« أخواتي إخواني إن اجتماع اللجنة الإدارية اليوم، ينعقد بعد انصرام سنتين كاملتين على مؤتمرنا الوطني التاسع. وقد كانت هذه الفترة حافلة بالمكتسبات التنظيمية والسياسية التي حققناها في مجال استعادة المبادرة. فقد عرف خلالها الاتحاد الاشتراكي انبعاثا حقيقيا بعد سنوات من الارتباك والجمود، كما سجل عودة قوية إلى ساحة النضال السياسي في المؤسسات التمثيلية والواجهات الاجتماعية والفضاءات الثقافية والمحافل الدولية، مما جعل الاتحاديات والاتحاديين يسترجعون الثقة في حزبهم بعد سنوات من اليأس والإحباط، ويوطدون عزائمهم على مواصلة النضال ومضاعفة الجهود، لتنفيذ برامج العمل التي سطروها على المستويات الإقليمية والجهوية والوطنية. غير أن هذه المدة المنصرمة كانت أيضا مثقلة بجملة من المتاعب الزائدة والمشاكل المفتعلة التي حاولنا جاهدين معالجتها بكثير من التسامح والأريحية ، مشاكل اختلطت فيها عدة مسلكيات مصلحية: منها أولا: من يصر على التعامل مع الحزب كشركة للتأمين يطمع في أن تؤمن له دائرته وأن تحفظ له مكانته وأن ترعى له ذريته. ومنها ثانيا: من الحواريين، من يتطوع لحشر أنفه في شؤون الحزب لعله يرفع من أسهمه في مجال الوصاية على الأحزاب السياسية . ومنها ثالثا: من يبحث عن اختراق إخواني في البيت الاتحادي يدفئ به أكتافه ولو جزئيا بعد أن تعذرت عليه التدفئة الاتحادية الشاملة. ومنها رابعا: من ينخرط في طابور الارتزاق الاعلامي الموسوم بالرداءة والحقد والتضليل، والمتفاني في اثارة الضجيج المؤدى عنه سلفا . و ما يجمع كل هؤلاء هو محاولة إضعاف الإتحاد، خدمة لأجندة سياسية معينة. فما هي هذه الأجندة؟ لن نكرر ما قلناه سابقا حول الحكومة اليمينية الحالية، و خاصة أثناء مناقشة الحصيلة الحكومية و قانون المالية، حيث ذكرناها بأنها لم تتخذ أية إجراءات تتعلق بتوزيع الثروة، ولا للتخفيف من الفوارق الطبقية، بل على العكس، عملت على إلإجهاز على القدرة الشرائية للجماهير الشعبية، وعلى ضغط ضريبي رهيب على جيوبهم، حيث اعتبرت الحكومة أن الفئات الفقيرة و المتوسطة هي الحائط القصير الذي ستعالج عبره إخفاقاتها. كما واصلت إنسياقها وراء تعليمات المؤسسات التمويلية الدولية، التي لا هم لها سوى تسويق نموذج إقتصادي و إجتماعي يخدم مصالح القوى المهيمنة على الإقتصاد العالمي. فنحن أمام توجه يميني واضح، يطبق سياسة لا اجتماعية بامتياز، يعادي العمل النقابي، و مبادئ حقوق الإنسان و الديمقراطية، و موازاة لذلك، يستل الرزق من جيوب المواطنين، و يعمل على التفقير الجماعي، و يبحث عن الخلاص من خلال تحالف، غير مشروط مع الفئات التي تعودت على اقتصاد الريع و على مص دماء المواطنين، من أجل أن تؤكد هذه الحكومة أنها خير خادم للطبقات المستفيدة، علها تجد مستقبلا سياسيا لها. و لذلك لن نستغرب إذا امتنع الحزب المهيمن في الحكومة، عن تفعيل الدستور، و عن التأويل الديمقراطي لمبادئه، لأنه أولا، لم يكن أبدا حزبا ديمقراطيا ولأنه ثانيا، لم يناضل من أجل الإصلاح الدستوري، بل جاء إلى المشاركة في الحكم، تحت مظلة الاكتساح الإخواني، الذي ضغطت من أجل إنجاحه قوى إقليمية و دولية. ومنذ جاء إلى الموقع الحكومي، الذي يحتله، و هو يعمل على ثلاث واجهات، الأولى هي محاولة نشر تصوره الرجعي في المجتمع، الثانية و هي الهيمنة على أجهزة الدولة، من خلال تعيين أعضائه و التابعين له في المناصب السامية و المسؤوليات و المؤسسات و المجالس و اللجان الوطنية، الثالثة هي العمل على إفشال البناء الديمقراطي، و هدم المكتسبات السياسية والحقوقية و الاجتماعية، و مسخها، بهدف تقديم هذه الخدمة قربانا و دليلا على حسن نية، للفئات التي تعادي البناء الديمقراطي، و التي تريد التراجع على دستور2011، و على كل المسار الإصلاحي. فمن هي هذه الفئات؟ إنها لوبيات المصالح و المنافع الإقتصادية و الريعية، المعتمدة على الشبكات الزبونية وعلى نظام الولاءات و الأعيان و على آلية التوريث، و الوساطات، و التي كانت دائما معادية لمبادئ الديمقراطية و الشفافية و العدالة الإجتماعية, ففي الوقت الذي كان فيه ضروريا القيام بإصلاحات كبرى، على المستوى التشريعي و المؤسساتي، لتأهيل البلاد من أجل القيام بتلك القفزة المنتظرة على مستوى العدالة و المساواة و الكرامة، نجد أنه لا شيء من هذا قد تم، بل لا زلنا نعيش في ظل أجواء الدستور السابق بكل هياكله و مشاكله. إننا أمام محاولة الحفاظ على الستاتيكو، أي إبقاء الوضع عما هو عليه، و مقاومة التغيير، و استمرار نفس النظام الذي جاء دستور 2011 ليغيره، و يفتح آمال البناء الديمقراطي، و يسود نظام الشفافية و الحكامة، و احترام حقوق الإنسان، و دولة الحق و القانون، و تحقيق العدالة الإجتماعية، والمساواة... أي تلك المبادئ التي ناضل من أجلها الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، و كان قادته و رواده، منذ السنوات الأولى للإستقلال، ينادون به، مقابل المشروع المخزني، الذي كان يبني دولة الريع و المحسوبية، معتمدا على الأعيان التقليديين و أبناء العائلات الغنية والإنتهازيين و البيروقراطية/التقنوقراطية. لقد فشل هذا المشروع، و أنتج سنوات الرصاص و محاولات الإنقلاب و التخلف و الفقر و الأزمات، التي كادت أن تتحول إلى سكتة قلبية. فهل نقبل أن تتكرر نفس الأوضاع؟ نعم هناك من يريد تكريسها، مستندا على نظام ولاءات جديد، يشكل المشروع الإخواني جزءا منه، لتكوين تحالف مصالحي لا يرغب في بناء دولة الشفافية، دولة الحق و القانون، دولة الديمقراطية و الحداثة، دولة المؤسسات. هذا هو المركب المصالحي الأخطبوطي، أيتها الاخوة والأخوات، الذي تعبأ بكل قواه ضد الاتحاد الاشتراكي وقيادته الشرعية الشابة والطموحة. هذا هو المركب المصالحي اللاديمقراطي الذي استعظم على أبناء الشعب المغربي الوصول إلى مواقع القيادة الحزبية بكل نزاهة واستقلالية و ارداة مستميتة في التغيير والبناء. لقد عزفوا كلهم على نغمة واحدة ، هي نغمة التأزيم وصرخوا بصوت واحد أن الحزب خرج من مؤتمره التاسع مأزوما، وأنه من قبل لم يكن أبدا في أزمة ، وأنه مع هذه القيادة أصبح يعيش اليوم في أزمة ، فعن أية أزمة يتحدثون؟ أزمة الشرعية والمشروعية؟ أزمة التخلي عن الهوية ؟ أزمة الانحراف عن القيم والمبادئ الاتحادية؟ أزمة الديمقراطية؟ لا تنتظروا منهم أن يأتوكم بجواب أو يدلوا لكم ببرهان، لأنهم منذ اللحظة الأولى اشتغلوا بمنطق التضليل والتعتيم، وليس بمنطق الحوار ومقارعة الأفكار، ولو كانت لهم أفكار وحجج، ولو كانوا جادين فيما يدعون، ولو كانوا ديمقراطيين حقيقيين ، لقصدوا عنوان أقرب محكمة، ولو كانوا يعتنقون كما يدعون ما يسمى بالسياسة النبيلة لذهبوا الى القضاء لإنقاذ الاتحاد الاشتراكي من الغرق في أزمته ولاستعادة شرعيته ، كما يدعون، لأن الاتحادي الأصيل الذي يؤمن بدولة الحق والقانون هو الذي يؤمن كذلك بحزب الحق والقانون، وليس بحزب النداءات والعرائض والتصريحات ، وليس بحزب التسويات المنزلية والابتزازات الإعلامية التي يقودها المركب المصالحي، الذي يسيطر على الإعلام الرسمي، الذي دخل حتى هو في المؤامرة ضدنا، و كذلك عبر منابر ورقية و إلكترونية، تملكها لوبيات سياسية/ مالية، بينما يبقى الجزء الآخر في يد التوجه الرجعي- الإخواني. إننا أمام عملية كبرى لتبخيس الأحزاب و النخبة السياسية، و على رأسها القيادات الإتحادية، و في ذاك خطر شديد على مستقبل البلاد، لأن دفع الناس للنفور من السياسة، بأساليب الإشاعة و تشويه صورة القادة الحزبيين، يخلق الفراغ، الذي تملأه التوجهات الفاشيةوالإرهابية. لذلك نتمنى أن تكون هذه الحملة معزولة، خاصة وأن المؤسسة الملكية، في مختلف خطاباتها تحث المواطنين، و خاصة الشباب على الإنخراط في الفعل السياسي، و تدعو إلى احترام الديمقراطية