في الوقت الذي تتواصل الإعلانات عن كل ما هو جديد في عالم المكيفات، هناك في مناطق جبلية بالمغرب العميق أناس وأطفال لا يجدون ما «يسخنون» به أجسادهم المرتعشة من شدة البرد وقساوة الثلوج، حيث تختفي العديد من القرى والمداشر بالأطلس المتوسط خلف حياة العزلة والثلوج، فتتحول إلى «عالم بلا خرائط» من الصعب الولوج إليه، وغالبية السكان هنا من دون مؤونة أو طعام وغاز، ولا ما يكفي من الأغطية واللباس والدقيق والأدوية، علما بأن حالة المقاومة الصعبة التي يواجهها هؤلاء السكان حيال انخفاض درجة الحرارة قد يتعذر وصفها دون تفاصيل مؤلمة، وكم هي المرارة قاسية في افتقار هؤلاء أو أولئك لحطب التدفئة الذي تنضاف مشكلته إلى باقي المشاكل الأخرى من قبيل العزلة عن العالم الخارجي وانعدام البنى التحتية والمرافق اللازمة، وتلف المراعي والمزروعات وارتفاع أسعار المواد الأساسية. والمؤكد أن اللون الأبيض ليس رمزا للحياة في كل مرة، فكما هو لون لباس العروس، فإنه أيضا لون الكفن، كما أن الثلج ليس في كل مرة يكون رمزا للترفيه والأفراح، وعندما ابتهجت عدة دول، قبل شهرين، بتساقط الثلوج لغاية استكمال أجواء الاحتفال برأس السنة الميلادية في جو راقص وسط شجيرات الصنوبر وهدايا "بابا نويل" وبطائق "العربات المجرورة بالغزلان فوق الجليد"، المؤكد أن أطفالا في"المغرب العميق" يرتعشون الآن تحت بيوتهم الطينية من شدة برودة هذه الثلوج، ولا يطلبون أكثر من خبز للأكل وحطب للتدفئة وحلول لانتشالهم من عزلة جغرافية قاسية. «عراة» في العزلة الثلوج والأجواء الباردة تسببت في معاناة آلاف السكان خلف المسالك الوعرة ضمن رقع متناثرة على جغرافية إقليمي ميدلت وخنيفرة، حيث تحدث السكان هنا وهناك عن بشاعة العزلة بمناطق ميدلت، أغبالو بومية، تقاجوين، إيتزر، تونفيت، أنمزي، سيدي يحيى أوسعد، أكديم، سيدي يحيى أويوسف، آيت سعدلي، آيت مرزوك، تمالوت، أغدو، أنفكو، تيرغيست، تغدوين، آيت بوعربي، إمتشيمن، القباب، كروشن، أجدير وأسول وغيرها من المداشر التي ليس سهلا الوصول إليها أو الخروج منها، رغم محاولات بعض السكان للتزود بحاجياتهم المعيشية والغذائية الضرورية والفحم وحطب التدفئة، في حين ساهمت هذه الظروف في إجبار التلاميذ والأساتذة على "استعمالات زمنية" استثنائية و"عطل" غير مبرمجة جراء أحوال الطقس الصعبة ، التي إذا لم تتسبب في معاناة الأطفال كلما تمددت المسافات وتجمدت أطرافهم من شدة البرد وهم شبه «عراة» يسعلون ويعيشون على "الخبز والأتاي" حول قبس من النار. ولا أحد في المغرب وغير المغرب ينسى «فاجعة أنفكو»، ورغم المساعدات والتغذية والأغطية والحليب والدمى التي تم نقلها إلى المنطقة المنكوبة لم يصدر أي بلاغ ينفض الضبابية عن الحقيقة المغيبة في شأن «لون الموت» الذي حصد الأطفال بهذه المنطقة وأخواتها، وكل الحصيلة الرسمية بخصوص الكارثة مازالت حبيسة الآراء والأرقام المتضاربة، حتى ما بعد تجاوز عدد الضحايا ل 35 طفلا ورضيعا، كما أن