ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمتحانات الإشهادية بين الغش و العنف

صرحت السيدة وزيرة التعليم المدرسي بارتياح كبير وبكثير من الفخر والزهو بأن حالات الغش قد تقلصت هذه السنة بشكل كبير وحسب السيدة الوزيرة التي وجهت رسالة شكر وتنويه لنساء ورجال التعليم في الموضوع فإنه لم تسجل على الصعيد الوطني في امتحانات الباكالوريا سوى 407 حالة غش حالات في مجموع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وسجلت بذلك نسبة تراجع بلغت %21 مقارنة مع السنة 2010 التي عرفت تسجيل 495 حالة غش في امتحانات الباكالوريا و 237 فقط سنة 2009 مقابل 1000 حالة عام 2008 فيما تم تسجيل الرقم الأعلى خلال السنوات الأخيرة بحوالي 1350 حالة غش سنة 2007 وذلك حسب المركز الوطني للامتحانات والتقويم والتكوينات المشتركة بين الأكاديميات. وهذا يؤشر حسب الوزيرة دائما إلى تنامي الوعي لدى المترشحات والمترشحين بضرورة الاعتماد على الجد والمثابرة والتحصيل للنجاح، كما يؤشر على نجاعة التدابير المتخذة في هذا المجال !!!!!!!
فهل فعلا هذه هي الحقيقة ؟؟ وإلى أي حد يمكن اعتبار هذه الارٍقام صحيحة ؟ وإذا كانت كذلك --وهو أمر مستبعد -فهل مرد ذلك إلى التدابير الإحترازية المتخذة (تعميم توزيع دليل الامتحانات البكالوريا على كافة التلاميذ بالمجان، لتفسيرالمعطيات المتعلقة بالامتحانات، ولإبراز النصوص القانونية التي تنبه إلى خطورة الغش في الامتحان والعقوبات المترتبة عن ذلك)؟ أم أن سبب هذا التراجع هو التطور النوعي الملحوظ في أساليب الغش بالشكل الذي تعذر معه على المراقبين في مؤسسات عديدة من ضبط حالات عديدة للغش (خصوصا ما يوفره الهاتف النقال من تقنيات عالية ؟ ؟ ام أن هذا التراجع في نسب الغش مرده إلى سياسة غض الطرف وعدم التشدد في المراقبة في بعض المراكز والتساهل مع التلاميذ ؟ أو عدم اتخاذ أي إجراءات تأديبية في حق التلاميذ الغشاشين بناء على تعليمات قد تكون صدرت بعدم التشدد أثناء المراقبة ؟؟؟
وهل تملك وزارتنا المحترمة عصا سحرية تمكنها بين عشية وضحاها من وضع حد لظاهرة مستشرية منذ زمان ومستفحلة منذ إقرار نظام الإمتحانات الحالي سنة 2002 أو لنقل منذ إحداث الأكاديميات ؟؟ لا يمكن لأي كان أن ينكر بأن ظاهرة الغش حاضرة بقوة داخل المؤسسة التربوية، و الجميع يعترفون بشيوع الغش في أوساط التلاميذ والأساتذة ( الإمتحانات المهنية ). و,اصبح الغش في السنين الأخيرة سلوكا عاديا وبل ومحمودا لدى التلاميذ . وكيف لا وهم يعيشون على إيقاع الغش في حياتهم اليومية ومنذ نعومة أظافرهم . إن المدرسة والمجتمع والاسرة يتحملون مسؤولية كبرى في تربية التلاميذ على الغش، فالظاهرة لا ترتبط بالتعليم فقط، بل أصبحت ظاهرة عادية في المجتمع . ماذا تنتظرون من تلميذ . يعيش الغش يوميا .....في الانتخابات، ويرى كيف تبيع أمه وابوه اصواتهما مقابل دريهمات ، و في النتائج الرياضية حيث يسمع صباح مساء عن بيع وشراء في المقابلات والنتائج وفي إسناد تنظيم بطولات....وفي تناول المنشطات ....، و في جودة المواد الاستهلاكية، و في البناء والإصلاح حيث يرى بام عينه المشاريع التي تصرف عليها الملايير تنهار في رمشة عين ومع اول هبة ريح او قطرة مطر .....والغش في ضبط مخالفة ضوابط السير على الطرقات و... و...حيث يشاهد ويسمع ما يدور بين المراقبين ومخالفي القوانين ويرى كيف يتم غض الطرف ....واللائحة طويلة .... ظاهرة الغش استفحلت بشكل مقلق على جميع المستويات والاصعدة ،بل إن الغش بات السمة الغالبة في المجتمع بحيث نجده في المدارس وفي الانتخابات و في التجارة وفي عدم احترام القوانين والأنظمة والأعراف وفي الاغتناء غير المشروع، أو في تزوير النقود...، وفي المحسوبية والوساطة والسمسرة وهذه هي المبررات التي يسوقها البعض ومنهم بعض الأساتذة طبعا لإباحة الغش والدفاع عنه في الوسط المدرسي.