و المؤسسات، و إلى محاربة الفساد و الريع و إلى التوزيع العادل للثروة، و هي كلها مبادئ مطابقة للإلتزامات الواجبة في مجال حقوق الإنسان، ومنسجمة مع روح الإصلاح الدستوري. إن احترام الديمقراطية و حقوق الإنسان، و احترام دور الأحزاب واحترام الحقوق النقابية، أركان ضرورية، ليس من أجل البناء الديمقراطي و التنموي، فحسب، بل إنها الضمانة الأساسية للتفوق على خصوم وحدتنا الترابية، والدفاع عن صحرائنا المغربية، في ظرفية دقيقة، تقع فيها بلادنا تحت مجهر الفحص باستمرار. أخواتي إخواني، دعوني أعرض أمامكم خلاصة المرحلة لتقولوا فيها كلمتكم الحاسمة: على المستوى الكمي: نظمنا 7 دورات للجنة الادارية و دورتين للمجلس الوطني، و 40 مؤتمرا اقليميا، و 32 تظاهرة ثقافية وفكرية وتكوينية مركزية، و 8 مؤتمرات وطنية قطاعية. و نظمنا أيضا مؤتمر الشبيبة الاتحادية والمنظمة الاشتراكية للقطاع النسائي، وأكثر من 67 مجلسا اقليميا، وهي تظاهرات شارك في مجموعها عشرات الآلاف من المناضلين والعاطفين والمواطنين. قمنا بإحياء يوم الوفاء، بحضور نوعي و كمي لا مثيل له، الأول أمام المعتقل السري الرهيب، درب مولاي الشريف، بالبيضاء، و الثاني بمكناس، كما نظمنا التظاهرة التاريخية يوم 5 أكتوبر 2013، بالرباط، والتي حضرها أكثر من عشرين ألف مناضل و عاطف و مواطن. وكما تعرفون، فإن تنظيم أي مؤتمر إقليمي، أو قطاعي أو وطني، أو أية تظاهرة، و بحضور واسع، لم يشهده الحزب منذ أكثر من عقد من الزمان، فإن الأمر يتطلب تحضيرات تنظيمية و سياسية وفكرية ولوجيستية، وكل هذا المجهود لا يمكن أن يتم إلا بمساهمة واسعة من كل المناضلات والمناضلين، الذين يضحون بفكرهم ووقتهم ومالهم، بهدف إنجاح هذه المحطات، فهي ثمرة عمل نضالي جماعي، ومع ذلك نجد من يستخف به و يستهجنه. الأخوات و الإخوة، كل هذه المحطات التنظيمية و التعبوية، قاطعها أصحاب التكتل، المسمى تيارا، بل و هاجموها، و حاولوا تبخيسها، في تصريحات لوسائل الإعلام، و في تسريبات تنشر المغالطات، و تتهجم على المناضلين و المناضلات، إذ لا تخلو أية فعالية نظمها الحزب، على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الوطني أو الدولي، من حملة إشاعات و تشهير و تضليل. أما بالنسبة لممتلكات الحزب، فإن من واجبنا استرجاعها و صيانتها و حمايتها، و هو ما شرعنا فيه، حيث تم استرجاع المقرات الحزبية التالية: مقر حي الرياض، مقران بفاس- مقر بالعرائش. و رفع الرهن عن مقر أكدال. و ما زلنا نواصل هذا المجهود، مع ما يكلفنا من عمل و مصاريف باهظة. و نحن إذ نقوم بهذا العمل، فمن أجل أن تكون كل ممتلكات الحزب، مسجلة باسمه، كما تنص على ذلك القوانين الوطنية و الحزبية. هذه أمانة في عنقنا علينا أن نعمل حتى تصان داخل الحزب، و ألا تظل في أيادي أشخاص، لأن هذا أمر مخالف للقانون و لا يضمن حماية هذه الممتلكات في المستقبل. أما على المستوى الكيفي، السياسي: فقد عملنا على تقوية خطاب المعارضة، في سياق كان المشروع الإخواني يكاد يكون سائدا في العالم العربي، فقمنا بتحليل هذا المشروع و خطابه و فككنا آلياته، و عملنا على دعم نهضة فكرية شجاعة، للتصدي لهذا المشروع الرجعي، الذي بان تهافته حاليا بوضوح، سواء لدى الحركات الإخوانية، التي تدعي الإعتدال، أو في تجلياتها المتطرفة، الإرهابية. خضنا معارك من أجل مواجهة الإختيارات الحكومية، على مختلف الواجهات، السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية والثقافية، و فضحنا الضعف و الإرتباك، الذي طبع عملها، و انعدام كفاءتها، و هرولتها لإرضاء الطبقات المستفيدة، ومقابل ذلك، تقوم الحكومة بالإجهاز على الطبقات الفقيرة و المتوسطة. و في هذا الإطار، انفتحنا على المركزيات النقابة، و دعمنا الجبهة الإجتماعية، الأمر الذي بدت آثاره واضحة، في أرض الواقع. كما سعينا إلى إعادة تشكيل تحالفنا الإستراتجي