السلطات المسؤولة، بما فيها وزارة الصحة آنذاك، لم تتخلص من منطق التعتيم في احتفاظها بتصريحاتها . بتونفيت، إقليم ميدلت، وضواحيها سجلت تساقطات ثلجية كثيفة على المناطق التي تعرف عزلة تامة عن العالم الخارجي، حيث لم يفت أحد الجمعويين من المنطقة التصريح للجريدة بقوله : «إذا كان جميع الفلاحين والمزارعين قد استبشروا خيرا بالتساقطات المطرية، فالمؤكد أن الأمر يختلف كليا بالنسبة للقابعين تحت سقوف المداشر المتاخمة لجبال الأطلس المتوسط، والتابعة لضواحي تونفيت مثل "أيت مرزوك " و"ترغيست " وغيرها من المداشر المعزولة"، حيث لا حديث للساكنة هنا سوى عن البرد القارس والثلوج وحطب التدفئة ومظاهر العزلة والتهميش والفقر المدقع، وفي غياب أية مقاربة تنموية تساعد على فك العزلة عن هذه المناطق الهشة، وفي ظل استمرار التدمير الغابوي والاستنزاف المستمر للثروات الغابوية من جهة ثانية، ستبقى ساكنة المنطقة تتخبط في أوضاعها المزرية إلى أجل غامض، ما يستوجب تحيين السؤال القائم حول مستقبل التنمية بالمنطقة. وبإيتزر التي تعد من "بنات الأسكيمو"، بحسب أحد المعلقين الظرفاء، فمعاناة ساكنتها كبيرة بسبب عامل البرودة وسوء أحوال الطقس، حيث تنخفض الحرارة أدنى الدرجات في هذا الفصل، وبقدر ما يزداد "الانخفاض" تدنيا يعرف ثمن حطب التدفئة المزيد من "الارتفاع"، إذا لم يكن نادرا في أحيان كثيرة رغم اعتباره في هذه الأثناء مادة أساسية، وربما في مستوى الخبز، يقول العديد من السكان. وبآيت حنيني حاليا لاتزال الثلوج تنسج طوقا مشددا حول العديد من الدواوير، ورغم استغاثة السكان بالمسؤولين على الصعيدين الإقليمي والوطني،لايزال السكان في انتظار أي مسؤول يمكنه الوقوف عن كثب على حياة المنطقة التي تئن تحت وطأة انعدام شروط الحياة، وغياب أبسط ضروريات العيش، فيما عرفت منطقة الريش وضواحيها تساقطات ثلجية كثيفة أدت إلى غلق عدة طرق وعزل الكثير من الدواوير، حيث وصل علو الثلوج ببعض هذه المناطق إلى 70 سنتيمترا والمرتفعة منها إلى 120 إلى 200 سنتيمتر . حطب «الحرب» الباردة وبكروشن، إقليمخنيفرة، عرفت المنطقة بدورها موجة برد قارس وثلوج كثيفة على خلفية انتمائها لسلسلة جبال الأطلس المتوسط، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات متدنية تصل أحيانا إلى 10 درجات تحت الصفر، ما ساهم في شل الحركة الاجتماعية والاقتصادية والطرقية، كما في إلحاق عدة أضرار بالغطاء النباتي والمزروعات والمواشي، حسب أحد الجمعويين من المنطقة، الذي زاد فوصف وضعية الساكنة بفعل نقص الغاز والمواد الأساسية، سيما في ظل عدم اشتغال السوق الأسبوعي بسبب التساقطات الثلجية. أما بومية، إقليم ميدلت، فتعيش وسط موجة من الثلوج والأجواء الباردة، ومن الأعراف والتقاليد هنا أن الأهالي يستعدون لاستقبال فصل البرد بتوفير ميزانية مهمة لاقتناء حطب التدفئة في ما يشبه "استعدادات عسكرية لحرب محتملة"، ولم يعد غريبا أن يلجأ العديد من المواطنين للاشتغال مثلا