في هذا الجو المشحون بالغش ، لا يبقى للتلميذ / ابن بيئته إلا الغش و النجاح بأي ثمن، ولبلوغ هذه الغاية المثلى ،فإنه يبدع في ابتكار مختلف الوسائل العادية من شراء الدروس المصغرة بواسطة آلات النسخ (الحروزة او الحجابات ) من محلات مختصة في هذه المهمة ،( تخفى بين ثنايا الملابس ) ثم الكتابة على الأيدي، والسيقان، والأذرع، والوسائل الحديثة و المتطورة التي توفرها تقنيات البلوتوت والرسائل القصيرة للهاتف المحمول. والغريب في الأمر أن هذه التقنية الخطيرة في الغش تنتشر بشكل لافت في صفوف الاناث اللاتي يلجأن إلى ارتداء الحجاب أو النقاب أيام الإمتحان لاخفاء السماعات/ الكيت ، لاستقبال أجوبة عن أسئلة / تمارين الامتحان في شكل رسائل من خارج المؤسسة ،إما من أفراد العائلة أو بعض الطلبة الجامعيين، وأحيانا، حتى بعض الأساتذة ، فهناك من يحصل على مواد الامتحان بعد مدة معينة من دخول التلاميذ للقاعات، وهناك من ينقلها إلى المجموعة التي تنجز التمرين، ثم ترسل عبر الهاتف النقال على شكل رسائل يستقبلها التلميذ أو التلميذة في القاعة. ومن الوسائل التي لجأ إليها البعض المغامرين حضور شخص ينتحل صفة المترشح لاجتياز امتحان معين في مادة بدلا منه وقد ضبطت حالات عديدة استعملت فيها البطاقة الوطنية المزورة.وقد استعملت بعض الدول وسائل مضادة لمواجهة تقنيات الغش هذه، تتجلى في وضع جهاز ببناية كل مركز للامتحان يعطل برناج انتقال الترددات والموجات وبالتالي يحول دون وصول المكالمات والرسائل .
لا أريد ان اخوض هنا بتفصيل في الاسباب لأن ذلك قد تناوله الدارسون والباحثون وعلى كل يمكن إرجاع بعض هذه الأسباب إلى طبيعة مواضيع وأسئلة الامتحانات التي لا تستدعي إعمال العقل والتفكير ولا تقتضي بذل مجهود خاص في الفهم والتحليل والاستنباط، بل تتطلب فقط تكرار واسترجاع واستظهار الدروس الملقنة داخل الفصل مما يدفع بالتلميذ والاستاذ على حد سواء إلى الجري ضد الساعة لإنهاء المقرر ، في حدوده الكمية التي يتطلبها الامتحان،.... مما يتعارض جملة وتفصيلا مع الأهداف الرئيسية لنظام الأكاديميات المتمثلة في تطوير وتشجيع البحث التربوي وعقلنة التقويم . والحقيقة ان الاكاديميات / أكاديمية العيون بوجدور نموذجا تكتفي بوظيفة إعداد الامتحانات و تدبير الميزانية الضخمة المخصصة لها من تعويض عن مختلف المهام المرتبطة بها من اكل وشرب واعتكاف واستنساخ وهاتف وبنزين و..و....ويحق لي أن نسمي الأكاديميا اقساما للإشراف على الإمتحانات الإشهادية لان هذا ما تقو به منذ إحداثها .
