د. عبد السلام الإدريسي لقد كان للتطور الاقتصادي والتجاري انعكاس هام على تطور منظور الدولة إلى المقاولة بصفة عامة، ودلك بانتقال دور الدولة - متجاوزا الوظائف التقليدية- إلى التدخل في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ... وفي ظل نمو وتطور القطاع الخاص وانسحاب الدولة من العديد من القطاعات التجارية، فاسحة بدلك المجال للمقاولات الخاصة، جعل النظام الاقتصادي للدولة مرتبط أكثر بالمبادرة الخاصة، لدلك كان من الضروري الاهتمام بالمقاولة باعتبارها نواة للنظام الاقتصادي للدولة، ونظرا للانتقادات التي تعرض لها نظام الإفلاس مما حدا بالمشرع المغربي إلى التخلي عنه1واستبداله بمسطرة جديدة تكرس تدخل الدولة لحماية المقاولات التي تعرف صعوبات تجعلها متوقفة عن الدفع، ومحاولة خلق التوازن بين مصالح الاقتصاد الوطني ومصلحة المقاولة في تقويم اختلالاتها ومصلحة الدائنين في استرجاع ديونهم. إلا أن مسطرة معالجة صعوبات المقاولة لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا بوجود أجهزة كفؤة وفعالة ودينامكية تستطيع تحقيق الغرض منها، ولعل أبرز هذه الأجهزة في مسطرة المعالجة المنظمة في الكتاب الخامس من مدونة التجارة لسنة 1996 هو جهاز السنديك، الذي يأخذ أهمية خاصة في المسطرة باعتباره جهازا أساسيا في تحريك دواليب الآلة الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لمسطرة المعالجة بعد فتحها في وجه المقاولة المتوقفة عن الدفع، بحيث يعتبر السنديك بما يتمتع به من سلطات هامة عنصرا ضروريا لتحقيق الأهداف المرجوة من مسطرة المعالجة. وقد اهتمت مختلف التشريعات باختلاف مرجعيتها بتنظيم سلطات السنديك بقانون خاص يؤطرها ويحدد كيفية وشروط الولوج إليها حماية للمقاولة المفتوح في وجهها المسطرة. باستثناء بعض الدول ومن بينها المغرب2، الذي كان قبل قانون1996 لمدونة التجارة يعرف جهاز وكيل التفليسة (السنديك)، والذي كان يعد رأس الحربة في الأجهزة المشرفة على مسطرة التفليسة بحيث كانت له صلاحيات خاصة وجوهرية لإدارة أموال المفلس والإبقاء عليها3، ولإجراء التصفية الجماعية للأموال والنيابة عن كتلة الدائنين4. وقد كان يتم تعيين السنديك من بين موظفي كتاب الضبط، كما كان يجوز اختيارهم من بين الدائنين بشرط أن يوافق على ذلك بالإجماع من يعتبرون دائنين5. كما قام المشرع المغربي خلال هذه الفترة إلى إنشاء مكتبين للإفلاس والتصفية القضائية في كل من المحكمة الإقليمية بالرباط والدار البيضاء، بالاعتماد على عدد من موظفي كتاب الضبط المتخصصين في مهام التفليسة والتصفية، في حين يعين في المدن الأخرى التي لا تشمل على مكاتب مشابهة موظفون من مأموري كتاب الضبط المتخصصين في مواد الإفلاس والتصفية الذين يعملون تحت سلطة رئيس كتابة ضبط بالمحكمة، ودلك خلافا لزملائهم في الرباط والدار البيضاء الذين يقومون بنشاطهم تحت إشراف وسلطة مكتب الافلاسات والتصفية6. أما في ظل القانون الحالي، وبعد تغير الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمغرب7 فتم التخلي على نظام الإفلاس وتعويضه بنظام معالجة صعوبات المقاولة على اعتبار أنه النظام الملائم الذي يمكن أن يواكب و يلائم التوجهات الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، فالملاحظ أنه قد