مع حزب الإستقلال، و تقدمنا كثيرا، في هيكلة هذا العمل، على مستوى المرجعية الفكرية، و السياسية، و على مستوى التنسيق على كافة الواجهات، و قد أعطى هذا دفعة قوية للمعارضة، و للمشروع البديل، القائم على الإختيارات التي ناضلت من أجلها دائما، الحركة الوطنية الديمقراطية. و موازاة لذلك، فتحنا خطا على مستوى التنسيق، مع المعارضة، في البرلمان، حتى تتوفر على صوت مسموع، سواء في اللجان أو في الجلسات العامة، أو في مختلف هياكل مجلسي النواب والمستشارين. لقد غير التحالف مع حزب الإستقلال موازين القوى السياسية في بلادنا، كما تغير الوضع في البرلمان، بعد التنسيق بين كافة فرق المعارضة. و لا يخفى عليكم، كيف كان وضعنا سابقا، حيث كان عمل فريقنا النيابي، لا ينسجم مع ما كنا نطمح إليه، من قوة الخطاب وروح المبادرة والحضور الوازن و المتواصل، لمراقبة العمل الحكومي، والتصدي للإختيارات اللاشعبية، و مواجهة العملية الممنهجة لتهميش المؤسسة التشريعية والمعارضة. تغيرت هذه الوضعية، وأصبحنا اليوم على صعيد مجلس النواب أكثر حضورا ومبادرة ووزنا. أما داخل الحزب، فقد انطلقت دينامية تنظيمية و سياسية جديدة، حيث صارت الأغلبية الساحقة من مؤتمراتنا الإقليمية لا تقل عن ألف مشارك، و اصبحنا ننظمها في القاعات العمومية، بدل المقرات الحزبية، وأصبحت الأجهزة تنتخب بالإقتراع، ولم تخلف هذه العملية مشاكل وآثار سلبية، إلا نادرا، لكن سرعان ما نتغلب عليها. ورافق كل هذا العمل، تحضير سياسي و فكري، من حيث التصورات و التحاليل و إعداد التقارير على المستوى المحلي و الإقليمي و الجهوي، ببرامج وبدائل نضالية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية و بيئية و عمرانية... و بموازاة هذه الدينامية السياسية و التنظيمية، خلق الحزب دينامية فكرية، من خلال الندوات الإشعاعية التي نظمها، و التي شارك فيها مناضلون و أطر حزبية و اساتذة و مثقفون، في مختلف المجالات، بشجاعة أدبية نادرة و كفاءة عالية. و عرفت قطاعات الحزب نهضة جديدة، حيث نظمنا العديد من المؤتمرات، بحضور وازن لمختلف التخصصات و الأعمار و الكفاءات من نساء و رجال، من مختلف الأقاليم المغربية، و أنتجت هذه المؤتمرات تقارير و توصيات، تشكل بدائل حقيقية للسياسات الفاشلة للحكومة، و ترسم لحزبنا خريطة طريق، في مختلف الواجهات. و نفس الدينامية تعرفها شبيبتنا و منظمتنا النسائية، و باقي الواجهات الحزبية، كما تقدمنا في آليات تواصلنا، و تجاوزنا الوضع السابق، رغم كل النقائص و الصعوبات، التي يعرفها الجميع. في مجال العلاقات الخارجية: توفقنا كقيادة جديدة منبثقة عن المؤتمر التاسع في استعادة المبادرة أيضا واعتبرنا من الوهلة الاولى أن تحركنا في الواجهة الدولية هو مسؤولية جسيمة من صميم مسؤولياتنا القيادية، وكان منطلقنا في العمل هو أولا تعزيز المكتسبات التي حققها حزبنا قبل المؤتمر التاسع، فسهرنا على تجميع الطاقات وتوزيع المهام، وحرصنا على عقلنة التدبير وادماج الفعاليات، وسطرنا برامج للعمل ووقعنا اتفاقيات للشراكة والتعاون . وبفضل المنهجية الجديدة التي اعتمدناها بدأت تحركاتنا في هذه الواجهة تؤتي ثمارها، حيث زارتنا في مقر حزبنا عدة شخصيات دبلوماسية وقيادات سياسية ووفود حزبية من اوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا ، ولبينا الدعوة من أحزاب صديقة في الخارج، وشاركنا بحضور وازن في عدد من المؤتمرات واللقاءات الدولية، ونظمنا في بلادنا اجتماعات اقليمية ومنتديات عالمية كان لها الوقع الإيجابي على سمعة بلادنا و مكانة حزبنا. اليوم أيتها الاخوة والأخوات، أصبح حزبكم يتقلد مسؤوليات قيادية في عدة منظمات دولية واقليمية ، فنحن فضلا عن عضويتنا في مجلس رئاسة الاممية الاشتراكية ورئاستنا للأممية الاشتراكية للنساء، تولينا في اطار تعزيز المكتسبات رئاسة لجنة الهجرة التابعة للأممية