في ضيعات التفاح لتوفير بعض المال من أجل اقتناء حطب التدفئة، وقد أكد أحد المتتبعين للجريدة مصادفته لمواطنين يشترون كيلوغرامات من الحطب يوميا على خلفية عدم قدرتهم على شراء الكثير منه بسبب غلاء هذه المادة التي ارتفع ثمنها عكس باقي الأوقات العادية. وخلال الساعات الماضية الأخيرة، علق العشرات من المواطنين، بينهم أطفال ونساء، وسط تلال من الثلوج، لعدة ساعات، بالقرب من منطقة "بولبزوز" الواقعة بين قريتي بومية وتونفيت، بينما تحدثت مصادر متطابقة عن فيضان مفاجئ لواد قديم يخترق حي تنجيجمت الآهل بالسكان. معاناة بتاء التأنيث كلما حل موسم الثلوج وعم البياض جبال إقليمي ميدلت وخنيفرة، تبرز معاناة المرأة بهذه المناطق، بسبب العزلة والطقس، وهزالة الخدمات الأساسية وضعف البنيات التحتية، بالأحرى الحوامل، والمتمرغات من شدة آلام المخاض والوضع، ما يضع أكثر من علامة استفهام حول التصريحات «الفوقية» التي ترى أن المغرب من بين دول العالم التي حققت نجاحات كبرى في مجال تقليص نسب وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة، في حين نسمع من لحظة لأخرى فقدان عدد من الحوامل لأجنتهن، بسبب تعذر نقلهن إلى المستشفى، أو فارقن الحياة جراء انعدام وسائل النقل وغياب المرافق الصحية وبعدها عن المناطق المعزولة، وكم تكبر الصدمة أمام مشهد نساء حوامل محمَّلات على أكتاف السكان عبر الثلوج والوديان والمنحدرات الخطيرة، ويستغرب سكان هذه المناطق، في الوقت ذاته، تقاعس الجهات المعنية ونهجها لسياسة الهروب إلى الأمام في تعاطيها مع ملف تخلف القطاع الصحي. «وصمة عار على جبين البلاد أمام مشاهد نساء حوامل يُحملن، في الطرق المحاصرة بالثلوج، على الدواب أو الجرارات و«النعوش»، من أجل وضع حملهن بأقرب المستشفيات، وهي البعيدة أصلا»، يقول أحد الجمعويين المتتبعين، وحتى "القابلة"، يقول آخر، التي "ظلت تلعب دورا أساسيا في توليد النساء، ورعايتهن أثناء الحمل والولادة، باتت في طريقها إلى الانقراض، أو تمت محاصرتها بالإجراءات الطبية الصارمة"، علما بأن غالبية المناطق المهمشة تتميز بمسالك جغرافية في غاية الصعوبة، بالأحرى في ظروف التساقطات الثلجية. وكلما سألنا مواطني المناطق ذاتها عن انتظاراتهم تتقاطع ردودهم السريعة في المطالبة بفك العزلة على مستوى المسالك، وتوفير حطب التدفئة بعيدا عن المضاربات، والأعلاف للماشية، وإحداث المستوصفات الصحية ودور الولادة، ولعل الحركات الاحتجاجية والمسيرات الشعبية التي انطلقت، خلال الأيام القليلة الماضية، من أغبالو نسردان وتاولي وكروشن وحد بوحسوسن وغيرها كان من ضمن مطالبها الأساسية توفير طرق ومسالك، وإحداث دور للولادة ومراكز صحية مجهزة تقف على الحالة الصحية للمواطنين، لاسيما الأطفال والنساء الحوامل والمسنين. «مقايضة» الحياة بالموت قبل أيام قليلة ، لفظت امرأة حامل أنفاسها الأخيرة، بقبيلة أيت زيد أورمرزغيان، على الحدود بين إقليمي ميدلت وخنيفرة، بعد مخاض عسير نتيجة