يضاف إلى الأسباب السالفة سبب رئيسي آخر بتمثل في رغبة الشاب /المراهق في الوصول إلى المبتغى بأقل مجهود يذكر..... ولماذا يتعب نفسه والمجتمع يعج بنماذج صارخة لأشخاص تسلقوا سلم الرقي الإجتماعي بدون أي تعب أو عناء ...
ونحن نبحث في الاسباب ، لا يجب أن يغيب عن أذهاننا آفة غياب الضمير المِهني لدى بعض (وأؤكد على كلمة بعض) زملائنا الأساتذة سامحهم الله الذين يقصرون في تقديم رسالتهم على الوجه الأكمل سواء من حيث المواظبة أو الشرح أو الدعم وتواطؤ بعضهم مع التلاميذ وأسرهم بمنحهم نقطا لايستحقونها و لا تعكس مؤهلاتهم الدراسية الحقيقية بتاتا ، مما يزرع في التلميذ الخنوع والكسل والإلتجاء إلى الطرق الملتوية و التدليسية .
إن الغش في الامتحانات الاشهادية واثناء الفروض المحروسة ظاهرة تعرفها المدرسة المغربية مند عدة سنوات ولا تخلو منها حتى المدرسة الابتدائية حيث يقف الأطفال الصغار الذين يتلمسون طريقهم في الحياة مشدوهين أمام منظر بعض أساتذتهم من منعدمي الضمير وهم يكتبون أو يملون الاجوبة عن أسئلة الإمتحان على السبورة ابان الامتحان الخاص بالسنة السادسة أجوبة غريبة عنهم لم يسمعوا بها من قبل ومبررهم في ذلك الرغبة في رفع النسبة المائوية للنجاح بمؤسساتهم ليقال إن أساتذة المؤسسة كذا وكذا قد حققوا نسبة عالية في النجاح هذه السنة وهي دعاية لاستقطاب أكبر عدد السنة المقبلة من زبناء الساعات الخصوصية .
ومن الأسباب التي لابد أن نعرج عليها ، عدم رقي مهام الإدارة التربوية إلى مستوى رصد وتشخيص مختلف الظواهر المرضية التي يعرفها الواقع المدرسي، و البحث مع الشركاء عن الحلول الملائمة لها وباستثناء بعض الحالات النادرة التي نسمع أو نقرأ عنها هنا وهناك ، فإن دور إدارتنا التربوية بات ينحصر للأسف الشديد في تنفيذ التعليمات وفي القيام بالوظائف الإدارية المكتبية الروتينية من تسليم وتسلم الوثائق الإدارية والتربوية من المذكرات والتقارير والقرارات والإحصائيات المتداولة بين العاملين بالمؤسسة والمصالح الخارجية للوزارة ،مجرد سعاة بريد .....
هذا دون أن ننسى الطابع الأمني والأجواء غير العادية التي تعيشها المؤسسة ايام الإمتحان من حضور للشرطة وللدرك( في البوادي) وقوات مساعدة ومرابطتها بجوار المؤسسة بالإضافة إلى هذا الجيش العرمرم من المراقبين والملاحظين وملاحظي الملاحظين و الغرباء على المؤسسة والجديدة وجوههم على التلاميذ ؟ مع تلك الطقوس المصاحبة .... أليست هذه إجراءات غير عادية تثير الخوف والرعب في نفوس المترشحين ؟ ألا يدعو هذا إلى استفزاز التلميذ أليست هذه دعوة غير مباشرة لرد فعل غير محسوب العواقب ؟ أين نحن من الطابع التربوي للإمتحان ؟
هناك سبب آخر وجيه وهو أن ظاهرة الغش نتيجة حتمية للسيولة الناتجة عن الخريطة المدرسية التي تتحكم في عملية انتقال التلميذ من مستوى إلى آخر بعيدا عن معايير المعدلات والمستوى الدراسي والمؤهلات والقدرة على المسايرة ,اصبح التلميذ بفضل الخريطة المدرسية رقما فقط لا غير يزيد وينقص في ارتباط وثيق بالمقعد وبالمواد المادية والبشرية الأخرى المرتبطة به .
