نادي النصر الإماراتي يتم اتفاقه مع حكيم زياش في صفقة انتقال حر    خمس سنوات حبسا نافذا ضد المنعش العقاري بودريقة    أمن الخميسات يطيح بمروج مخدرات في حالة تلبس    وضع سائق تسبب في حادثة سير مميتة بطنجة رهن الحراسة النظرية    وزير الداخلية يعلن توسيع الضرائب المحلية لرفع موارد الجماعات    لفتيت: وزارة الداخلية بصدد إعداد خارطة طريق لتسريع تنزيل الجهوية المتقدمة    وزارة التجهيز تعلن عن إجراءات طارئة بعد انهيار أرضي على الطريق الوطنية الرابط بين الحسيمة والجبهة    مجلس النواب يقبل "قانون CNSS"    الكاف يحدد موعد بطولة إفريقيا للمحليين 2025    قرعة متوازنة تعد بلقاءات قوية في دور المجموعات .. المغرب ينافس على كأس إفريقيا في مجموعة قوية تضم مالي وزامبيا وجزر القمر    التنسيق بين المغرب وواشنطن يفتح آفاقا واسعة لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء    سخرية واسعة في مواقع التواصل من الفقرات الفنية لحفل قرعة كأس إفريقيا    مراكش: المغرب يحتضن أول مكتب موضوعاتي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في إفريقيا    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    4 مداخل لقراءة بيان الخارجية الأمريكية    "الفاتيكان" ينتقد الذكاء الاصطناعي    لانزاروت.. المغرب يدعو إلى تكثيف الجهود لمكافحة تهريب المهاجرين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية،    تأسيس الاتحاد المغربي للصيد الرياضي ، رؤية جديدة ومتجددة    عائلة الشاب حسني والشاب عقيل تمنع حفلهما بالمغرب    ترانسبرانسي المغرب تجمد عضويتها احتجاجًا على تهاون حكومة أخنوش في استرجاع الأموال المنهوبة وتجريم الإثراء غير المشروع    دورية تدعو للوقاية من انتشار الأمراض المعدية في الوسط المدرسي    قطر تُعلن موعد الإفراج عن الأسيرة أربيل يهود    الهلال يعلن فسخ تعاقده مع نيمار بالتراضي    المغرب يبدأ في إنتاج الغاز الطبيعي المسال    الحبس النافذ لمسن "80 عاما" اعتدى على سيدة وطفلتها    تخليد ‬الذكرى ‬81 ‬لانتفاضة ‬29 ‬يناير ‬1944 ‬بسلا    بريطانيا توكد نمو التجارة مع المغرب و تعين مبعوثا لها    مراكش تدخل موسوعة غينيس برقم قياسي جديد في فن الحكاية    هذا المساء في برنامج مدارات: تأملات في سيرة الشاعر والفقيه الرباطي محمد أحمد حكم    التنوير بين ابن رشد وكانط    أوروبا تسحب منتجات كوكا كولا من أسواقها لهذا السبب    الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية: المغرب نموذج لسياحة تجمع بين الابتكار والتراث الثقافي    "تزويج القاصرات" يثير جدلاً قانونيا قبل إحالة مدونة الأسرة على التشريع    صنصال في قلب الأزمة : الجزائر ترفض التدخل الفرنسي وباريس تصعد من ضغوطها    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    "الأطفال".. فيلم قصير لفوزي بنسعيد يفتح النقاش حول حقوق الطفل وإصلاح القانون الجنائي    الشاي الصيني في المغرب.. شراكة استراتيجية ونمو متسارع في الاستهلاك والتجارة    وزير