استخفاف وتهاون الجهات المعنية بجماعة أغبالو نسردان، وذلك رغم تكرار نداءات الاستغاثة، طيلة صباح الجمعة 23 يناير 2015، بمصالح هذه الجماعة التي كان رئيسها خارج البلاد، ثم بقيادة بومية، من أجل التدخل لإنقاذ المواطنة المذكورة، رابحة زكري، البالغة من العمر 34 سنة، والأم لأربعة أطفال بمن فيهم حديثة الولادة التي استنشقت أنفاسها الأولى دون أم، حيث لم تجد الضحية من يعمل على نقلها إلى أقرب مستشفى، عندما ظلت الآذان الصماء هي المُخاطَب الوحيد، سواء بالجماعة أو بالقيادة التي عمد مسؤولها الأول، حسب مصادر "الاتحاد الاشتراكي"، إلى التعامل مع نداءات الاستغاثة بعقلية جافة على أساس أن الطريق مقطوعة بالثلوج . وعلاقة بمأساة المواطنة المتوفاة، أنه بعد كل الاتصالات والنداءات، ظلت هذه المواطنة تصارع آلام المخاض إلى أن وضعت مولودتها، يوم السبت 24 يناير 2015، فازدادت حالتها سوءا نتيجة مضاعفات الإنجاب الصعب، ما أجبر أسرتها على نقلها بوسائل بدائية في "كاشة"، رغم أحوال الطقس ووعورة التضاريس، لعدم تجاوب أي جهة مع حالتها الحرجة، وبمنطقة "تاجورت" تمكنت الأسرة من التواصل مع جماعة كروشن التي أوفدت سيارة إسعاف نقلت المعنية بالأمر إلى مركز البلدة لتلقي ما يوجد من وسائل الإسعاف، قبل نقلها إلى المستشفى الإقليميبخنيفرة، غير أن الموت لم يمهلها طويلا وهي تفارق الحياة على مشارف منطقة سرو جراء المعاناة والنزيف الحاد. ولم يمر الحادث المفجع بسلام دون أن يتسبب في اشتعال غضب السكان الذين نظموا مسيرة شعبية، يوم السبت 24 يناير 2015، باتجاه عمالة إقليمخنيفرة، رغم أحوال الطقس السيئة وظروف الليل الباردة، ما كان رسالة واضحة لسلطات إقليم ميدلت وفضح تهاونها ولامبالاتها، كما أصر المشاركون في المسيرة على مواصلة السير مشيا على الأقدام، رغم كل السبل التي قامت بها السلطات لمنعهم من التقدم. وأمام تحديات المحتجين، حاولت السلطات وعد السكان بتحقيق مطالبهم بغاية احتواء الاحتقان الذي شكلت روح المواطنة المتوفاة نقطته الرئيسية، حيث واصل عشرات المحتجين طريقهم نحو خنيفرة تحت أجواء البرد والظلام على أساس استئناف سيرهم باتجاه العاصمة الرباط لاستعراض معاناة منطقتهم، في حال التعامل مع مطالبهم بأسلوب التطمين والحوار المغشوش، وحينها أسرعت السلطات الإقليميةبخنيفرة، في شخص الكاتب العام للعمالة، إلى التحاور معهم على مشارف مدينة خنيفرة، ووعدهم الكاتب العام بفتح باب للحوار فور دفن المواطنة المتوفاة. فضيحة وفاة المواطنة المذكورة عادت بأوضاع المنطقة إلى الواجهة، حيث تعاني الساكنة بين إقليمي ميدلت وخنيفرة كل مظاهر التهميش والعزلة والإقصاء الاجتماعي، وهشاشة البنية التحتية والطرقية والخدمات الأساسية، حتى أن العديد من الدواوير كادت أن تصبح فارغة من ساكنتها جراء نزيف الهجرة المتتالية، وكم كان امتعاض المتتبعين كبيرا في عدم عثورهم على أدنى تبرير لوفاة مواطنة بالإهمال على بعد كيلومترات قليلة من "المستشفى