التأم جمع القاصين والنقاد في ملتقى فاس للقصة القصيرة جدا في دورته الثالثة، يوم الاثنين4نونبر2019 ابتداء من الساعة 9 صباحا لمناقشة موضوع (السردي والشعري في القصة القصيرة جدا: قراءة في متون مغربية).وقد سير الجلسة باقتدار د.محمد أبركان وقرر لأشغالها ذ. مولاي ادريس شهبون، وساهم فيها النقاد د. عبد المالك أشهبون ود. مسلك ميمون ود. محمد فتحي وذ. نصر الدين شردال بمداخلات نقدية قيمة ومثمرة. د.عبد المالك أشهبون اعتبر في مداخلته أن القصة القصيرة جدا ترتكز على مقومات الكم «قصير جدا» والحكاية والحدث والشخصية والزمان والمكان بأساليب تروم الإيجاز والتكثيف والاستعارة،ما حدا بالقاص أحمد بوزفور إلى وصفها بأنها «طفلة الماء،»لأنها تتشرب شاعرية الشعر وهو ما جعل بعض النقاد يرتبكون في تجنيسها فيلحقونها بالشعر، ومن ذلك على سبيل المثال تصنيف د.الشاعر محمد السرغيني قصص المبدع أمجد مجدوب رشيد في باب الشعر لما لاحظه من مفارقات دلالية وانزياحات وإيحاءات، وهو ما خيب أفق انتظار القاص، ويضيف الناقد أن كثيرا من القاصين يسيؤون لهذا النوع الأدبي حين يتجاوزون محدداته كالحكاية والحدث…الخ وبعضهم ينزع نحو النكت دون عمق فكري… أما د. مسلك ميمون فقد انطلق من المجموعة القصصية للمحتفى به القاص المبدع حسن البقالي (هو الذي رأى) ليخلص إلى أن القصة القصيرة جدا فن زئبقي لأنه ملتقى خطابات شتى… وبسبب ذلك، التبس على البعض توصيفها،فلم يجنسوها مدعين أنها فن عابر. لذا ارتأى الناقد تصويب النظر إلى هذا الفن الأدبي الجديد الذي لايمكنه بأي حال الاستغناء عن أركانه، أو تجاوز كثير من شروطه الضابطة كالحجم (نصف صفحة تقريبا) والحكاية والسارد والحدث والشخصية والزمان والمكان، وأنها تبنى على مقومات فنية كالإضمار والحذف والمفارقة الدالة والإيحاء والتقديم والتأخير… الخ، ولم يفت الناقد التنبيه إلى ضرورة التمييز بين الومضة والشذرة والشعر وبين القصة القصيرة جدا. وركز الناقد والقاص ذ. نصر الدين شردال من زاويته على بعض الخصائص التي تكون القصة القصيرة جدا، مثل الحدث الخاطف في الحكاية والتخييل الشعري في النص،ما يجعل الكتابة تنفتح على التخييل الذاتي، مستدلا ببعض النماذج القصصية بكاليغرافية ساهمت في نشرها في باب القصة تارة وباب الشعر تارة أخرى.ولم يفت الناقد التأكيد على بعض المؤشرات التي ترهن القصة القصيرة جدا بالشعر الحر أهمها التداخل في الموضوع ومقصدية الكاتب، وما تثيره على مستوى التلقي من إدهاش وغرابة. في النهاية، أعطيت الكلمة للناقد د. محمد فتحي الذي حاول بدوره استجلاء ما تتفرد به القصة القصيرة جدا عن سواها باعتبارها تشترك مع القصة والرواية في عناصر كالحدث والحكاية…مضيفا ألا قيمة لتجنيسها دونما مراعاة للتشكيل اللغوي للقصة القصيرة جدا، وما تنبني عليه مننسق دلالي ضمن معطيات سياقية ومقامية واردة وما يفترضه الاتساق الداخلي من فاعلية الخرق… وبعد هاته المداخلات القيمة، فتح باب النقاش لتثار الأسئلة المتعلقة بتجنيس القصة القصيرة جدا وعلاقة السردي بالشعري، وهي تتوزع على زاويتي نظر متباينتين. هناك من يدعو إلى تحرير الإبداع الذي لايعدو أن يكون «لعب عيال» بعبارة القاص حسن البقالي،أو لأنه مشرع على خطابات أخرى تجعله جنسا عابرا، وهناك من يدافع عن قواعد الجنس والنوع نظريا، ومن هؤلاء النقاد المنتدون الذين دعوا إلى التمييز بين الشعري والسردي… من حيث البنية والوظائف الفنية والفكرية وجماليات التلقي… لأن كل جنس أو نوع له قيمته الفنية المهيمنة الفارقة رغم دينامية التناص وتداخل الخطابات… تجدر الإشارة إلى أن ملتقى فاس للققج في دورته الثالثةعقد أيام 3 و4و5 نونبرالحالي،وتم بإدارة من الكاتب علي بنساعود وبتنسيق بين جمعية مسارات للتنمية والمواطنة وجمعية أكورا للثقافة والفنون،وذلك بفضاء مركز الحرية بفاس.