تنطلق يومه الجمعة بالرباط أشغال المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، ، تحت شعار «العدالة الجبائية»، وذلك في سياق استثنائي، يتميز على المستوى الوطني، بانطلاق تفكير جماعي عميق حول مستقبل النموذج التنموي الوطني، وعلى المستوى الدولي، بتصلب ملموس في قواعد الامتثال الضريبي. وعلى مدى يومين سيحاول المشاركون في المناظرة تحديد الخطوط العريضة لتجديد النظام الضريبي الوطني، عبر إعمال تفكير جماعي ومقاربة تشاورية، من أجل نظام أكثر إنصافا، فعال، تنافسي، يخدم التنمية ويستوعب المبادئ العالمية للحكامة الجبائية الجيدة. وعقب هذه المناظرة، سيتم إعداد مشروع قانون-إطار حول الجبايات من أجل وضع المبادئ الرئيسية للإصلاح الضريبي المرتقب وكذا، وضع برمجة دقيقة، على امتداد 5 سنوات ابتداء من سنة 2020، قصد تنزيل أهم التزامات المغرب في هذا المجال. ومن بين الأسئلة الكبرى التي ستحاول المناظرة إيجاد أجوبة عليها، ما هي النظم المحفزة لتحسين الإنتاجية، والتنافسية، والاستثمار، والابتكار وكيفية ترشيد النفقات الضريبية عن طريق تقييم تأثيرها على إنتاج القيمة المضافة الوطنية؟ وبما أن القيمة المضافة تتعلق أساسا بإنتاجية عاملي الرأسمال والعمل، فكيف يمكن تشجيع العمل، جبائيا، لضمان توازن معين في أداء هذين العاملين؟ وكيفية التوزيع السليم للعبء الجبائي وفقا لاستطاعة كل ملزم ولقدرته لتحقيق مبدأ العدالة والتضامن وذلك بفضل توسيع قاعدة الوعاء الضريبي، والمكافحة الفعالة للغش والتهرب الضريبين، وادماج القطاع غير المهيكل .. وفي تقديمها للأرضية التأطيرية لهذه المناظرة، اعتبرت وزارة الاقتصاد والمالية، أن إعادة تصور النظام الجبائي بطريقة ذكية، لكي يساهم في معالجة نقاط الضعف التي تعتري نموذجنا التنموي، وبالخصوص عطالة الشباب والخريجين وكذا تفاقم أشكال التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وهي إكراهات هيكلية أصبحت تستفحل بفعل ضعف وعدم انتظام معدل النمو. وتثير العلاقة بين النظام الجبائي والنمو الاقتصادي إشكالية استدامة الإطار الماكرو اقتصادي والعلاقة بين السياسة الجبائية والنفقات العمومية فيما يتعلق بضرورة التحكم في عجز الخزينة. وترى وزارة المالية أن أي إصلاح ضريبي فعال لا ينبغي أن يؤثر على استقرار الإطار الماكرو اقتصادي، لأن التجربة قد أثبتت أن النفقات الاجتماعية هي أول ما يخضع لخفض الميزانية عند وقوع الأزمات، مما يثير مرة أخرى مشاكل التفاوتات الاجتماعية وعدم المساواة، وتفاقم الهوة بين مختلف الطبقات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر جودة الخدمات العمومية المقدمة بمثابة المصدر الرئيسي لإضفاء الشرعية على استخلاص الضرائب من الملزمين.