الميداني" ببومية! في حين تساءل الكثيرون عن مآل التعليمات الملكية ليوم السبت 17 يناير 2015، والتي أعطيت إلى كل من وزارتي الداخلية والصحة، والقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، قصد التجند لمواجهة انخفاض درجات الحرارة، وتقديم المساعدة اللازمة للسكان بما يضمن سلامتهم وطمأنينتهم، ومروحيات لنقل المتضررين إلى المراكز الصحية، خاصة بمناطق الأطلس المتوسط والأطلس الكبير والحوز. أخشاب ل«تغسيل الميتة» مأساة أيت زيد أورمرزغيان ضواحي أغبالو نسردان، تأتي لتنضاف إلى أخرى حدثت، مساء الأربعاء 21 يناير 2015، بقرية تاولي، ضواحي القباب بإقليمخنيفرة، حيث توفيت مواطنة حامل بسبب أحوال الطقس وغياب وسائل النقل والتواصل، إلى جانب انعدام حطب التدفئة بعد تنكيل أحد الغابويين بمواطن من أسرة المتوفاة نقل حطبا قليلا لأجل «تغسيل الميتة»، ما حمل السكان إلى تنظيم مسيرة شعبية حاشدة باتجاه عمالة الإقليم، وبعد قطعها لحوالي 30 كلم، وتحديدا على مشارف تغسالين التي بلغتها خلال منتصف الليل، تم تطويقها من طرف عناصر القوات العمومية بحضور السلطات المحلية التي تمكنت من إقناع المحتجين بالعودة إلى ديارهم، في أفق قيام عامل الإقليم بزيارتهم. وفي هذا الصدد لم يجد عامل الإقليم من خيار، بحسب مصادر "الاتحاد الاشتراكي"، غير "التحليق" إلى المنطقة، في اليوم الموالي، واستمع لعدد من ممثلي المحتجين ببيت أحد الساكنة، ووعدهم بالاستجابة لمطالبهم على مراحل، منها أساسا تنقيل حارس الغابة المتهم بالاعتداء على المواطن، وحل مشكل التدفئة خلال فترات التساقطات الثلجية، ومن المطالب الأخرى للسكان، توفير وسائل النقل وإحداث دار للتوليد وحل مشكل الماء الشروب ودعم بنى التمدرس ببناء وحدات مدرسية. دماء على الثلج ومن القرى والداواير المعزولة بسبب الظروف المناخية والطبيعية السيئة، دوار تقاجوين، إقليم ميدلت، حيث أصيبت سيدة حامل، في العشرينيات من عمرها، بنزيف دموي حاد كاد أن يودي بحياتها وحياة جنينها، حيث ظلت تتضور ألما، في مشهد مثير للشفقة، لساعات طويلة دون أن تجد لصرخاتها صدى، لتظل في صراع قوي من أجل البقاء، وقد تعرضت لنزيف وتقيؤ دموي، ولم تكلف الجهات المسؤولة نفسها عناء تخصيص سيارة إسعاف لهذه المرأة الحامل، إلا بعد سلسلة من الاتصالات التي أجراها فاعلون جمعويون، وإشعارات قامت بها السلطات المحلية، حيث تم نقل هذه المواطنة إلى بومية، على متن سيارة إسعاف تابعة لقطاع الصحة بميدلت. وقد جاء الحادث المأساوي ليطفو من جديد بنداء السكان الموجه إلى وزارة الصحة وعامل الإقليم من أجل العمل على ضرورة توفير سيارة إسعاف لدوار تيقاجوين، الذي يأوي أكثر من 460 أسرة، بغاية إنقاذ الحوامل من تهديدات الموت عبر نقلهن لأقرب مستشفى، عوض ما هو معتاد في نقلهن على الدواب والجرارات والنعوش، علما بأن دوار تقاجوين، تقول مصادر "الاتحاد الاشتراكي"، سجل الكثير من الوفيات وسط الحوامل جراء مظاهر التهميش والإقصاء