و اسمحوا لي أن أحكي لكم في هذا الباب هذه القصة :" أخبرني أحد الجيران ان ابنه الذي يتابع دراسته بالسنة الأولى ابتدائي لا يعرف لا القراءة ولا الكتابة وبالكاد يستطيع فك بعض رموزها ، وقد استغرب الوالد عندما علم بانتقاله ابنه إلى القسم الأعلى، وهو وضع غير طبيعي بالنسبة إليه ،في مما حدا به إلى الإتصال بإدارة المؤسسة ملتمسا منها أن يكرر ابنه هذا القسم نظرا لضعف مستواه ، لكن لدهشته فإن طلبه قوبل بالرفض القاطع لأن تعليمات مدرسة النجاح تفرض نجاح الجميع وانتقال الجميع الى القسم الأعلى ...."
ألا يجب أمام هذه الوضعية المزرية مراجعة مفهوم الخريطة المدرسية ومفهوم مدرسة النجاح على أساس لا انتقال من مستوى إلى مستوى اعلى بدون معدل .وأن القرار النهائي والأخير في ذلك يرجع إلى مجلس الأساتذة لا إلى أرقام وتعليمات الخريطة المدرسية ولا إلى منطق مدرسة النجاح ....النجاح أوصافي .
ان اعتماد الخريطة المدرسية والتي تحدد مسبقا عدد الناجحين بغض النظر عن مستواهم وعدد المقاعد بغض النظر عن محتواهم,جعلت التلميذ المجد والكسول في نفس الكفة,وجعلت المدرس يضخم المعدلات في نهاية السنوات لأن النجاح مضمون وما عليه الا أن يبرهن على كفاءته من خلال تفننه في نقطه.ليصل التلميذ الى السنة السادسة ابتدائي جاهلا لكل حروف الكتابة ولأبسط العمليات الرياضية .
ورغم أن تفشي ظاهرة الغش قد أدّى إلى مزيد من التشكيك في المنظومة التعليمية وقيمة الشواهد المحصّل عليها وخصوصا على الصعيد الدولي ، وبالرغم من أن مضارَّ الغش تمتد إلى ما بعد الدراسة، فالموظف أو المهني الذي اعتاد الغش أثناء تعليمه والذي حصل على شهادته بالغش ، قد يسهل عليه الغش في مهامه ويسهل عليه استباحة المال العام، والكسب بالطرق غير المشروع و تزوير في الوثائق الرسمية المؤتمن عليها وإفشاء أسرار مهنته بكل سهولة ويسر أما الرشوة فقد تعلمها من شراء نقطه .
ورغم كل ذلك فان هذه الظاهرة مغيبة من الانشغالات اليومية للوزارة و للأكاديميات والنيابات والمؤسسات التعليمية على حد سواء .، و لم يسبق لأي جهة من هذه الجهات –على حد علمي - أن تجرأت وطرحت على بساط الدراسة والبحث والنقاش والتحليل هذه الظاهرة في مختلف مجالسها بدءا بالمجالس الإدارية للأكاديميات وانتهاء بمجالس الأقسام .
لا بد من فتح نقاش واسع ومستمر حول هذه الظاهرة والوقوف عند اسبابها الحقيقية سواء عن طريق ندوات وعروض ونقاشات وو وضع برامج وصياغة اقتراحات قابلة للتنفيذ، لتجاوز هذه الظاهرة التي تسيء لمصداقية الشهادات المدرسية بشكل خاص وتسيء للعملية التربوية برمتها . ووضع خطط ناجعة للقضاء عليها أو على الاقل محاصرتها و التقليص من آثارها،
العنف الممارس على المراقبين أثناء الإمتحانات الإشهادية
من النتائج المباشرة لهذه الظاهرة ، ما يعانيه الأساتذة المكلفون بالحراسة أثناء الامتحانات الإشهادية من عنف جسدي ولفظي .