الاشتراكية، وانتزعنا العضوية في لجنة الأخلاقيات للأممية الاشتراكية ، واكتسبنا العضوية في المجلس الدولي للتحالف التقدمي وفي لجنته القيادية ، ونتولى المسؤولية في الهيئة التنسيقية للمنتدى الديمقراطي الاجتماعي العربي، وحصلنا على العضوية في لجنة المراقبة في لايوزي(الاتحاد العالمي للشباب الاشتراكي) ونتحمل مسؤولية العضوية في الأمانة العامة لاتحاد الشبيبة الاشتراكية العربية، ولقد كانت أول رسالة في العلاقات الخارجية وقعتها شخصيا منذ انتخابي كاتبا أول للحزب هي رسالة طلب عضوية الاتحاد الاشتراكي في حزب الاشتراكيين الأوروبيين ، فجاءت الاستجابة ترحيبية على الفور، وتلاها مباشرة تنظيمنا لندوة مع (الفريق الاشتراكي الأوروبي) في نونبر 2013 بمراكش ، وقبل هذه الندوة وفي اطار التفاعل الايجابي والذكي لحزبنا مع تفاعلات الربيع العربي، استضاف حزبنا أشغال المؤتمر التأسيسي للمنتدى العربي الديمقراطي الاجتماعي في يونيو 2013 بالرباط، ثم بعد ذلك استضفنا من خلال الشبيبة الاتحادية المؤتمر التأسيسي لاتحاد الشبيبة الاشتراكية العربية في فبراير 2014. وفي كل هذه الواجهات كان حزبنا من خلال قيادته وأطره يقدم صورة ايجابية عن النضال الديمقراطي في المغرب وعن مكتسباته وتحدياته، وفي كل هذه الواجهات أصبح الاتحاد الاشتراكي فاعلا دوليا ينصت اليه ويحسب له الحساب ، وعبر كل هذه الواجهات أصبحت الحركة الاشتراكية والتقدمية في العالم تتعامل مع قضيتنا الوطنية الاولى بكثير من الاحتراز والاتزان، وبمقاربة تشاورية جديدة تقطع تدريجيا مع مرحلة الادانة الجاهزة للمغرب والدعم اللامشروط لأطروحة الانفصال. ونحن انطلاقا من هذه الحصيلة الايجابية التي حققناها في فترة وجيزة نعتزم مواصلة تنفيذ خطة عملنا في اطارالتزاماتنا الدولية وفي اطار التعاون والتكامل بين الدبلوماسية الحزبية والدبلوماسية الرسمية بما يضمن المصالح الاستراتيجية لبلادنا. أخواتي إخواني، ها نحن نستعرض فقط، وباقتضاب شديد، هذه الحصيلة، فهل هي دليل أزمة أم دليل عنفوان؟ ثم هل نحن، في كل هذا، نسعى لوحدة الحزب، عبر العمل الميداني والتنظيمي، أم أن هذا المجهود الكبير، الذي يبذله كافة المناضلات والمناضلين لا يساوي شيئا أمام الطموح الذاتي لبعض الأشخاص؟ لقد سرنا في طريق التوحيد، منذ الوهلة الأولى، والدليل على ذلك هو أننا مباشرة بعد انتخابنا في المؤتمر التاسع، سعينا إلى الإتصال بإخواننا في الحزب الإشتراكي و في الحزب العمالي، من أجل طي صفحة الاستعداد للقيام بهذه الخطوة التاريخية. فمن الوحدوي إذن؟ ومنذ نهاية أشغال المؤتمر التاسع ونحن ندبر الحملة التي يقوم بها من سموا أنفسهم بالتيار، بكل صبر وحكمة، رغم كل ما قاموا به ضد الحزب، و ما صرحوا به من تشهير وسب وقذف وتشويه، لمناضليه و صورته أمام المجتمع. في البداية اتهمونا بالتزوير، على صفحات الجرائد المأجورة، و لم يقدموا أي دليل أو حجة على ذلك. و شوهوا صورة الحزب أمام الرأي العام الداخلي و الخارجي. و نريد هنا أن نؤكد مسلمة يعرفها أبسط الناس، و هي أن من يوجه الإتهام، عليه أن يقدم البرهان على اتهامه، و كان على الذين اتهمونا بالتزوير و اتهموا المؤتمرين بتلقي التعليمات، أن يقدموا حججهم للجنة الإدارية، أو أن يتوجهوا إلى القضاء، هذه هي الثقافة الحقوقية و النضالية و الأخلاقية. و هذا واجبهم قبل أن يكون حقهم، لأنه من واجبات المواطن عدم التستر على الجريمة. لكنهم لم يفعلوا، لأن لا حجج لديهم على الكذب و البهتان و إطلاق الإشاعات تلو الأخرى، بل واصلوا حملتهم في الجرائد الورقية والإلكترونية المشبوهة. ثم بعد ذلك تحججوا بالدفاع عن التيارات داخل الحزب، و هنا أيضا قلنا لهم بأن الأمر ينبغي أن يناقش داخل لجنة تفعيل الأداة الحزبية، و أن يعرض المقترح على اللجنة الإدارية، علما أن العديد من أصحاب الدفاع عن التيارات اليوم، هم من رفضوا الفكرة