تعتبر الدروس الإضافية عند شريحة واسعة من الأسر المغربية شر لابد منه. وأضحت عند مجموعة أخرى علاجا لعقم منظومتنا التعليمية ،حيث ما يلبث الدخول المدرسي يمر بأيام قليلة حتى تنطلق الشرارات الأولى لهذه الظاهرة ويلوح في الأفق القريب شبح ثقيل قادم ولا مفر منه. والذي تعقد عليه شرائح مهمة آمالا كبيرة لإنقاذ موسمها الذي انطلق قبل أيام. هذه الشرائح تتكون من أهم مرتكزات العملية التعليمية والتربوية، المتجلية في الإطار التربوي،التلميذ ، والأسرة. مجموعة كبيرة من المدرسات و المدرسين أضحت متشبثة بالقيام بالدروس الإضافية، وركزت عليها في بناء توازنها المالي، فلا حياد عن هذا المنحى أمام ضغوط الالتزامات المالية ،فتراها تنخرط مبكرة في هذه الظاهرة غير مبالية حتى بالطرق التي تسلكها للدخول الفوري والشروع في أولى حصص هذه الدروس، بل منهم من يشير اليها في أول لقاء بعد العطلة الصيفية، وهناك من يدونها للتلاميذ مع لائحة الأدوات المدرسية حتى وإن كان هو شخصيا متأكد من أن هذا السلوك بعيد عن التربية والتعليم. وأحيانا عن الإنسانية اذا ما عرف ضعف الأوضاع الإجتماعية لأغلب أسر التلميذات و التلاميذ الذين تجمعهم حجرة الدرس لهذا المدرس أو تلك المدرسة. وتختلف الأوضاع في هذا المجال من مستوى تعليمي لآخر. ففي التعليم الإبتدائي. غالبا ما تنطلق من المستوى الرابع إبتدائي وتستقر بشكل رسمي في القسم السادس. وتكون غالبا في نهاية الأسبوع أو هكذا كانت في البداية، إلا ان غالبية المنخرطين في هذه الدروس ما يفضلون العمل مباشرة بعد الفترة المسائية مباشرة مما يجعل التلميذ يستهلك كل طاقاته ويتعب كثيرا ،خصوصا إذا كانت هذه الدروس من نفس معلميه معا، مما يسبب له إرهاقا شديدا للتلميذ وتكلفة مالية للأسر . والغريب في الأمر إن بعض مدرسي ومدرسات الأقسام التعليم الابتدائي يقومون هم أيضا بهذه الدروس . واجب الدروس الإضافية لايقل عن 250 درهما في الشهر، أربع مواد يصل إلى ألف درهم. لدى يفضل العديد من الأسر اللجوء إلى الدروس الليلية التي تحتضنها العديد من المؤسسات التعليمية الخاصة، في صفقة تجمع بين مالك تلك المؤسسة والاساتذة . وهي العملية التي تجنى من خلالها أموالا طائلة .لا تستفيد منها خزينة الدولة ولو درهما واحدا، فهي مربحة لصاحب المؤسسة الذي تخصص له نسبة في الأرباح يتم الإتفاق عليها مسبقا، كما يستفيد هو شخصيا من عائدات النقل والتي تتراوح بين 150 و200 درهم للتلميذ ،فيما أجرة السائقين تخصم من المداخيل، العملية جد مربحة ولو أنها غير مراقبة لا من حيث المنتوج المقدم للتلاميذ ولا من حيث الطريقة التي يقدم بها ولا من حيث جودة القاعات التي تكتظ بالتلميذات والتلاميذ واخضاعها لشروط السلامة ،علما أن قاعات الدراسة بأغلب المؤسسات الخاصة لا تقارن مع قاعات الدراسة بالمؤسسات التعليمية العمومية من حيث المساحة والتهوية. هذا بالإضافة إلى التأمين فكل التلميذات و التلاميذ غير مؤمنين حتى