشجرة أرز كورو التي يفوق عمرها، حسب بعض المؤرخين سبعة قرون، و في سن الرابعة عشرة انجذب إلى الفن الأمازيغي مصغيا بكل حواسه، ما ظهر منها و ما بطن، إلى بناصر و خويا و حادة أوعكي و موحى المودن المعروف بموحى إدزر و حساين بومية أب موحى مزيان و محمد رويشة و محمد مغني . و الفنان ميمون أورحو متعدد، فهو شاعر و ضابط إيقاع و ملحن و مغن.. و عندما يظهر له شريط أو قرص مدمج في السوق الفنية، يسارع محبو الفن الأمازيغي إلى اقتنائه بفرحة عارمة و الاصغاء إلى الأغاني التي يضمنها بأذن موسيقية، و بتركيز شديد لأنها غنية بالانزياحات التي تكاد تضاهي الانزياحات التي تواجهنا في نصوص شعرية معاصرة يكتبها شعراء متمرسون يصطلون و يكتوون بنار الشعر. في سنة 1981م انخرط في ممارسة الفن بشكل فعلي كضابط إيقاع باليد اليسرى، و العارفون بأسرار الفن يقرون بأن من ينقر على البندير باليسرى تكون له جرعة زائدة، و يمني كل عازف على الكمان بالأطلس بأن يكون ميمون ضمن مجموعته الغنائية حتى يحظى أكثر من غيره بتنشيط الحفلات و الأعراس و المواسم، و في سنة 1986م، شرع ميمون أورحو في تسجيل أغانيه بعدة استديوهات، فذاع اسمه و اتسعت مساحة شهرته و احتل القلوب و أصبحت له في المنازل منازل على حد تعبير الشاعر المتنبي. و لما تألق نجمه في سماء الفن، قام الفنان ميمون سنة 1993م بتكوين مجموعة غنائية، نذكر من أسمائها مولاي حلواني عازف على الكمان، و كوردة ضابط ايقاع، و حمامة مغنية، فكانت النتيجة كثرة الطلب على هذه المجموعة لتنشيط الأعراس و الحفلات و المناسبات، و المشاركة في مهرجانات داخل الوطن و خارجه، ببلجيكا و هولاندا و سويسرا و فرنسا و ألمانيا و الإمارات و البحرين. و لا يمكن إغفال مشاركة الفنان المذكور في مسابقة فنية نظمتها الإذاعة الوطنية سنة 2004م، حصل خلالها على الأسطوانة الذهبية، و فضلا عن ذلك شارك في مهرجان شعر العالم الذي احتضنته سردينيا بإيطاليا سنة 2011م و هناك تسلم شهادة تقديرية تنويها بعطائه الفني. و يتسم رصيده الغنائي، بالوفرة من حيث العدد، اذ استطاع أن يبدع إلى حد الآن 900 أغنية، مع ضرورة الإشارة إلى أن الأغنية التي اشتهر بها الراحل مصطفى العكري ( أوراش نيغ العيب أيمانوتدوت ) هي من إبداع ميمون أورحو الذي يبقى أيقونة فنية غنائية خلاقة، و يستحق بمعية فنانين آخرين الكثير من الاهتمام و التقدير و التشجيع لأنهم يصنعون الأفراح لنا حتى و إن كانت دواخلهم تحترق كمدا.