مدة عملية جراحية تجميلية تتجاوز بكثير نظيرتها في الأمراض الأخرى خصت الدكتورة وفاء مرادمي، اختصاصية جراحة التجميل ورئيسة الجمعية المغربية لجراحة التجميل، وكالة المغرب العربي للأنباء بحوار قدمت فيه لمحة عامة عن جراحة التجميل وخصوصياتها وتحدياتها. ما هي الوضعية الحالية لهذا التخصص الطبي بالمغرب ؟ جراحة التجميل بالمغرب ارتقت إلى أعلى المستويات سواء على المستوى التقني أو التكنولوجي والانضباط المهني. فالاختصاصيون المغاربة في جراحة التجميل ذاع صيتهم على الصعيد الدولي. وبات الأجانب يحطون الرحال بالمملكة للقيام بعمليات جراحية تجميلية، ليس بسبب انخفاض الأسعار، بل بفضل الكفاءة والخبرة اللتين يتميز بهما هذا التخصص ببلادنا. وعندما تسجل حالة وفاة في جراحة التجميل أو في أي عملية جراحية أخرى، فهذا لا يعني أنها تمت بطريقة غير صحيحة، بل بسبب حدوث مضاعفات. إذ يمكن لأي عملية جراحية أن تكون محفوفة بالمضاعفات، وقد تفضي للأسف، إلى الوفاة. ما حدث بالرباط مأساة حقيقية بالنسبة لعائلة الراحلة في المقام الأول، لأن مثل هذه الأمور لا نضعها إطلاقا في الحسبان. الأمر يشبه إلى حد كبير لحظة الولادة، التي من المفروض أن تكون حدثا سعيدا في أغلب الأحيان. الأمر ذاته ينطبق على جراحة التجميل التي من المفترض أن تكون لحظة سعيدة. إنها لحظة يستعد لها المرء لكي يصبح أكثر جمالا ورشاقة، ولكن يمكن أن تحدث مضاعفات في جراحة التجميل شأنها في ذلك شأن باقي العمليات الجراحية. هناك أسباب وتفسيرات، ولكن بالتأكيد ليس لأن العملية تمت بطريقة غير صحيحة. هل هناك قانون ينظم اختصاص جراحة التجميل ؟ لا يوجد قانون على النحو المتعارف عليه، ولكن لدينا قواعد على غرار كافة العمليات الجراحية. فنحن ننضوي تحت لواء مجلس هيئة الأطباء، كتخصص طبي جراحي مستقل. يتطلب التخصص في جراحة التجميل إتمام 14 سنة على الأقل من الدراسة بعد الحصول على شهادة البكالوريا. كما نؤدي القسم على أن نعالج ونجري عمليات جراحية للمرضى ونتكفل بهم في أفضل الظروف، ولكن أؤكد مرة أخرى على أن الطب علم من العلوم، وللأسف يمكن أن تحدث مضاعفات. هل أنتم مقيدون ب"الالتزام بالنتيجة" ؟ هذا غير صحيح بالمرة، وهو أمر يوجد في اللاوعي لدى كثيرين. الأمر يتعلق بأسطورة حضرية تشبه إلى حد كبير وجود تماسيح في شبكات الصرف الصحي في نيويورك. فنحن مقيدون بما نسميه "التزام الوسائل المعززة"، وهذا يعني أنه عندما يأتي مريض إلى عيادتنا للاستشارة أو طلب إجراء عملية جراحية، يتعين علينا أن نشرح له أنه بناء على طبيعة جسمه أو وجهه، نلتزم بأن نقدم له هذه النتيجة أو تلك. ولذا فإن التزام الوسائل المعززة يعني أننا ملزمون بأن نقترح على المريض كافة التقنيات والكفاءات والمعارف العلمية والتكنولوجيا لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة في جراحة التجميل بناء على حالته الخاصة، فالأجسام لا تتشابه، تماما مثل الوجوه والجلد والدهون. هل هناك تداخل بين ممارسة جراحة التجميل من قبل اختصاصيين مؤهلين أو أولئك الذين يمارسونها دون إجراء أي تكوين (أخصائيو جراحة الطب الباطني، صالونات التجميل، أطباء الجلد…)؟ هذا الموضوع يثير اهتمامي، تماما مثل كافة اختصاصيي جراحة التجميل. ففي جراحة التجميل، لا يحق إلا للأطباء المؤهلين في المجال ممارسة هذا الاختصاص. وما عدا أخصائيي جراحة التجميل، لا يحق لأي أخصائي آخر إجراء جراحة تجميل. صحيح أنه من الممكن إجراء دورات تكوينية، ولكن ذلك لا يعوض في أي حال من الأحوال سنوات الدراسة. طب التجميل، الذي يتعلق بكل ما هو آلي أو حقن مثل البوتوكس، وحمض الهيالورونيك، والبلازما الغنية بالصفائح الدموية، والميزوثيرابي، يمارسه أخصائيو جراحة التجميل وكذلك أطباء الجلد وغيرهم من الأطباء العامين أو الحاصلين على دبلومات في هذا التخصص. وفي المقابل، يتم إجراء بعض العمليات الجراحية التجميلية بشكل غير قانوني تماما وخارج القانون من قبل خبراء التجميل، والعاملين في صالونات التجميل، ومصففات الشعر، والممرضات، وغيرهم. إنها ممارسة غير قانونية بتاتا تستوجب نظريا أن يعاقب عليها بموجب القانون. ما هي التحديات التي يواجهها هذا التخصص في المغرب ؟ يكمن التحدي في تحسيس عامة الناس بشكل أفضل حول ماهية جراحة التجميل. فعلى المستوى الطبي، يطلب بعض المرضى إجراء عمليات جراحية كبيرة استعدادا لحضور حفل زواج في غضون أيام معدودة. قد يبدو الأمر مثيرا للسخرية، لكنه قريب جدا من الواقع في بعض الحالات. ويجب أن يعرف الناس أيضا المعنى الحقيقي للعملية الجراحية، وأن مدة عملية جراحية تجميلية غالبا ما تتجاوز بكثير نظيرتها في الأمراض الأخرى. كما لا ينبغي أن يعتقد الناس أنها جراحة بسيطة ولا تستوجب الخضوع لفترة نقاهة. بل على العكس من ذلك، ففي العمليات الجراحية الكبيرة لشفط الدهون وشد البطن، تكون فترة النقاهة أهم بكثير من نظيرتها عقب عمليات التهاب الزائدة الدودية أو التهاب الصفاق أو الولادة القيصرية، على سبيل المثال لا الحصر. وبالتالي، فإن التحدي يكمن في تحسيس الناس بكل شفافية ونزاهة ومصداقية. غالبا ما تكون التقارير الإعلامية حول جراحة التجميل سطحية للغاية ولا تتحدث بإسهاب عن ماهية هذا التخصص. صحيح أنه تم إنجاز عدة ربورتاجات من قبل القنوات الوطنية وبعض الصحف الوطنية الورقية والإلكترونية واسعة الانتشار، لكنها لا تغوص في أعماق جراحة التجميل. فعندما لا نتحدث عن فضائح جراحة التجميل، نتحدث عن عمليات بسيطة كما لو كنا ذاهبين لصالون الحلاقة، في حين أن الأمر مختلف عن ذلك تماما.