تم التخلي عن تعيين السنديك باجماع الدائنين8 وأصبح يعين من بين كتاب الضبط أو الغير9، وذلك لتلافي الخلافات التي كانت تثار بين الدائنين حول تعيين السنديك من جهة10، ومسايرة الوضعية الجديدة للمقاولة ودورها في النظام الاقتصادي والاجتماعي من جهة أخرى11. إن الدور الذي يقوم به السنديك في هذا المجال لدور خطير من خلال السلطات التي منحها له المشرع في مجال الإدارة وتسيير عمليات التسوية والتصفية القضائية في ظل مدونة التجارة الحالية، ولما يلعبه من دور محوري في تحريك الآليات القانونية والاجتماعية والاقتصادية الرامية إلى النهوض بالمقاولة المختلة وبلورة الحل الملائم للمشاكل التي تعيشها، الأمر الذي يتطلب من السنديك أن يتمتع بالخبرة والكفاءة العالية للممارسة السلطات المخولة له في أحسن الأحوال بغية الوصول إلى الأهداف المتوخاة من خدمته12. ويتقلد السنديك باعتباره أحد الأجهزة الأساسية والرئيسية في مسطرة المعالجة، وظائف وسلطات هامة وكثيرة تختلف باختلاف مراحل مسطرة المعالجة، بداية بالشروع في معالجة الصعوبات التي تواجه المقاولة المفتوح لمصلحتها المسطرة بوقف كل المطالبات والتنفيذيات المنصبة على أموالها، وتوفير التمويل اللازم لإنقاذها سواء عن طريق مخطط الاستمرارية أو عن طريق مخطط التفويت، اللهم إذا تأكد بما لا يدع مجالا للشك بأن هذه المقاولة لا يرجى شفاؤها فإنه في هذه الحالة تتم تصفيتها وتتنوع هذه السلطات حسب طبيعتها إلى سلطات مالية واقتصادية وأخرى قانونية. و البحث في السلطات الممنوحة السنديك في الكتاب الخامس من مدونة التجارة معناه العمل على تقييم دور السنديك ومدى فاعليته في إدارة المسطرة، ولا يمكن أن يتأتى ذلك إلا من خلال البحث في طبيعة هذه السلطات، خاصة وأن هذه الأخيرة تتنوع وتختلف طبيعتها، إذ تارة يتدخل السنديك كمساعد(المبحث الأول) وتارة أخرى يتدخل كفاعل يتمتع بسلطة تقريرية(المبحث الثاني). المبحث الأول: تدخل السنديك كمساعد في مسطرة المعالجة كما سبقت الإشارة، فالمحكمة وأثناء الحكم بفتح المسطرة تقوم بتعيين السنديك13 سواء أكانت من كتاب الضبط14 او من الغير15، تسند إليه العديد من الصلاحيات بموجب الكتاب الخامس من المدونة، ومن بين هذه الصلاحيات ما يجعله يؤدي وظيفة المساعدة والتي تتم من خلال مهمة التحقيق(المطلب الأول) أو من خلال وظيفة الاقتراح(المطلب الثاني). المطلب الأول: مهمة التحقيق طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة686 من مدونة التجارة 1996، يتعين على كل الدائنين الذين نشأت ديونهم قبل صدور الحكم بفتح المسطرة أن يقدموا تصريحا بهذه الديون إلى السنديك، وذلك قصد تمكينه من أخذ صورة واضحة حول أصول وخصوم المقاولة. وبعد عملية التصريح تأتي عملية تحقيق الديون والتي يروم المشرع من خلالها تمكين السنديك من تحديد خصوم المقاولة أو عناصرها السلبية، التي تحظى بالحق في المشاركة في توزيع أصول المقاولة المتبقية بين الدائنين حسب المرتبة التي يحتلها دين كل واحد منهم في المسطرة الجماعية المفتوحة.16 هذا إلى جانب تمكينه من إبعاد الديون المشبوهة أو التي قدمت على سبيل الغلط أو الاحتيال، أو خرقا للمقتضيات الجوهرية أو الشكلية لنظام التصريح أو خارج الآجال القانونية التي تضبط هذا التصريح.17 وتعد عملية تحقيق الديون