ففي ظل سلبيات التقويم التربوي العمول به حاليا وفي ظل غياب مجموعة من القيم، و الأخلاقيات وفي ظل التساهل الشديد مع مختلف الظواهر السلبية التي تعرفها المدرسة وفي ظل غياب رؤية ومنهجية واضحة للقضاء على هذه الظواهر ومنها الغش . في ظل كل هذا وغيره يصعب على الأستاذ المدرس المجد المتفاني في مهمته و المراقب النزيه المتحلي بأخلاقيات المهنة، والمؤمن بمبدأ تكافؤ الفرص، والساهر على إجراء الامتحان في جو خال من مظاهر الغش، أن يقوم بواجبه على الوجه الأكمل . وإذا فعل فإنه سيصبح حالة شاذة في نظر الآخرين من زملائه ،وفي نظر الممتحنين . وأمام الإصرار الكبير لمعظم المترشحين وأسرهم على الغش بأي ثمن ،يبقى المدرس / المراقب النزيه ، أبرز ضحايا نظام هذه الامتحانات ، فإما أن يكون سخيا ومتواطئا ومساهما بعين "ميكا" و مشاركا في الإجابة على بعض أسئلة الامتحان إذا كانت المادة تدخل ضمن تخصصه أو ضمن اهتماماته ، أو يعمل ساعي بريد يحمل الأجوبة من هذا إلى ذاك متنقلا بين الصفوف وإما فاللويل له من غضب المترشحين وأسرهم الذين ينتظرونه عند الخروج حيث يتم اعتراض سبيله وتعنيفه بالسب والشتم أو ضربه بالأيادي وبالأسلحة البيضاء والحجارة ، دون أن ننسى تعرض البعض منهم للكم والكلام الساقط داخل قاعات الحراسة، من طرف التلاميذ الذين حُرموا من الغش، والذين يحضر بعضهم في حالات غير طبيعية.
لقد اصبحت ظاهرة الإعتداء على الأساتذة /المراقبين عادية بعد انتهاء الإمتحانات الإشهادية كما تصبح بعض المؤسسات الثانوية والاعدادية بالعيون سنويا مسرحا معروفا لهذه السلوكات حيث نسمع بوقوع معارك ضارية داخل الفصول بين المترشحين والمراقبين ، يتعرض فيها الأساتذة لشتى اصناف السب والشتم والوعيد بل منهم من يضرب ويلكم ويرفس كما يتعرضون لوابل من الحجارة ولا يستطيعون مغادرة مراكز الامتحانات الا تحت حراسة أمنية ،ذنبهم أنهم أدوا مهمتهم داخل اللجان المكلفة بمراقبة الامتحانات ومحاربة ظاهرة الغش بكل جدية وحزم.وذنبهم كذلك أن بعض زملائهم "طلقوا اللعب "في القاعات المجاورة وهو ما لايقبله الممتحنون ويعتبرون ذلك حيفا وظلما جيب أن يكون تكافؤ الفرص حتى في الغش أما أن نكون صارمين مع الجميع أو متساهلين مع الجميع .
وللإشارة فإن بعض هذه الإعتداءات تنجم عنها إصابة أحيانا خطيرة ( تم الإعتداء جسديا على أستاذ اصيب من جرائه بكسر في كتفه ..)ناهيك عن الحالات المسجلة عل الصعيد الوطني وابرزها اعتداء كولونيل بزيه العسكري على أستاذ أمام ثانوية الحسن الثاني بمراكش
يجب أن تعي الوزارة أن الاعتداء على الأساتذة خلال أدائهم لمهامهم هو هجوم على مخططاتها التي أفرغت المدرسة العمومية من محتوياتها وبالنسبة للتلميذ فالاستاذ هو رمز هذه المخططات وهو منفذها فاين سيجدون الوزيرة أو الوزير ليضربوه بالحجارة أو ليشبعوه سبا وشتما .
العيون 01/07/2011
ذ. مولاي نصر الله البوعيشي
ملحق الإدارة والإقتصاد
عيون الساقية الحمراء
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.