في اللجنة التحضيرية للمؤتمر التاسع. ولم يقدموا أي تصور، بل قاطعوا اجتماع اللجنة المذكورة. وبعد ذلك انتظرنا منهم تقديم تصور لفكرة التيارات، لكنهم لم يقدموا و لو صفحة واحدة في الموضوع. وهنا لا بد أن نوضح أمرا هاما، و هو أن المقرر التنظيمي في المؤتمر التاسع تمت المصادقة عليه بالإجماع، و لم يتحرك أحد من هؤلاء للمطالبة بالتيارات. فكيف يصبح هذا الموضوع، و بعد ظهور نتائج المؤتمر التاسع على مستوى الكتابة الأولى و اللجنة الإدارية و المكتب السياسي، مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم؟ ولنذهب بعيدا في الجدل، حتى في الأحزاب الإشتراكية التي تتبنى فكرة التيارات، فهي تنتهي بنهاية المؤتمر، حيث يتم التفاهم على الحصص في الهياكل، طبقا للقانون، وبعد ذلك ينضبط الجميع للقيادة الشرعية. فتجربة التيارات، في العديد من الأحزاب، التي تبنتها، وهناك الكثير الذي تخلى عنها، لا تبنى على ما يسمى ب»الغاضين»، من نتائج التصويت الذي خسروه. بل على أطروحات فكرية ناضجة، تكاد تكون فلسفية، و على اختيارات واضحة في الخط السياسي، وبدائل اقتصادية و اجتماعية و ثقافية... بالله عليكم هل قرأتم لمن يسمون أنفسهم بالتيار كلمة واحدة بهذا المستوى؟ لم نسمع منهم غير الإتهامات الباطلة و سيلا من السب و القذف، في وسائل الإعلام، و حملات لا أخلاقية عبر شبكات التواصل الإجتماعي؟ أهذا هو التيار الذي يدعون أنه سيغني الحزب؟ أهذا هو ما يسمونه «حق الإختلاف»؟ وبالإضافة إلى كل هذا، واصلوا العمل التكتلي داخل الحزب، أي أنهم قاموا بإنشاء تنظيم خاص بهم، رغم صغره، لكنه لا يقبل في أي حزب، و استمروا في تنظيم الملتقيات، الموازية للتنظيم الحزبي، بدعم مالي لا نعرف مصدره، وتجييش لأشخاص لا علاقة لهم بالحزب، بهدف الإبتزاز السياسي. وجاءت فاجعة وفاة المرحوم أخينا أحمد الزايدي، وكنا أول الملتحقين ببيت العائلة، كما كنا متقدمين صفوف الجنازة، كواجب إنساني أولا، ونضالي و سياسي ثانيا. لكن ماذا حصل من طرف هؤلاء؟ تكلف الأخ عبد الواحد الراضي بأن يلقي كلمة الحزب في المقبرة، لكن أصحاب دعوة التيار، رفضوا، وتدخل الشامي أمام الملأ، وبحضور رجالات الدولة ليمنعه، و يلقي هو الكلمة، حيث واصل فكرة التكتل حتى في الجنازة، التي نعرف، نحن المغاربة، أنه في مثل هذه الظروف، تنسى الأحقاد وتتوقف الحسابات السياسية الصغيرة، احتراما للموتى ولعائلتهم ولذكراهم، حيث يحصل الإجماع على الوفاء والمواساة والمشاعر الإنسانية. ومقابل ذلك، عبر الإتحاديون عن وفائهم، بدون حسابات صغيرة، حيث جاؤوا بكثافة لتوديع أخينا الزايدي، رحمة الله عليه، سواء كانوا مخالفين له في الرأي أم لا، ما كان يهمهم في تلك اللحظة، هو التعبير عن مشاعر صادقة و التعزية والحزن والمواساة. وليس بدافع دعم سياسي لأي تكتل/إنشقاقي، كما حاول هؤلاء ترويجه. وهنا لا بد أن نواصل روايتنا، ففي اليوم الثالث لجنازة المرحوم الزايدي، توصلنا برسالة مفادها أننا ممنوعون من الحضور إلى بيت العائلة. ومقابل ذلك تم استقبال خصومنا، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة، بالأحضان. أهذه هي الشيم الأصيلة للمغاربة؟ هل هذه هي قيم النبل التي يتغنون بها؟ كيف نمنع من الحضور لليوم الثالث من جنازة المرحوم، وتتاح الفرصة لخصومنا لاستغلال المناسبة من أجل تصفية الحسابات مع الإتحاديين. ثم جاءت محطة الأربعينية، فقرر المكتب السياسي إحياءها، كما يفعل ذلك كل المناضلين، والأخ أحمد الزايدي توفاه الله وهو إتحادي. تصوروا معنا لو كنا فرطنا في إحياء الأربعينية، كانوا سيتهموننا بتصفية الحسابات و غيرها من التهم، و لما قررنا إحياءها، كواجب من الحزب تجاه المرحوم، و أوفدنا مجموعة من المكتب السياسي، للإتصال بالعائلة، كان الرفض هو الجواب، ورافقته، مرة أخرى، حملة إعلامية لتشويه صورة الحزب. وخلال الأربعينية، التي