الوكالة الوطنية تشدد على ضرورة احترام الاتفاقية الأولى التي تخص التعريفة الموحدة حتى وإن لم يتم تجديدها، فما هو تعليقكم؟ لنفرض جدلا أننا سنتفق حول مبدأ أن الاتفاقية الموقعة هي التي تظل سارية المفعول في حال عدم تجديدها، وبالتالي هنا يطرح سؤال مهم، وهو المرتبط بمصير الاتفاقية الموقعة في يناير 2011 بين وزارة الصحة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وصندوق منظمات الاحتياط الاجتماعي وباقي المتدخلين، والتي كان من المفروض أن تدخل حيز التنفيذ ويتم الشروع في تطبيقها بجميع حذافيرها قبل نهاية يوليوز 2011، هذه الاتفاقية التي تتضمن 10 تدابير وإجراءات متعددة، وتمنح صلاحيات جديدة وخاصة للأطباء، ومنها وضع تسعيرة جديدة تخص الإنعاش وتدخل الأطباء، والتواصل بين القطاع الخاص والعام، التي لحدّ الساعة هي معطلة ولم يتم العمل بها، فما المانع الذي يحول دون ذلك، وهو الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام، علما بأنه حتى وإن لم توقع هذه الاتفاقية الجديدة، وفي حال تعذر القيام بأية مبادرة في هذا الصدد ما بين الأطراف المعنية بأجمعها، فإنه يتعين على وزير الصحة التدخل وتحديد تعريفة مرجعية أخرى تتلاءم والمتغيرات التي يعرفها المغرب. ومع ذلك تتشبث الوكالة بمعاقبة الأطباء والمصحات المخالفة للتسعيرة ؟ سؤال آخر يطرح أيضا في هذا الصدد، ويتعلق بالفئة المعنية بالمساهمة في إنجاح ورش التأمين الإجباري على الصحة، وهي فئة الأطباء، الذين في حال تفاعلهم بشكل طوعي مع هذه الاتفاقية فيجب أن تكون ضامنة لكرامتهم، محترمة لقيمتهم ومكانتهم العلمية وللمجهودات التي يقومون بها، معترفة بقيمتهم المضافة في المجتمع، فهم يتعاملون مع أغلى ما يكسب المواطن وهو صحته، ويضعون أنفسهم رهن إشارة المريض في كل وقت وحين لتقديم خدماتهم والمساهمة في إنقاذه أو التخفيف من آلامه في حدّ أدنى، والطبيب حين يتفاعل مع مقتضيات الاتفاقية التي تخص التعريفة الموحدة فهو يقوم بذلك من منطلق مواطناتي، والحال انه ليس هناك ما يلزمه للامتثال لها أو العمل بها، وهذا ما يجب التأكيد عليه. إن الأطباء يضعون نصب أعينهم الوضعية المادية والاجتماعية لفئات عريضة من المواطنين والمرضى، ويستحضرون ثقلها، لكن لا يمكن بالمقابل أن نغفل أن الأطباء هم مطالبون بتوفير الجودة العالية في تدخلاتهم، علما بأن الطب الحديث أضحى تقنيا والجودة هي مرتبطة بتوفر التقنيات التي تعد كلفتها باهظة، والحال أن الدولة لا تتدخل للبتة بأي شكل من الأشكال لتحسين هذه الكلفة التقنية، فالطب قبل أن يكون له ثمن فله تكلفة وجب دراستها، وهذا ما لاتريد القيام به الوكالة والصناديق. وهنا أستحضر مثالا على ذلك، ففي الوقت الذي تحدد فيه الوكالة تسعيرة الإنعاش اليوم في 1500 درهم، فإن هذا السعر وبشكل اتوماتيكي لا يحترم جودة التدخل الطبي وبالتالي لايحترم مبدأ السهر على صحة المريض، لأنه من المستحيل توفير الجودة العالية في هذه الحالة، وذلك بناء على اعترافات دولية، التي تصنف تكلفة التدخل للإنعاش بجميع الحيثيات التي تضمن جودته في 400 اورو، أي ما يعادل 4500 درهم بالنسبة للتكلفة لوحدها وليس ما سيحتسب على المريض. وهنا أيضا أطرح مغالطة يكون ضحيتها المؤمن الذي تتعهد الصناديق بتعويض 80 في المئة من مصاريف الأدوية، والحال أنها تتحدث عن تكلفة الدواء الجنيس الذي يقلص من عائدات التعويض في حال وصف الطبيب لأدوية أصلية وليست جنيسة! وعموما فإن الأطباء هم ليسوا بجهاز حكومي وتدخلاتهم هي من أجل القيام بمهامهم وأدوارهم النبيلة، كما انه لا اتفاقية تربطهم مع المرضى وإنما مع الصناديق، وفي حال عدم الأخذ بعين الاعتبار المعطيات السالف ذكرها، فإن الطبيب هو غير ملزم بالخضوع لاتفاقية لا تستحضر مصالحه البسيطة، والرهان يبقى مطروحا على الدولة التي يجب أن توفر الخدمات الصحية للمواطنين. إلحاقكم بلجنة التدبير خلق تصدعا وسط تركيبتها لعدم احترام المساطر القانونية للقيام بذلك، ما جوابكم عن هذه الملاحظة؟ التحاقنا بلجنة التدبير لم يكن عشوائيا أو عبثيا، وإنما من خلال المساطر الإدارية المعمول بها، ولقد حظينا بموافقة الأجهزة والمؤسسات المشرفة على القطاع الصحي، ونحن نؤكد على أن التعدد النقابي هو تعزيز للمسار الديمقراطي ببلادنا ، كما نشدد على أننا لا نؤمن بسياسة الكرسي الفارغ، وبالتالي فالسؤال المقبول والذي يمكن تفكيكه وخلق نقاش بشأنه، هو مردودية ومساهمة التجمع النقابي الوطني للأطباء والأخصائيين بالقطاع الخاص في هذه اللجنة، وأي نقاش آخر فهو غير مقبول، وعلى المتضرر، لو وُجد، اللجوء إلى القضاء.