الخارجية الفرنسي: الكاتب بوعلام صنصال غادر المستشفى وعاد إلى السجن    إسرائيل تعلن إصابة أكثر من 15 ألف جندي منذ 7 أكتوبر 2023    أغنية "نبض البلاد" لنعمان لحلو.. تجسيد لروح المغرب في حفل قرعة كأس أمم إفريقيا 2025    فاجعة سد المختار السوسي.. وزارة التجهيز والماء توفد لجنة للبحث في ملابسات وفاة العمال    "فيفا" يحتفل بتبقي 500 يوم على انطلاق مونديال 2026    نهاية الموسم لشادي رياض بعد تعرضه لإصابة في الرباط الصليبي    الهند – الصين: "اتفاق مبدئي" لاستئناف الرحلات الجوية المباشرة بعد خمس سنوات من التوقف    ممارسة الرياضة بانتظام تساعد في تحسين الأداء الدراسي للأطفال    خبراء: الإنفلونزا أسوأ من كوفيد هذا الشتاء    دونالد ترامب يؤكد رغبته في نقل سكان غزة إلى مصر أو الأردن ويعلن عن لقاء مرتقب مع نتانياهو    الحصبة ترهق أطر الصحة بطنجة    دراسة: الأشخاص ذوي الدخل المرتفع أكثر احتمالًا لارتكاب "السرقة الرقمية"    وفاة خمسيني ب"بوحمرون" في مارتيل تُثير المخاوف وتُجدد الدعوات للتوعية الصحية    فضيحة "نشيد ريدوان".. "الأول" يكشف كواليس وأسباب ظهوره بهذا المستوى الكارثي    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    ندوة ترثي المؤرخة لطيفة الكندوز    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كورونا» يعيد السوسيولوجي حسن رشيق إلى زمن والده
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 26 - 03 - 2020

في هذا الوقت من الأزمة الصحية 23.03.2020، تذكرت ما قاله لي والدي عن مصائب عصره 1926، وهنا مقتطفات من كتابي «عودة الى زمن والدي مقاربة أنثروبولوجية «، جامعة ابن زهر، كلية الاداب و العلوم الانسانية، أكادير، 2014 ، بترجمة الأستاذ عز الدين العلام، ترجمة رائعة، كلما أعدت قراءتها أجدها أروع.
نكبة 1940/1945 (مقتطف، ص52-50 )
النّكبات
كان عمر الوالد ست سنوات عندما ضرب داء الجذري القرية سنة 1926 .ولم يكن أهل القرية يقبلون الغرباء المصابين بهذا المرض. فكان هؤلاء يلجؤون إلى المقبرة، وكان بعضهم يظل هناك إلى آخر نفس في حياته. وبالمقابل، لم يحدث أن ُطرد أحد من أهالي القرية المصابين. يتذكر الوالد التلقيح المضاد للجذري الذي كان يقوم به أحد موظفي الصحة الفرنسيين. ولا يزال أثر هذا التلقيح الذي كان أول اتصال له مع فرنسي ومع الطب الحديث، واضحا على ركبته وكانت سنة 1926 أيضا سنة جفاف ومجاعة. فالعديد من العائلات التي لم تعد تملك ما به تسد رمقها، هجرت القرية ليلا خوفا، أو على الأصح تجنبا لما قد يلحقها من إن راها أحد. كان الناس يمشون على الأقدام في اتجاه المناطق الأقل تضررا وكان هناك آخرون ضعاف جائعون، يصلون إلى القرية.
يصف والدي هذه المشاهد اليومية حيث كان الغرباء، وهم يقاومون الموت، يتوسلون الساكنة، وهم ينوحون: «اعتقوا الروح». وبسبب القحط، كان العديد من البؤساء يتقاسمون جبانية عصيدة من الشعير. والحال هذه، كانت قرية والدي ميسورة نسبيا، وكان الناس رغم العوز الشديد يجدون ما به يسدون رمقهم.
