أصدر المؤرخ الأكاديمي التونسي محمد العادل لطيف مؤخرا، كتابا يعد الأول من نوعه تحت عنوان «الخوف ببلاد المغرب في العصر الوسيط»، عن دار «زينب»، وقعه مؤخرا ب»معرض تونس الدولي للكتاب» . يندرج الكتاب التاريخي ضمن الدراسات التاريخية الحديثة التي تحاول التركيز على مواضيع جديدة في البحث التاريخي، خاصة مبحث التاريخ النفسي الاجتماعي الذي تعاني فيه المكتبة العربية نقصا حادا . يحاول هذا البحث رصد أصول وأشكال الخوف المعنوية والمادية، والأضرار المترتبة عنها لسكان بلاد المغرب على مدى ستة قرون من القرن3-9 هجري؛ الخوف الماورائي من الله ومن عذاب القبر ومن النار والشيطان والساحر والعراف، ومن الأوبئة والأمراض والكوارث الطبيعية، ومن الآخر الغريب القريب والبعيد. أصناف من خوف مستمر طالما جثمت على صدور السكان ومازالت آثارها رازحة إلى اليوم بسبب الخلط بين متطلبات الحياة الاجتماعية من ناحية، والأبعاد الروحانية والأمل في الخلاص الأخروي من ناحية أخرى. وحسب الباحث فموضوع الكتاب لم يقع التطرّق إليه في أيّ جامعة أو كليّة بالمجال العربي. لا في التاريخ الوسيط ولا الحديث ، مضيفا أن هذه الدراسة تبحث في جذور الوحشية المتأسلمة والعلاقة بين فقهاء البلاطات والسلط السياسية ونتائج هذا التآمر على السكان. وأضاف الباحث محمد العادل لطيف في تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي أن الأمر يتعلق ببحث (في 450 صفحة ) أركيولوجي في الخوف، انطلاقا من تفاسير القرآن (من مقاتل بن سليمان – 150 للهجرة إلى السيوطي في القرن العاشر للهجرة مرورا بالطبري والزمخشري والغزالي والقرطبي وابن كثير… ) ويسترسل قائلا» الخوف من الله والشيطان والنار وعذاب القبر والسحر. الخوف من الأوبئة والأمراض : الطاعون والجذام، الخوف من العدوّ المسيحي في الخارج و اليهودي في الداخل، والخوف حتى من الجار ومن الذي يختلف معك في المذهب ومن المرأة ومن ممثلي السلطة السياسية ومن البدو (الأعراب)… ومن الجراد والعقارب والعفاريت… إنه في حقيقة الأمر الخوف من أنفسنا لأننا لم نتحكّم يوما في مصائرنا (يقصد سكان بلاد المغرب الكبير».