إلزامية وواجبة فبدونها لا يمكن تحديد خصوم المقاولة الحقيقية18 وهي بذلك من العمليات الجوهرية التي يكلف بها السنديك لكونها تحدد الدائنين الذين قبلت ديونهم جزئيا أو كليا. ويقوم السنديك بتحقيق هذه الديون تحت مراقبة القاضي المنتدب، وذلك بمساعدة المراقبين(المادة 640-645-693من مدونة التجارة)، وبحضور رئيس المقاولة المفتوح ضدها المسطرة أو بعد استدعائه بصفة قانونية(693من م ت). وإذا كان الدين موضوع نزاع يقوم السنديك بإخبار الدائن بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، ويجب على السنديك أن يبين في الرسالة سبب النزاع في الدين المصرح به، وإن اقتضى الحال مبلغ الدين الذي تم اقتراح تقييده في قائمة الديون المقبولة19، كما يتعين عليه أثاء قيامه بهذه المهام أن يحترم الالتزامات القانونية والتعاقدية المفروضة على رئيس المقاولة (الفقرتين الأولى والثانية من المادة 640 من مدونة التجارة 1996). وفي نفس الإطار يتعين على السنديك بموجب المادة 694 من مدونة التجارة، بعد دعوة رئيس المقاولة إلى إبداء ملاحظاته وداخل أجل أقصاه ستة أشهر ابتدءا من صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، إعداد قائمة بالديون المصرح بها إليه مع اقتراحاته والتي تدور حول: إما قبول الدين جزئيا أو كليا، أو رفض الدين جزئيا أو كليا، أو إحالة الدين على المحكمة المختصة إذا كان هذا الأخير موضوع نزاع بين المقاولة والدائن، ويقوم السنديك بتسليمها إلى القاضي المنتدب قصد اتخاذ قرار قضائي بشأنها. ولما كانت هذه المهمة مدرجة في الوظائف التي يقوم بها السنديك لمساعدة الأجهزة الأخرى على تفعيل المسطرة وإيجاد الحل المناسب للصعوبات التي تواجه المقاولة المتوقفة عن الدفع، فالسنديك عندما يتدخل لتحقيق الديون فإنه يزاول وظيفة إلزامية أناطها به المشرع، ولو أن هذا التدخل يبقى لمساعدة باقي الأجهزة المتدخلة في المسطرة لإعطاء صورة واضحة حول الوضعية المالية للمقاولة، فإنه لا يمكن إعفاء السنديك من مسؤوليته الجنائية أو المدنية إذا كان لها محل، ويمكن أن تترتب المسؤولية في هذا الإطار إذا قام السنديك بتواطؤ مع الدائنين بإدراج بعض الديون الوهمية، لتضليل القاضي المنتدب الذي تبقى له السلطة التقريرية لاعتماد الديون أو رفضها، وهذا السلوك لا شك وأنه سينعكس سلبيا على مصالح المقاولة وعلى مصالح الدائنين. المطلب الثاني: وظيفة الاقتراح تعتبر هذه الوظيفة من أهم الوظائف خطورة، إذ غالبا ما تعتمد المحكمة في اختيارها للحل الملائم وضعية المقاولة المتوقفة عن الدفع على اقتراح السنديك20، وهذه الوظيفة لا يمكن للسنديك القيام بها إلا من خلال تتبع العديد من المراحل الأولية التي بناءا عليها يقترح هذا الحل، وبذلك فالسنديك يقوم بوظيفة أولية تتمثل في جمع المعلومات التقنية والمحاسباتية التي تمكنه من تقويم وضعية المقاولة تقويما سليما يسمح للمحكمة وللقاضي المنتدب باتخاذ القرارات والإجراءات الضرورية في الوقت الملائم لتصحيح المقاولة المتعثرة أو تصفيتها. كما يقوم بفتح باب الحوار والتشاور مع رئيس المقاولة والدائنين لانقاد المقاولة. ويزود المحكمة والقاضي المنتدب وكذا الدائنين بالتقارير اللازمة ضمانا لحسن سير مساطر المعالجة وشفافية الإجراءات21. وفي هذا الإطار فعمل السنديك