كانت منطقة سوس تشكل تاريخيا بؤرة إيكولوجية لوباء الطاعون. وفي سنة 1940، تم التعرف على العديد من المساكن المصابة (ريفي، 1992 ص:94-97). فقد انتشر وباء الطاعون المعروف باسم «الولسيس» في القرية ما بين سنتي 1940 و1945. ومن المعلوم أن الطاعون يظهر أولا عند الفئران التي يتضاعف عددها إثر محصول جيد.ومن ثم ينتقل الى الإنسان عبر لسعات براغيث الفئران. ويتميز هذا الوباء بظهور دملة أو مجموعة دمل (عقدة كبيرة الحجم) متقيحة، قد تكون تحت الإبط وفي أعلى الفخذ، أو في ثنيته. لقد كان أمرا لا يحتمل، وأنا أسمع وصف أطراف الجسد المتضررة والمتعفنة. وكان الطاعون يكشف عن نفسه أيضا من خلال الحمى الشديدة. وكان الشخص المصاب يهذي ويصبح، تقريبا، في دائرة المجانين. ومع هذا الوباء سكن الرعب القرية. ولم يعد لأحد الجرأة ليستسقي ليلا. إذ كانت تتراءى له في كل مكان، أشباح وعفاريت تخترق برؤوسها السماء. ولم تكن المراقبة الصحية تتجاوز عزل القرية المعنية. هكذا تم وضع ممثل للسلطة المحلية في القرية. وكان عليه أن يصرح بالمرضى الذين نقلوا الى مستوصف متواجد بسوق الثلاثاء، على بعد عشرة كيلومترات. وكان هذا المستوصف يسير من طرف طبيب فرنسي. وقد تم ترحيل ابن الشيخ وعائلته إلى هذا المستوصف وكان رجل السلطة يعقم المنازل ويغلق أبوابها بحواجز(زرب). وكان أهالي القرية يظلون أحيانا أكثر من شهر دون أن يتمكنوا من الذهاب الى السوق. ولكي يسدوا حاجاتهم من اللحوم، كانوا يلجأون «توزيعت»، وهي مؤسسة تقليدية تسمح بتزويد ساكنة الجماعة باللحوم الطرية. فهؤاء يشترون البهيمة جماعة، ويذبحونها ثم يقطعونها أجزاء متساوية، توزع حسب نسبة مساهمة كل فرد. وقد كانوا يلجأون لنفس الطريقة لمساعدة كل شخص من أهالي القرية تكون بهيمته محكوما عليها بالموت بسبب حادث ما.
كان الوالد يعتقد أن العدوى قد أصابته، فزيادة على الحمى الشديدة كان يحس بوجود دملة في عضلة ذراعه. غير أن مرضه، ودونما استبعاد حدوث استشفاء طبيعي، كان عابرا. وقد أقعد المرض معلمه أيضا لمدة ثلاثة أيام. وكان ذلك هو الحد. لأن المريض الذي يتجاوز ثلاثة أيام يقال عنه لا أمل في شفائه. لم يكن الناس يحصون أمواتهم، إذ حدث أن تشتت عائلات بأكمها. والوالد نفسه فقد العديد من أقاربه، منهم أخته سنة 1943 ووالدته سنة 1945. وخلال نفس المرحلة، كانت المنطقة بأسرها تعرف، على غرار البلد بأكمله، عوزا شديدا. تلك سنوات تقنين الاستهلاك. كان كل شيء يخضع للتقنين، بدءا من الثوب والسكر المدقوق (سكر أسود لا يرغب فيه أحد) إلى مسحوق الحليب… كان الأغنياء والأعيان يستحوذون على الثوب. وقد كانت للوالد فرصة الاستفادة ثلاث مرات من ثوب بطول أربعة أمتار. وكان هناك شخص تابع للقايد وهو من يتولى لائحة تضم أسماء العائلات وحجمها. وكان كل عضو في العائلة يتلقى حسب العرض، 900أو 800أو 500 بل وحتى 250 غراما من الطحين. وقد تم تكليف والدي مرات عدة بهذا التوزيع.
وكانت مثل هذه الأمور تخلق أوضاعا يصبح فيها كل الناس، وحتى يتمكنوا من العيش، شركاء في خديعة جماعية. هكذا، كان أمرا جاريا أن يدفع شخص ميسور السعر الإجمالي لحصة بأخذ نصفها، ويهب النصف الباقي لأحد الفقراء.
(الكتاب الأصلي: Anthropologie des plus proches Retour sur le temps de mes parents, Rabat, Institut Royal pour la Culture Amazigh, 2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.