الإشاعة فيروس قديم، ولايزال ينتشر، ويقتات منه المعتوهون، والمرضى النفسيون، وكلما زاد مفعول وحجم انتشار الاشاعة، إلا وتجد مروجيها، يتلذذون بإساءتهم إلى الناس وإلى المقربين منهم، بوجه مباشر أو غير مكشوف. والإشاعة لها مختصون في صناعتها، ويعهدون بها إلى وكلائهم لنشرها بعد أن يتفننوا فيها لنشرها في الوقت والمكان المناسبين . هي صناعة متطورة، وبحسب المناسبات تصنع بدقة للتأثير بفعالية على المستهدفين، الذين يتناولونها على شكل عصير من غير تحليل مكونات الخبر ومصدره وأهدافه الثقافية والاجتماعية والسياسية، وكلما كان النفاق الاجتماعي مستشريا إلا ووجدت الاشاعة طريقها إلى الانتشار، ومع مرور الأيام يتحول خبر الإشاعة إلى معطى للتصديق من غير وضع جهاز اختبار الكذب. كما شكلت الإشاعة منذ القدم، أداة للحروب بين الدول والقبائل، والأسر والأفراد، و دفعت البشرية ثمنا باهظا لدحض الإشاعات وتكذيبها، ومن أجلها سالت دماء كثيرة، واختفت حضارات، وظهرت حضارات أخرى، والتاريخ أحيانا لا يوضح من كان صادقا، ومن كان على باطل، لأن المؤرخ وناقل الأحداث يكون مدونا للغالب المنتصر، في حين أن المهزومين حتى لو كانوا مظلومين فهم في رأيه إلى الجحيم. اليوم، صارت الاشاعة موضوعا للخبر اليومي، وذلك مع بداية الصحافة الكهربائية، التي تشعل الإشاعات والتفاهات وتبررها بتخريج العيون واللسان، ويبقى الانسان البسيط يصدقها ويثق في مضمونها من غير تحر، خاصة م اينشر من فيديوهات، بالصوت والصورة، والطامة أن بعض التفاهات التي تنشر روابطها على مواقع الصحافة الكهربائية، تتم مشاركتها من طرف فئات واسعة من الناس على حسابهم بمواقع التواصل الاجتماعي، وأحيانا يقع بعض المتنورين ضحية زيف، وصيحات عناوين الأخبار ، إما بحسن نية، أو رغبة منهم في مشاركة أصدقائهم، وزملائهم في ذات الموضوع. لكن المشكلة أن أي موضوع، تقوم بمشاركته على صفحتك فهو يعبر عنك، وعن توجهك من غير أن تدري، لأنك تكون قد ساهمت في نشر خبر هو في الاصل إشاعة وتفاهة، وهنا قانون الصحافة واضح في مثل هذه القضايا وقد حدد لها عقوبات. في الصحافة المهنية والمحترمة، لايمكن بأي حال تبني خبر من مصدر مجهول، يحتمل الصدق والكذب، ومع انتشار أخبار الاشاعة التي تروجها بعض الصحف والمواقع التي ليس لها ضمير مهني ومتطفلة على الصحافة، صار من الضروري أن تحدث المؤسسات الاعلامية المستقلة، والحكومية، أقساما خاصة لمواجهة حرب الاشاعات، وتحليل الأخبار المشكوك في صدقيتها، ومعرفة القائم على ترويجها، والفائدة من وراء ذلك، فاليوم تكنولوجيا المعلوميات وفرت تطبيقات تساعد على التحقق من ذلك ولم لا تخصيص منصات إعلامية لتكذيب الاشاعات وإطلاع الرأي العام عليها.