من المؤكد أن هناك فئات من المجتمع المغربي، تعيش حالة من الذهول والصدمة تجاه الجريمة الوحشية التي ارتكبت في حق السائحتين الإسكاندينافيتين، غير أَنَّه ليس مؤكداً أن هذا الموقف شامل وجامع لكل المواطنين المغاربة، رغم أن الكثيرين قد يعبرون علانية عن رفض الإرهاب، لكن هذا لا يعني أنهم أحدثوا قطيعة تامة مع الخلفيات الإيديولوجية/الخرافية، التي يروجها الفكر الظلامي، عبر الجمعيات الدينية والدعاة وقنوات الجهل وشبكات التواصل المتخصصة في الاستقطاب للتطرف الإسلاموي… ويمكن القول، إن هذا العمل الإرهابي الذي وقع في إقليمالحوز، يتضمن رسائل في غاية الخطورة: الرسالة الأولى، هي أن العملية تتجاوز كل العمليات الإرهابية، التي ارتكبت سابقاً في المغرب، لأنها تحمل توقيع ما يسمى ب»الذئاب المنفردة»، وهي صيغة جديدة من العمل الإرهابي، تتشكل خلاياها من شخص أو أشخاص قليلين، ما يجمعهم بالتنظيمات الإرهابية، مثل «داعش»، هو الولاء الإيديولوجي، واطلاعهم على التوجيهات وكيفية القيام بالجرائم والإعداد لها، عبر شبكات الأنترنيت. لذلك يصعب كثيراً ضبط مثل هؤلاء «الذئاب»، لأنهم لا يحتاجون للمتفجرات وللمسدسات والرشاشات، بل فقط لسكين، يتصيدون به الضحية، في أي مكان، وقد يصورون الجريمة بالهاتف النقال. الرسالة الثانية، هي أن مايروج له الفكر الظلامي المتطرف، ليس غريبا عن الإيديولوجية الدينية السائدة، لأنهما ينطلقان من نفس المرجعيات التراثية، بنفس المنهجية التي تقدس النصوص، حتى الوضعية منها، وتُكٓفّرُ أي مراجعة نقدية، رغم اختلاف القراءات، بين متشددين ووسطيين، لكن ليست هناك قطيعة نهائية، فكرية، بين هذا وذاك. لذلك لا يمكن أن نستغرب التحول «المفاجئ»، الذي يحدث لأشخاص، ينتقلون فيه بسلاسة إلى التطرّف الديني. ما حدث، ليس سوى تلك النقطة التي أفاضت الكأس، إذ أن هناك جمعيات ومؤسسات، رسمية وغير رسمية، ودعاة ووسائل تواصل، كلها تنشر الفكر الذي يستمد منه التطرّف مرجعياته وخلفياته، ويبلورها بشكل أكثر حدة ووضوحا وعنفاً، معنويا وماديا. وماعلينا سوى أن نتحلى بالشجاعة والجرأة، لنواجه هذا الواقع، ونفتح نقاشاً وحوارا وطنيا حول التطرّف الديني، داخل المؤسسات الدستورية، المخولة لذلك، وعلى رأسها المؤسسة التشريعية.