احتفت مكناس مؤخرا بجنس القصة القصيرة من خلال ملتقى الشروق العربي السابع للقصة الذي شارك فيه قاصون ونقاد من المغرب وبعض الدول العربية. وشكل هذا الملتقى، الذي اختتم أول أمس الأحد وتنظمه جمعية الشروق المكناسي للثقافة والرياضة والسياحة سنويا، فرصة لمناقشة مجموعة من القضايا المتعلقة بالقصة القصيرة التي شهدت طفرة نوعية بالمغرب خلال العشرية الأخيرة. وتميز اللقاء الذي تواصل ثلاثة أيام بطرح العديد من الأسئلة من قبيل ، هل الحكي في القصة القصيرة هو نفس العملية في باقي الأجناس السردية الأخرى? هل الحكي جزء من السرد، أم السرد جزء من الحكي، ومتى يبدأ الحكي ومتى ينتهي في القصة القصيرة ? وما علاقة الحكي بباقي المكونات الأخرى للقصة القصيرة ? هل يمكن طرح نفس الأسئلة التي تطرح على القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا ? وغيرها من الأسئلة. وجاء في مداخلات بعض المشاركين أن القصة القصيرة تتميز عن الحكاية التي كانت تروى شفاها في الحلقة وانتقلت عبر الأجيال وحدث فيها تنقيح إلا أن القصة القصيرة تتفوق على ما هو شفهي وتحافظ على مضمونها دون زيادة أو نقصان وعلى فضائها الخطي وشكلها معتبرة أن اللغة القصصية هي الجانب المشترك بين القصاصين. وجاء في المداخلات بأن الكتابة القصصية تتميز بالإيجاز والزهد في الحكي وتعتمد التلميح حيث يمكن الحديث عن التواصل القصصي بين المرسل وهو المؤلف (واقعي وضمني وخيالي أو الراوي ) والمرسل إليه وهو القارئ ، واعتماد شفرة فنية في الكتابة يتفاعل معها المتلقي إضافة إلى كون القصة القصيرة لا تقدم الجانب الإبداعي فقط بل تؤرخ وتشكل متنفسا لكاتبها، مبرزين أن جنس القصة القصيرة فن وافد إلى الأدب العربي المعاصر من الغرب والشرق. كما أن القصة القصيرة حسب المتدخلين - فن جديد، ليس فقط في الأدب العربي ولكن حتى في الأدب الغربي إذ لم يتجاوز ظهوره قرنا واحدا وتلتقي فيها الواقعية والرومانسية وتتميز بالشغب وتكريس الفردانية وأن دوافعها ليس الانتفاع ويحاول فيها الكاتب تحقيق ذاته وممارسة شغبه ، وربما تذمره من الواقع، واحتجاجه على الكثير من الأوضاع السائدة في مجتمعه. وتحدث بعض القاصين في الملتقى عن تجاربهم الإبداعية وكيف أقدموا على مغامرة التجريب ، والإكراهات التي اعترضتهم في بداياتهم خاصة مع النشر على صفحات بعض اليوميات الوطنية والمجلات الثقافية في محاولات يائسة للخروج من مناطق الظل داعين إلى ضرورة تعامل الإعلام الثقافي مع المتن وليس الأسماء. وشهد الملتقى الذي احتضنه مركز ملتقى الثقافات بفندق الحناء معزوفات موسيقية إلى جانب تقديم قراءات قصصية لعدد من الأصوات التي ميزت المشهد الإبداعي المغربي والعربي، إلى جانب تكريم القاص المغربي المصطفى كليتي. وقد قيلت شهادات في حق المحتفى به أبرزت إبداعاته وما تمثل بالنسبة إليه القصة القصيرة المنفتحة على الغرائبي دون الاهتمام بتيمات الواقع.