يبدأ بخطوة أولية يلتزم فيها بالسهر على إعداد المخطط الملائم للصعوبات التي تواجهها المقاولة المتوقفة عن الدفع للخروج بها من المأزق المالي والاقتصادي الذي تتخبط فيه، وذلك بكيفية تحقق مصلحة هذه المقاولة ومصلحة دائنيها وتحافظ قدر الامكان على مناصب الشغل الموجودة، وتسمى هذه الفترة بفترة التأمل أو الملاحظة22. إد يقوم السنديك خلال هذه الفترة بوضع الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية23 بمشاركة رئيس المقاولة وبالمساعدة المحتملة لخبير أو عدة خبراء (الفقرة الأولى من المادة579 من مدونة التجارة1996). وما يلاحظ أن المشرع المغربي لم يبين الإطار الذي تتم فيه مشاركة رئيس المقاولة للسنديك في إعداد الموازنة المالية...كما لم يبين ما إذا كان لجوء السنديك إلى المساعدة المحتملة لخبير أو عدة خبراء يتم بدون إذن من القاضي المنتدب أم أن ذلك يقتضي صدور أمر من القاضي مادام أنه هو الذي يسهر على السير السريع والحسن للمسطرة. ويرى الدكتور «محمد لفرجي» أن أمر تعيين الخبراء من طرف السنديك لا يقتضي صدور إذن بذلك من القاضي المنتدب، مبررا ذلك بكون سلطة القاضي المنتدب على السنديك تقتضي أن يحيطه هذا الأخير بجميع الخطوات التي يتم قطعها خلال أي مرحلة من مراحل سير المسطرة24. وقصد تيسير مهمة السنديك في إنجاز الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية، خول له المشرع الحق في الحصول على المعلومات التي من شأنها أن تعطيه فكرة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة، سواء عن طريق مراقبي الحسابات والإدارات والهيئات العمومية، أو عن طريق أي شخص آخر، وذلك على الرغم من أي مقتضيات تشريعية مخالفة (المادة 581 من مدونة التجارة 1996). ويهدف المشرع من خلال هذا المقتضى القانوني إلى تكليف السنديك بجمع المعلومات ومركزتها لديه كي يتمكن من تشخيص وتقويم وضعية المقاولة تقويما سليما، كما أن هذه المعلومات تمكنه من وضع تقرير الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية الذي على ضوئه يتم اقتراح الحل المناسب للمقاولة25. في نفس الإطار فالسنديك ملزم ببذل قصارى جهده في إعداد تقرير الموازنة لتنوير المحكمة بصورة واضحة ولو نسبيا عن وضعية المقاولة وجرد خصومها وأصولها. حتى تتمكن المحكمة من الاحاطة بكل المعطيات الضرورية حول المقاولة بشكل يساعدها على رصد الخلل واختيار الحل الأنسب. تجدر إلى الإشارة إلى أن المشرع المغربي حدد أجلا أقصاه أربعة أشهر قابل للتجديد مرة واحدة بطلب من السنديك 26لإعداد كل من الموازنة والاقتراح المتعلق إما باعتماد مخطط لتسوية المقاولة أو مخطط لتصفيتها( المادة 579 من مدونة التجارة 1996). غير أنه وإن كانت السرعة مطلوبة في إنجاز السنديك للتقارير المتعلقة بالموازنة المالية والاقتصادية للمقاولة حتى يتم التقرير في مصيرها في الوقت المناسب، فإن هذه الآجال قد تكون عاملا من عوامل تسرع السنديك في عمله، خصوصا إذا تعلق الأمر بالمقاولات أو شركات كبرى، حيث الحسابات المعقدة والعلاقات المتشابكة والمتعددة، وقد يزداد الأمر صعوبة إذا كان للمقاولة فروع في مناطق مختلفة، مما يحتم على السنديك التنقل لمدة بين هذه الفروع نظرا لتداخلها وارتباطها بمركز الشركة27. وإذا كانت الموازنة الاقتصادية والمالية للمقاولة ليست بالأمر السهل على السنديك فكيف سيكون الوضع إذا لم يقم السنديك بتحرير هذا التقرير في الوقت المحدد له، و هل للمحكمة أن ترتب مسؤولية السنديك الشخصية إذا تبث عدم جدية التقرير المنجز من طرفه؟ فعلى مستوى الممارسة أثبتت التجربة أن بعض السنادكة يكتفون في تقاريرهم بوصف تقني بسيط مرفوق ببعض الوثائق من السجل التجاري أو بعض المعلومات محصل عليها من الابناك، أو معطيات ممنوحة من طرف مؤسسات أو هيئات إدارية أو غيرها، دون تحمل عناء التمحيص والتفحص في جميع العناصر التي من شأنها إعطاء رؤية واضحة عن وضعية المقاولة امتثالا لنص القانون ومساهمة في إيجاد الحل المناسب للمقاولة. وبذلك فمسؤولية السنديك سواء الجنائية أو المدنية أو هما مها يمكن إثارتها في حالة تأخر السنديك عن تقديم التقرير في الوقت المحدد أو في الحالة التي يكون فيها التقرير بالشكل السابق ويؤدي إلى الإضرار بمصالح المقاولة والدائنين.28 إن السنديك يتمتع بصلاحيات واسعة خلال فترة إعداد الحل بحيث يتلقي العروض من الاغيار الذين يعملون على تقديم عروضهم الرامية إلى الحفاظ على نشاط المقاولة، ويقوم بدراستها وتحليلها بشكل دقيق وكاف بإعمال أسلوب المقارنة والترجيح قصد اختيار العرض الماثل وإرفاقه بالتقرير الذي يعده بشأن الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة بشأن وضع مخطط مشروع التسوية (المادة 582 من مدونة التجارة لسنة1996) معتمدا على قوته الاقتراحية على المحكمة التجارية المفتوح أمامها المسطرة باعتماد مشروع مخطط استمرارية يعتمد على تغيير في رأسمال المقاولة29، أو المطالبة بمواصلة العقود الجارية التنفيذ30.... ويقوم السنديك أثناء تلقيه للتصريحات بالديون باستشارة الدائنين كل واحد على حدى أو بشكل جماعي(م 585 إلى م587 من مدونة التجارة 1996) بغية الحصول على موافقتهم على الآجال والتخفيضات التي يتم اقتراحها عليهم لضمان مخطط استمرارية المقاولة. هذا بالإضافة إلى استطلاع رأي المراقب أو المراقبين المعينين من طرف القاضي المنتدب بخصوص ما يقترحه على الدائنين وما يتوصل إليه من اتفاقات معهم( المادتين 585-589 من مدونة التجارة1996) إضافة إلى استطلاع ملاحظات واقتراحات رئيس المقاولة بخصوص مخطط استمرارية المقاولة المراد عرضه على المحكمة(المادة 589 من مدونة التجارة 1996)، إذا رأى في هذا المخطط مخرجا للصعوبات التي تعاني منها المقاولة. إن دور السنديك في اختيار الحل جد هام لكون المحاكم على مستوى الممارسة تعتمد بشكل كلي نسبيا على الحل الذي يقترحه السنديك، الأمر الذي يثير حفيظتنا للتساؤل من جديد هل تترتب مسؤولية السنديك في حالة فشل مخطط التسوية المقترح؟ قد تعتمد المحكمة على مقترح السنديك الذي يدور حول اعتماد مخطط التسوية، وقد يؤدي هذا الحل إلى الزيادة في مشاكل المقاولة المالية، وهذا سينعكس بشكل سلبي على مصالح الدائنين خاصة إذا كان التقرير الذي تقدم به السنديك يقدم صورة تضليلية للمحكمة، إما أنه قد تم انجازه بشكل سطحي أو أنه أنجز بتواطؤ مع رئيس المقاولة قصد إعطاء صور لوضعية المقاولة إلى المحكمة لا تعكس الصورة الحقيقية لها، ففي هذه الحالة تقع مسؤولية السنديك. أما إذا قام السنديك بتقرير موضوعي وجيد غير نه لم يؤدي الى اخراج المقاولة من وضعيتها فهذا لا يعني