أحياها التكتل، بمسرح محمد الخامس، أعطيت فيها الفرصة لرئيس الحكومة، من أجل التهجم على الحزب، في عمل لا أخلاقي، لم يسبق له مثيل، حيث لم يتورع أصحاب ما يسمى بالتيار وكذلك بنكيران، حتى في دفن الميت و تأبينه، من استغلال مثل هذه المناسبات، التي تعودت البشرية على استحضار «الإنساني» فيها، قبل كل شيء، لكنهم آثروا أن تكون محطة للتهجم بشكل منحط، على حزبنا. ولم يقف الآمر عند هذا الحد، فقد بلغت الحملة ضد الحزب، ذروتها، عندما تدخل أحد القياديين، في حزب العدالة و التنمية، و كتب مقالا، في جريدة مأجورة، يطالب بمؤتمر استثنائي و باستقالة الكاتب الأول. و هذا تدخل سافر في شؤون الحزب، لم يسبق له مثيل. و يحظى هذا الشخص بدعم أحد إخواننا، الذي يرافقه في حله وترحاله، في الأنشطة التي ينظمه الخوانجية بالجامعات. مع هؤلاء تحالفوا ضد الحزب، بل أكثر من كل هذا، أعلنوا أنهم يتفاوضون مع حزب آخر للإلتحاق به، وصرحوا بأنهم إتصلوا بقياداته في هذا الصدد. و في آخر لقاء نظموه بالدار البيضاء يوم 20 دجنبر الأخير، وضعوا إختيارات عدة، إما الإلتحاق بالإتحاد الوطني للقوات الشعبية، أو إنشاء حزب جديد، أو مواصلة التكتل داخل حزبنا، في اتجاه القطيعة مع القيادة، التي وصفوها «بالمنحرفة»، ونعتوا القيادة والقواعد «بالفساد»، وأطلقوا على كل التجربة تسمية «المسخ»، وما طاب لهم من الكلام الذي لا يشرف من يتفوه به. بالمقابل لم نرد على مثل هذا الكلام بمثله، وجعلنا من أربعينية الأخ الزايدي، مناسبة للتأبين على الصعيد الوطني، بملتقيات، ذات مضمون نضالي و حزبي رفيع، كما أحيته الشبيبة الإتحادية، في جامعتها الشتوية، بحضور حوالي 700 شابة وشاب، في ملتقى من أنجح الملتقيات، و ترحم و وفاء لروح أخينا الزايدي من طرف الألاف من المناضلين والمناضلات. أخواتي إخواني، إننا لنتأسف حقيقة لهذه الضحالة الفكرية التي نزلت اليها بعض التصريحات والنداءات، عندما لم تجد ما تقدمه من أفكار جديدة في اطار عرض سياسي بديل أو اجتهاد معرفي أصيل، فلجأت الى استلهام عقيدة المظلومية الإخوانية لتوظفها في سياق المطالبة بالحق في الاختلاف، ونحن لازلنا محتارين في فهم هذا الالحاح على حقهم في ممارسة الاختلاف داخل حزب سياسي ، لأننا نعرف أن هذا المفهوم هو مفهوم ثقافي وأخلاقي يندرج في المجال المجتمعي ولا يمكن اقحامه في المجال الحزبي، مفهوم طورته الكتابات الفلسفية الغربية وأصلته المنظومات الحقوقية في اطار تنظيم المجتمعات وليس تدبير الأحزاب، حيث أن الحق في الاختلاف يحيل على المساواة بين الناس بغض النظر عن عرقهم أو جنسهم أو لونهم أودينهم، والمقصود أن الناس أحرار في أن أنماط سلوكهم وعاداتهم ومعتقداتهم وأذواقهم، والحق في الاختلاف استعمل أولا لمعالجة ظاهرة الشعوب الأصلية والأقليات الاثنية، ثم لتدبير التنوع الثقافي في المجتمعات المتعددة الأعراق والجاليات المهاجرة، قبل أن يصبح مفهوما مبتذلا يعزز النزعة الفردانية في الغرب، ويتذرع به المثليون والنباتيون والغوغائيون والهامشيون . فماذا يقصدون بالاختلاف؟ وفي أي شيء يريدون أن يختلفوا عن باقي اخوانهم الاتحاديين؟ هل حق الاختلاف عندهم هو أن نمكنهم من التمتع داخل الحزب بأوضاع امتيازية وبمعاملات تفضيلية، هل يريدون أن نجعلهم متميزين عن غيرهم من الاتحاديين، هل يريدون أن نعفيهم من واجباتهم الحزبية وأن نتفاوض معهم حول مصالحهم؟. انهم أكثر من ذلك، يعتبرون أن الحزب مسخ وأننا عملنا على تشويه هويته، لماذا؟ لأنهم فوجئوا بانتخاب مناضلين اتحاديين من البوادي وهوامش المدن و شباب و فئات شعبية في الأجهزة الحزبية المحلية والاقليمية والوطنية، واستنكروا على المناضلين، الذين يعتبرونهم- «بسطاء» تحمل المسؤوليات، وذلك هو الاستعلاء على الناس، وتلك هي كراهية الشعب، وتلك هي العنصرية بعينها. ان المطالبين اليوم بالحق في الاختلاف داخل الحزب هم الذين تملكتهم فوبيا القوات الشعبية ، وهم الذين يحتقرون الجماهير الشعبية، وهم الذين لا بد أن نستحضر اليوم معهم ما قاله الشهيد المهدي بنبركة عندما نبه في محاضرة له بالدار البيضاء عن التنظيم الحزبي الى «روح الأرستقراطية البغيضة التي تتكون في صفوف الحزب... والتي تسبب النفور والاستياء وتجلب التفرقة والشقاق.... والتي تجعل من واجبنا ان نشعر هؤلاء الذين يسبحون في الهواء ونرجهم رجا لينزلوا الينا..» الأخوات و الإخوة، ماذا نفعل تجاه كل هذا؟ هل نظل مكتوفي الأيدي ننتظر حتى يحسم هؤلاء موقفهم و يجودون علينا بما ارتأوه، في نهاية الشهر المقبل، و آنذاك ينصاع الحزب لاختيارهم. هل يعتقد عاقل أن حزبا يحترم نفسه يقبل مثل هذه التصرفات؟ كيف نحضر للإنتخابات المقبلة في هذه الشروط؟ هل نسير على إيقاعهم و أجندتهم؟ من المؤكد أننا لن نقف مكتوفي الأيدي، و سنقوم بواجبنا الذي كلفنا به الإتحاديات و الإتحاديون، الذين صوتوا علينا، والذين صادقوا على القانون الأساسي، وعلى النظام الداخلي، وواجبنا هو التقدم في بناء حزب المؤسسة، و تجاوز كل مظاهر السيبة و التسيب، وربط المسؤولية بالمحاسبة، لأن هذا المبدأ الديمقراطي يجب أن يسري على الجميع، في كل تنظيماتنا المحلية و الإقليمية و الجهوية والوطنية، وفي كل مؤسساتنا. إننا نسعى إلى إرساء نظام الحكامة، أي أن يقدم كل مسؤول الحساب، هذا هو مبدأ التسيير الديمقراطي و الناجع، إذ لا يمكن لأي كان أن يسير تنظيما أو مؤسسة، بدون تقديم الحساب، على التسيير والتدبير، وبدون شفافية مالية، و بدون برنامج ونظرة للمستقبل، وبدون تداول واستشارة، لأن التنظيمات والمؤسسات الحزبية، وعلى رأسها مؤسساته الاعلامية، ليست ملكا سائبا، بل هي ملك للمناضلات و المناضلين. عليكم انتم اليوم أن تحسموا حسما نهائيا في أمر هذه المشاكل المفتعلة، عليكم أن تتوجهوا كقيادة وطنية الى كل القواعد الحزبية والى كل الجماهير الشعبية والى كل المتعاطفين مع حزبنا من التقدميين المغاربة، وأن تقدموا لهم تقييمكم الشامل والصريح لفترة ما بعد المؤتمر الوطني التاسع، وأن تبينوا لهم إن كانت هناك أزمة في الاتحاد الاشتراكي، أم أن الأزمة في الجهة الأخرى التي لا تريد أن يكون الاتحاد قويا مستقلا ، ولا تريده أن يكون حزبا مؤسساتيا ذكيا. إن اللجنة الإدارية مدعوة إلى اتخاذ قرارات في مختلف هذه القضايا، وحث المكتب السياسي، وكافة التنظيمات الحزبية، من فروع و كتابات إقليمية و جهوية و وطنية، و تنظيمات موازية، على تفعيل قوانين الحزب و أنظمته الداخلية، قصد اتخاذ كل الإجراءات التأديبية، في حق كل من يخرق هذه القوانين، و لا يؤدي واجبات العضوية، ولا يحترم التزاماته التنظيمية و السياسية و الأخلاقية. إخواني أخواتي، نحن متيقنون من غيرتكم النضالية على حزبكم، و من استعدادكم، رفقة كافة المناضلات والمناضلين المخلصين، للعمل على دعم البناء التنظيمي، والارتباط بالجماهير الشعبية، للدفع بعملية التغيير الديمقراطي، ومن بين أهم معاركه المقبلة، هي التحضير الجيد واليومي للاستحقاقات المقبلة. هذه هي المهمة التي لا يمكن لأحد أن يلهينا عنها، والتي تتطلب منا تركيز جهودنا، في إطار برنامج مضبوط، على كل المستويات، مع تحديد دقيق لحاجياتنا البشرية واللوجيستية، ودراسة للخريطة الإنتخابية و النتائج السابقة ومستوى حظوظنا في كل دائرة، والخطط لتي يجب أن ننهجها، وترشيح المناضلات والمناضلين والكفاءات، المرتبطة بالجماهير، الذين يمكنهم الفوز، بناء على مسطرة ديمقراطية متوافق بشأنها، سنعرض مقررا خاصا بها في هذا الاجتماع. لنا اليقين أن الاتحاد لن يخلف الموعد، فتحية لكل الذين فقدناهم وغادرونا إلى دار البقاء، وأطال الله عمر أخواتنا الرائدات و إخواننا الرواد، المجد للشهداء، وعاش الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مناضلا، وطنيا، ديمقراطيا، قويا، موحدا.