طلب وزير العدل محمد بن عبد القادر تأجيل اجتماع اللجنة الوزارية بشأن مشروع قانون رقم 22.20، المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة. كما ربط التأجيل، بالإضافة إلى الشرط الزمني غير المناسب، بإجراء المشاورات اللازمة مع كافة الهيئات المعنية. هذا المطلب، الذي سيعرض، ولا شك، في المجلس الحكومي على أنظار رئيس الحكومة ومكونات المجلس للحسم فيه والتجاوب معه، كما تشير إلى ذلك مستجدات النقاش العمومي والمؤسساتي والمواقف المعلنة حول الموضوع، يطرح بعض الملاحظات تتعلق بما سيليه: – إن مصادقة الحكومة، المعلن عنها في البلاغ الصادر عن اجتماعها يوم 19 مارس 2020، تجعل من الحكومة صاحبة المشروع، وعليها سواء في التبني كما في التأجيل المنتظر أن تتحمل هذه المسؤولية كاملة، بالوضوح الذي تتطلبه أخلاق المسؤولية المشتركة وينتظره الرأي العام. – إن الحكومة تدرك تمام الإدراك أن موعدها مع الرأي العام، الذي يعقب كل اجتماع أسبوعي لها، هو موعد حاسم، سترافقه، أكثر من أي وقت مضى، درجة ترقب عالية بخصوص قراراته وبلاغه، مما يعطي الاجتماع المقبل صبغة خاصة. – إن الرأي العام لا شك سينتظر البلاغ الأسبوعي،الذي يتلوه الناطق الرسمي باسمها ، بالوضوح التام في التعبير عن المسؤولية السياسية الواضحة للحكومة كمؤسسة دستورية واحدة. والوضوح، هنا، مطلوب في التعبير السياسي، كما في التعبير الإعلامي، في الموقف الذي سيصدر عن الحكومة، بما يرفع من منسوب ثقة المواطنات والمواطنين في وعيها الجماعي وفي تصرفها وفقا لأعراف العمل المؤسساتي وتقاليده. إن تأجيل النظر في بنود القانون، بعد إعادة نظر عميقة وتأهيل شفاف وقوي يساير المبتغى الدستوري المتفق عليه وطنيا، هو مناسبة لتصحيح الأوضاع وإعادة الاعتبار للمسؤولية الجماعية ، وإعادة النقاش المؤسساتي والعمل الجماعي إلى سكته. ويبقى الشرط الأقوى في إعادة تقدير الموقف، هو ذاك المرتبط بإجراء المشاورات اللازمة مع كافة الهيئات المعنية ، لأنه شرط وجوب الآن، حتى تتم صياغة المشروع ومناقشته والمصادقة عليه، تحت المظلة الدستورية الوطنية الحامية للحريات، وعلى قاعدة التزامات المغرب الكونية بخصوص المعايير المتعارف عليها دوليا للحقوق والحريات. وهو إلى جانب ذلك، محكوم عليه بالتجاوب مع مطالب جميع المتدخلين والمعنيين والمهنيين، ومن ضمنهم كل الاتحاديات والاتحاديين الذين لم يحيدوا عن أخلاق الالتزام والمسؤولية، بالرغم من كل الهجمات الظالمة والتكالب المشبوه الذي مثَّل بحزبهم وتاريخه المشرق والمجيد. وهي مناسبة، من حيث الانتماء للأفق الإنساني المشترك، لفتح النقاش حول التجارب الدولية في هذا الباب، واستلهام الاجتهادات الدولية، بخصوص القوانين المنظمة لكل الفضاءات الديموقراطية، كما سبق أن حدث ذلك مع القوانين المتعلقة بالحياة الحزبية والنقابية والقوانين المرتبطة بالإرهاب والتحريض على العنف والحقد والعنصرية والكراهية.. إلخ. هي إذن فرصة للحقيقة والمسؤولية، ولتعزيز الثقافة المؤسساتية واحترام الأعراف والقوانين التنظيمية للعمل الحكومي الجماعي، وأيضا لتقدير الموقف من زاوية الامتثال للثقافة الحقوقية المتقدمة، التي أصبحت فلسفة وجود الدولة ومشاريعها التحديثية بقيادة جلالة الملك.. هي فرصة لا نشك أنه سيكون لها ما بعدها..