بالضرورة قيام مسؤولية السنديك في نظرنا طالما أن هذا الأخير لم يخرق المقتضيات القانونية التي ألزمه بها المشرع. المبحث الثاني: سلطة الرقابة والتنفيد الممنوحة للسنديك في مسطرة المعالجة كما يتدخل السنديك كمساعد في من خلال الصلاحيات الممنوحة له من خلال الكتاب الخامس من مدونة التجارة ، فهو يتدخل كذلك كفاعل رئيسي من خلال ممارسة الرقابة على تسيير رئيس المقاولة من اجل تحقيق الحماية لأصول المقاولة والمحافظة عليها (المطلب الأول)، ومن خلال ممارسة السلطة الفعلية بالتسيير الكلي أو الجزئي للمقاولة (المطلب الثاني). المطلب الأول: سلطة المراقبة يكلف السنديك خلال هذه الفترة بمراقبة التسيير الذي يبقى من اختصاص رئيس المقاولة، وفي هذه الحالة يجب أن يتسم السنديك باليقظة وقوة الانتباه إلى الأعمال التي يمكن أن يقوم بها رئيس المقاولة والتي من شأنها الإضرار بمصلحتها، كما يتعين عليه أن يخبر بها القاضي المنتدب وأن يطلب عند الاقتضاء تغيير مهمته. إن صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة قد يعطي للسنديك مهمة التسيير الكلي أو التسيير الجزئي أو يحصر مهمته في مراقبة تسيير رئيس المقاولة، كما تخول له المقتضيات القانونية القيام بجميع الإجراءات التحفظية الرامية إلى الحفاظ على أصول المقاولة (المادة 646 من مدونة التجارة) والهدف من ذلك تحقيق غايتين مزدوجتين وضعت من أجلهما مسطرة المعالجة وهما: تسهيل عملية التسوية وإعادة المقاولة إلى وضعيتها بالقيام بالأعمال التي من شانها المحافظة على وسائل الإنتاج بالمقاولة من جهة، وحماية أموال المقاولة الخاضعة للمسطرة من الضياع حفاظا على الائتمان، أي بمعنى الحفاظ على مصالح الدائنين وعمال ومستخدمي المقاولة من جهة ثانية. ويقوم السنديك تحقيقا لهذا الغرض بمجموعة من الإجراءات التحفظية بمجرد صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة ومن بينها وضع الأختام على أموال المقاولة بحيث يشمل هذا الإجراء جميع أموال المقاولة المنقولة و العقارية( المواد 221 إلى 242 من قانون المسطرة المدنية 1974 يتم تطبيق هذه المقتضيات القانونية كلما لم تتعارض مع مقتضيات مدونة التجارة1996). كما يقوم السنديك بعد أن يكون قد وضع الأختام وبحضور المدين بجرد لأموال المقاولة(المادة 649 من مدونة التجارة 1996)، على أن يلتزم المدين بتمكين السنديك بالمعلومات غير المتوفرة لديه. وإن كان هذا الإجراء يبدوا عاديا من الناحية النظرية ففي الواقع يصعب على السنديك حتى ولو قام بإعمال أحكام المادة 646 من مدونة التجارة الحالية القيام بجرد كامل لأموال المقاولة، الأمر الذي يحول دون تمكينه من اخذ صورة واضحة المعالم عن الوضعية الاقتصادية والمالية والاجتماعية للمقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة. وفي إطار الإجراءات التحفظية الرامية إلى الحفاظ على أصول المقاولة من التبذير يمكن للسنديك بأمر من القاضي المنتدب تسلم الرسائل الموجهة إلى رئيس المقاولة باستثناء الرسائل الشخصية أو التي يكون موضوعها تبليغ مقررات قضائية(المادة 651 من مدونة التجارة)، وذلك لتفادي كل تواطؤ أو غش محتمل قد يقع من رئيس المقاولة أو أحد دائنيه أو مدينه، وهذا الإجراء قد يساعد على تسيير أو مراقبة تسيير المقاولة خلال فترة إعداد