الاجتماعي المضروبة على الدوار، علاوة على غياب مرافق صحية أو مركز للتوليد يمكنه التدخل في الحالات المتعلقة بالنساء الحوامل، اللهم ما سمي ب "مستوصف تيقاجوين" الذي يضم ممرضا واحدا ويفتقر للتجهيزات اللازمة ولوحدة التوليد. هذا بالأحرى الحديث عن الوضع الذي تكون عليه المنطقة، خلال تساقط الثلوج، عندما تنقطع جميع الطرق المؤدية منها وإليها، وتصير في عزلة تامة عن العالم الخارجي، ويتذكر السكان حكاية المرأة التي بقيت تصارع آلام المخاض، لعدد من الساعات، قبل نقلها على الأكتاف، بعد أن تبين أن حالتها تستدعي إجراء عملية قيصرية، وبعد قطع مسافة ليست بالقصيرة اضطر حاملوها إلى الاستعانة بجرار لنقلها إلى جماعة سيدي يحيى أوسعد، حيث استغرقت الرحلة أزيد من خمس ساعات، ليتم نقلها من هناك إلى مستشفى خنيفرة على بعد 20 كيلومترا، أوشكت فيه المعنية بالأمر على اختتام قصتها بنقطة نهاية مميتة. صرخة في الشارع بالقباب، إقليمخنيفرة، والتي تعرف مناخا باردا، استيقظت الساكنة بكثير من التذمر والسخط، على خبر مواطنة حامل وضعت وليدها في الشارع العام بحديقة المركز الصحي للبلدة، أمام مرأى من الملأ، في مشهد مثير للسخط والألم، ذلك بعد دقائق معدودة من تقدمها، صباح الاثنين 9 فبراير 2015، لمستوصف البلدة وهي «تتوجع» من شدة ألم المخاض، فأخذت مكانها بين المنتظرين أمام المركز الصحي في انتظار فتح أبوابه، حيث يكون الساهرين عليه من أسرة الصحة قد أنساهم دفء الفراش عن القيام بالدور المنوط بهم، ذلك من خلال تخلفهم عن الالتحاق بعملهم، عندما كان هذا المركز من دون طبيب ولا ممرض إلا بعد كانت المواطنة المذكورة قد وضعت حملها بصورة لا إنسانية، وآهاتها تملأ المكان . شهود عيان أكدوا أن المواطنين، الذين كانوا حينها بعين المكان، هبوا إلى نجدة المواطنة، إلى أن وضعت جنينها من خلال بعض النساء اللائي تكلفن بحالتها وحالة وليدها، وإنقاذهما من موت محقق، بينما أسرعت ممرضة، حلت متأخرة بعين المكان، إلى قطع الحبل السري، في حين قامت إحدى المواطنات بستر الأم ورضيعها عن أعين المتحلقين، وعن موجة البرد القارس . مداومة خارج الحياة تناقلت مصادر سكانية بأجلموس، إقليمخنيفرة، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مأساة مواطنة حامل فارقت الحياة في ظروف مؤلمة، جراء افتقار المركز الصحي للمداومة، حيث تقدمت لهذا المركز، بعد أن أجبرتها ظروفها على وضع حملها بالبيت بالطرق التقليدية، ومكثت المعنية بالأمر تنتظر الطبيب دونما جدوى، وبعد صراع شديد مع الموت، لفظت أنفاسها الأخيرة. وفي ذات السياق، وردنا من الأخبار ما يفيد أن ساكنة أيت سيدي علي واعمر، ضواحي كروشن، إقليمخنيفرة، وجدت نفسها تتحدث عن حالة مواطنة حامل تم حملها على "نعش"، عندما فاجأها ألم المخاض، نحو الطريق على بعد حوالي 5 كيلومترات، وكادت المعاناة أن تزهق روحها نتيجة المسافة الطويلة وترقب وصول الإسعاف، ليختار حظها أن تضع حملها داخل سيارة الإسعاف.