النقل المدرسي ليلا غير مؤمن. هذه كلها مخاطر يعلمها الجميع خصوصا في المدن الكبرى ولا أحد يهتم ،بدءا بالمسؤولين عن القطاع وحسب المتتبعين للشأن التربوي والتعليمي وفعاليات ثقافية وفكرية وحقوقية أن الإقبال على الظاهرة هو نتيجة خلل ما في منظومتنا التعليمية أو في مجموعة من الاختلالات التي تعج بها هذه المنظومة، ومن بينها على الخصوص نظام المراقبة المستمرة ونظام الامتحانات، والذي حان الوقت لإعادة النظر فيهما لكثرة الاعطاب وهزالة النتائج وتدهور المستوى، واحتلال المراتب الأخيرة عالميا. فالانتقال من قسم ومن مستوى لآخر عبر نقط المراقبة المستمرة تولد عنه ضعف المنتوج التعليمي وخلق أجواء مشحونة جدا في أيام الامتحانات الاشهادية ،خاصة امتحانات نهاية الدروس الإعدادية، وبشكل أكثر حدة بكل من الامتحان الجهوي للسنة الأولى بكالوريا والامتحان الوطني للسنة الثانية بكالوريا. حين التجأت شريحة مهمة إلى طريقة الغش في الامتحانات وحولته إلى حق مشروع وبدونه يصعب نيل هذه الشهادة. مما حذا بالوزارة المعنية إلى تنظيم لقاءات تحسيسية حول تنامي ظاهرة الغش في الامتحانات جندت لها كل إمكانياتها ،مستعينة بكل المتدخلين والشركاء الفاعلين في الحقل التربوي. ومهما كانت النتائج المحصل عليها. تبقى هذه الإجراءات فقط حلولا ترقيعية ليس إلا. في انتظار الانكباب على على حقيقة النقائص التي شابت وتشوب منظومتنا التعليمية. إن الحد والقضاء على ظاهرة الدروس الإضافية إن كانت تبدو صعبة في الوقت الحالي فإنها قطعا لن تكون مستحيلة،حين تكون النوايا حسنة و تتغير السياسات الحكومية لهذا القطاع . لقد ساهمت منظومتنا التعليمية الحالية في ريع جديد تعليمي ليس فكري وعلمي لشريحة مهمة من الاساتذة اختاروا شعار الاخذ أكثر من العطاء. لكن بالمقابل لا يمكن استثناء دور بعض الأسر في انتشار هذه الظاهرة،حيث أن مجموعة من الأسر المغربية ومع كامل الأسف أصبحت تلجأ إلى كل الطرق التي تضمن بها حصول أبنائها على نقط عالية بجميع الوسائل كي يضمنون بذلك معدلات مرتفعة تخول لهم ولوج معاهد عليا على مقاصهم أو معدلات يجتازون بها الإمتحانات الاشهادية التي سيواجهونها دون صعوبة. وكل ذلك بامتيازات سخية. لكن هناك شرفاء من نساء ورجال التعليم لا تستهويهم هذه المزايدات ولا تحرك فيهم أي ذرة من كرامتهم وعزة نفسهم. والجدير للإشارة أن هناك من يقارن بين الدروس الاضافية و دروس الدعم والتقوية، والحال أن الدعم المدرسي يكون داخل أسوار المؤسسة وتخصص له مدة زمنية ويحظى بقبول العديد من الأساتذة أغلبهم يتطوع لذلك. وهناك بعض جمعيات المجتمع المدني وفي مقدمتها جمعيات أمهات وأباء وأولياء التلميذات و التلاميذ. وقد تتدخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على الخط وتمول مشاريع تخص دروس الدعم والتقوية، وهي دروس تخدم التلميذ والأسر، عكس الدروس الخصوصية أو الإضافية التي تشتغل في ( النوار )وهو ريع تعليمي بامتياز.