على الرغم من كون العاصمة الاسماعيلية ونواحيها تتمتع بمؤهلات طبيعية وثقافية وتاريخية جد غنية ومتنوعة بمقدورها أن تشكل أرضية خصبة لتنمية سياحية ذات قيمة مضافة عالية، فإن هذه المؤهلات تبقى حتى اليوم غير مستغلة بالشكل اللائق . وبينما تعج هذه المدينة التاريخية بعدد كبير من المواقع التاريخية والمنتجعات الصحية والجبلية، فإن جاذبيتها للسياح مازالت متواضعة ولا ترقى للمكانة اللائقة بها، حيث لم يتجاوز عدد ليالي المبيت فيها خلال العام الماضي 230 ألف ليلة، وذلك على الرغم من المجهود الذي بذل على مستوى إنشاء وتأهيل بنيات الاستقبال بالمدينة التي تتوفر حاليا على حوالي 76 مؤسسة سياحية مصنفة بطاقة إيواء تناهز 4080 سريرا، إلا أن كل ذلك يبقى دون المستوى الذي يطمح إليه مهنيو القطاع الذي قابلناهم خلال تظاهرة «ميديا إمباكت دايز»، المنظمة نهاية الأسبوع الأخير بحضور إعلامي وازن. والذين يأملون أن يتضاعف عدد ليالي المبيت خلال الأعوام القليلة القادمة، خصوصا بعد استكمال أشغال ترميم مواقع مكناس العتيقة التي تم إطلاقها في أكتوبر 2018 ، والتي خصص لها غلاف يناهز 800 مليون درهم. ويشمل المخطط تحسين جاذبية المدينة السياحية. وقد بدأت بالفعل الدراسات الخاصة بتنفيذ هذه المشاريع كم تم الشروع بالفعل في تنفيذ المشاريع الأولى. وإذا كان المشاركون في هذه التظاهرة قد أجمعوا على ثراء العرض السياحي الذي تزخر به العاصمة الإسماعيلية ومميزاتها العديدة وعمقها الحضاري ومواقعها الثقافية والتاريخية بما فيها موقع وليلي الأثري.. وكلها لا تقل أهمية مقارنةً بالمنتجات الثقافية والتاريخية المعروضة في باريس ولندن وروما وفلورنسا، فإنهم يجمعون أيضا على أن هذا الغنى والتنوع لا يتم تسويقه في السوق السياحي بالشكل الذي تسوق بها مدن العالم مآثرها و مؤهلاتها الحضارية .. رئيس المجلس السياحي المحلي لمكناس، عادل التراب، استعرض المقدرات الهائلة التي تعتد بها المدينة على الصعيد التاريخي وكذا على مستوى التنوع البيئي والمناظر الساحرة التي تجعل منها وجهة سياحية قائمة الذات. وسجل أن مكناس تشكل متحفا مفتوحا على السماء من خلال مآذنها المائة وأبوابها التاريخية التي تناهز سبعين بابا، ومعالمها العريقة وقصورها البديعة مذكرا بأن إقرار مكناس تراثا للإنسانية من قبل اليونسكو عزز صيت الحاضرة الذي تجاوز الحدود. ومن جهته، ذكر أحمد الخمليشي المندوب الإقليمي للسياحة بهوية مكناس كملتقى حضاري وبؤرة ثقافية ذات مؤهلات كبرى مادية ولامادية. وتوقف الخمليشي عند الرصيد السياحي القروي والطبيعي المحلي مشيرا الى فضاءات المدينة الطبيعية الجاذبة للسياح ومقومات السياحة القروية في العمق المجالي للإقليم وثراء المنتوجات المحلية وكذا المعرض الدولي للفلاحة الذي يستقبل كل عام حوالي مليون زائر فضلا عن مراكز سياحية واعدة. وفي تصريح خاص بصحيفة «الاتحاد الاشتراكي» اعتبر عادل التراب رئيس المجلس الإقليمي للسياحة بمكناس أن هذه التظاهرة التي انطلقت بندوة يوم حول دور الإعلام في التعريف بمكناس كوجهة سياحية حضرها أزيد من 45 صحافي أجنبي تلته زيارات ميدانية للوقوف على المآثر التاريخية الكائنة بعاصمة المولى إسماعيل وأيضا معاينة ورش إصلاحه، وهو الورش الذي خصص له غلاف مالي مهم كما قام ضيوف هذه الأيام بزيارة للموقع الأثري وليلي والمدينة التاريخية مولاي إدريس زرهون. ولتشجيع السياحة الفلاحية التي يراهن عليها المجلس الإقليمي للسياحة خلال سنة 2020 كأولية في مجل الترويج السياحي تمت برمجة زيارة لضيعة نموذجية ضواحي مكناس لجعل الإقامة بها مختلفة وفريدة من نوعها تمزج ما بين ما هو ثقافي وما هو طبيعي وروحاني. وللاستفادة من الملتقى الدولي للفلاحة أشار رئيس المجلس الإقليمي أن هذا الأخير سيوقع مع الوطني للسياحة وجماعة مكناس وجماعة المشور الستينية ومجلس جهة فاسمكناس على اتفاقية من شأنها جعل المدينة قبلة للسياحة الفلاحية بامتياز. وتأسف التراب عن غياب الخطوط الجوية الملكية وترك المجال للخطوط الجوية التونسية كمستشهر لهذه التظاهرة على الرغم من كونها مؤسسة وطنية يفترض فيها أن تكون رافعة للسياحة بالمغرب. موضحا أنه إذا استمرت سياسة لارام على هذا النحو فإن تنافسيتها ستتراجع مع الشركات الجوية الأخرى، والمؤشر واضح يضيف ذات المتحدث إذ حسب إحصائيات 2019 فإن شركة ذات تكلفة منخفضة استقدمت أربعة مليون مسافر للمغرب من أروبا والخطوط الملكية المغربية لم تصل إلى 3 مليون مسافر وهو مؤشر مخيف في مجال النقل الجوي. وإذا كان الترويج للمآثر والمواقع التاريخية مهما للغاية فإن الملاحظ غياب تنسيق مع غرفة الصناعة التقليدية من خلال إقامة معارض للمنتوج المحلي والترويج له باعتباره موروث لا مندوحة عنه اعترف عادل التراب أن الصناعة التقليدية مكون أساسي للسياحة إذ هناك زيارة لبعض ورشات هذا المجال إلا أن ذلك غير كاف وكان عليهم التفكير في إقامة معرض كبير بالموازاة مع هذه التظاهرة.