الحل بالكيفية التي تسمح له باقتراح الحل الأنسب لوضعيتها. ويمكن أن تطال الإجراءات التحفظية الشريك المتضامن والمسيرين القانونيين والفعليين، مادام أن أموالهم الشخصية قد تخضع بدورها إلى مسطرة المعالجة، ويتعين على السنديك في هذه الحالة القيام بجرد لأموالهم وتحويل حقوقهم وحصصهم في الشركة إلى حساب خاص مجمد يفتحه باسم حامليها أو مالكيها وتمسكه الشركة أو الوسيط المالي بحسب الحالة. ويشير السنديك إن اقتضى الحال إلى عدم قابلية تفويت حصصهم في سجلات الشركة التي تنتهي فترتها بقوة القانون بمجرد قفل المسطرة31. بالإضافة للأعمال التحفظية التي يقوم بها السنديك، فقد خول له المشرع الحق لوحده في ممارسة دعوى البطلان قصد إعادة تأسيس وجمع أصول المقاولة(المادة 685 من مدونة التجارة 1996)32 باعتباره الوحيد الذي يمكنه التصرف باسم الدائنين ولمصلحتهم(المادة 642من مدونة التجارة 1996) 33. وذلك لأنه لا يمكن للدائنين فرادى أو جماعة، ولا للنيابة العامة ولا لممثلي المأجورين ممارسة هذه الدعوى، كما لا يمكن للمحكمة التجارية المفتوحة أمامها المسطرة التصريح من تلقاء نفسها بهذا البطلان34. والملاحظ أن المشرع المغربي لما أسند هذا الاختصاص للسنديك بمفرده، قد أخذ بعن الاعتبار الحماية التي يقوم بها السنديك لأصول المقاولة في مواجهة بعض التصرفات التي يقوم بها المدين رئيس المقاولة وبالخصوص فيما يتعلق بأداء دين ناشئ قبل صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، إذ تعتبر هذه التصرفات وخاصة داخل فترة الريبة35 باطلة إما وجوبيا أو جوازيا لوجود شك وريب يحوم حول حسن نية هذا الأخير في إجرائها ( المادة 681 مع مراعاة المادة 684 من مدونة التجارة 1996). إن الحكم القاضي بفتح المسطرة قد يكلف السنديك بمراقبة أعمال التسيير التي يقوم بها رئيس المقاولة دون المشاركة في فيها، وذلك لا ينبغي أن يفهم منه أن رئيس المقاولة له الحق في التصرفات كما في الماضي قبل الحكم بفتح المسطرة، فضمانا لمبدأ المساواة ما بين الدائنين، قرر المشرع منع كل من رئيس المقاولة أو السنديك من أداء لأي دين ناشئ قبل صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة هذا بالإضافة إلى منعهم من إنشاء التأمينات أو تقييدها36. والملاحظ أن المشرع المغربي لم يحدد الأجل الذي يتعين على السنديك القيام في داخله بممارسة دعوى البطلان الوجوبي بعد إخباره للقاضي المنتدب وإعادة تأسيس جميع أصول المقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة، متبنيا نفس التوجه الذي اتخذه المشرع الفرنسي، غير أن الاجتهاد القضائي الفرنسي37 ذهب إلى أنه يتعين رفع دعوى البطلان داخل الفترة التي يكون فيها الدائنون لازالوا محقين في التصريح بديونهم إلى المتصرف القضائي أو إلى ممثل الدائنين بحسب الأحوال، أو في تقديم طلبات إلى القاضي المنتدب من أجل رفع السقوط عليهم نتيجة عدم القيام بهذا التصريح داخل الآجال القانونية المحددة لهذا الغرض. و إذا كانت هذه سلطات يمارسها السنديك بقوة القانون للرقابة على أصول المقاولة فإنه بالنسبة للحكم القاضي بفتح المسطرة إذا ما اقتصر على إسناد السنديك سلطة الرقابة فالتساؤل يظل مطروحا حول طريقة هذه المراقبة والآليات التي مكن المشرع بها السنديك للقيام بهذه المهمة؟ يتبع....