مباشرة بعد نهاية الأسدس الأول وبداية الأسدس الثاني. طغت على سطح الاهتمام بالنسبة للمسؤولين عن قطاع التربية الوطنية، للموسم الثالث على التوالي، معضلة ما يسمى – بالغش – في الامتحانات الاشهادية = نهاية الدروس الابتدائية – السادس ابتدائي – ونهاية الدروس الإعدادية – الثالثة إعدادي، ثم الجهوي للسنة الأولى بكالوريا والوطني للسنة الثانية بكالوريا، فصدرت عن الوزارة المعنية مذكرات تحث الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية على تنفيذ القرارات الصادرة في هذا الموضوع والتي ترتكز على انطلاق الأيام التحسيسية التي لابد وأن تجمع مابين ماهو تربوي ورياضي وفني، دون إغفال الجانب النفسي – التوعوي والتوجيهي والعمل على تنظيم ندوات علمية تربوية تجمع شركاء المدرسة العمومية وعلى رأسهم جمعيات الأمهات والآباء والأولياء. مع إلزامية توقيع إشهاد من طرف التلاميذ أو آبائهم أو أمهاتهم يقرون فيه التزامهم باحترام القوانين المنظمة للامتحانات وموافقتهم على تطبيق القانون كليا لمن ضبط في حالة غش أو محاولة الغش أو يحمل معه لمركز الامتحان كل ماهو محرم على المترشحين والمترشحات .طبعا هذا الوضع الذي يسبق تواريخ هذه الامتحانات ترك ردود أفعال متباينة، سواء بين المسؤولين بالإدارة التربوية أوالأساتذة والتلاميذ، وأسرهم… الجريدة، وكعادتها تصاحب هذه الأجواء، لتقريب هدا الوضع من خلال لقائها مع بعض المتدخلين في العملية التعليمية، ولتحيط بالأجواء العامة التي تعرفها الساحة التربوية استعدادا لهذه الامتحانات التي انطلقت أمس الجمعة بداية بالسنة الأولى بكالوريا. المديرة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بعمالة مقاطعة عين الشق بوشرى أعريف : الغش سلوك قبيح وشائن يمكن السيطرة عليه باستمرار الحملات التحسيسية إن المخطط الجهوي المرسوم للحد من هذه الظاهرة وضمان تكافؤ الفرص، تقول المديرة الإقليمية بعين الشق، قطع أشواطا كبيرة حول تحقيق جميع مضامينه على اعتبار أن هذا الموضوع يشكل معضلة كبرى لابد من تكاثف الجهود للحد منها، وانطلاقا من تجربتنا بالمديرية الإقليمية لعمالة عين الشق، فالأمر بالإمكان السيطرة عليه شريطة استمرار هذه الحملات التحسيسية التوعوية خلال الموسم الدراسي، التي شملت جميع المستويات خاصة الابتدائي، فتجربة عين الشق أعطت أكلها حيث رسخت في ذهن أطفال الابتدائي، أن الغش سلوك قبيح وشائن وأن الاعتماد على النفس وعلى الذات هو السبيل الوحيد لتحقيق كل ما يمكن أن يرسمه كأهداف نبيلة تنير مستقبله». المديرة الاقليمية تطرقت للتدابير التي اعتمدتها مديرية عين الشق في مواجهة الظاهرة ،حيث انخرطت منذ موسمين في عمليات التحسيس لنبذ عملية الغش، حيث اعتمدت على أطر عليا لها من الخبرة والتجربة ما يمكنها من أن تبصم بالإيجاب في هذا المجال، وعلى دكاترة في علم النفس وأطباء ورجال القانون والأمن الإقليمي ورجال الدين بإشراك المجلس العلمي الإقليمي، وجمعيات الأمهات والآباء والأولياء وفيدراليتهم والشركاء من المجتمع المدني، ودامت هذه الأيام التحسيسية ما يقارب الشهر، حيث استهلت بندوة فكرية تربوية علمية نفسية دينية، انطلقت خلال المواسم الثلاثة من إحدى المؤسسات التعليمية، وشملت هذه الأيام الجانب التربوي والفني والرياضي، حيث عرفت أغلب المؤسسات المتواجدة بتراب هذه المديرية أنشطة مختلفة « لقاءات تواصلية حول خطورة ظاهرة الغش ليس في الامتحانات الاشهادية وليس في المدرسة فقط ، بل خلال السلوك اليومي داخل المدرسة وخارجها داخل البيت وخارجه – وفي جميع القطاعات، فأبدع التلاميذ والتلميذات وابتكروا شعارات بل مسرحيات وأناشيد، كما أبلوا البلاء الحسن في مجال الفن عموما ، والفن التشكيلي ، مبرزين خطورة الغش من خلال رسم لوحات وابتكار أبيات شعرية تدون هذه الظاهرة مما سهل مرور هذه الرسالة ، وتأثيرها على بقية التلاميذ والتلميذات بها، ظهر ذلك جليا خلال المعرض الذي أقيم بالمدرسة الابتدائية الإمام البخاري. للتذكير تضيف المديرة الإقليمية، أن 38 مؤسسة تعليمية بهذه المديرية شاركت في هذه الحملة التحسيسية، تشمل الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي، وطبعا المردودية فاقت كل التوقعات، إذ أننا من المديريات التي عرفت أقل حالات غش بجهة الدارالبيضاء- سطات، وهي تتقلص موسما بعد آخر ولنا أمل كبير هذا الموسم لمزيد من التقليص من حالات الغش. رئيس مصلحة الشؤون التربوية والتخطيط والحياة المدرسية بالنواصر: المجهودات التي تبذل في ابتكار عمليات الغش لو تم استثمارها في التحصيل لتحققت نتائج جد مهمة أكد رئيس مصلحة الشؤون التربوية والتخطيط والحياة المدرسية بالمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بعمالة إقليم النواصر ، حميد نظيف، أن عملية محاربة الغش تدخل في إطار مخطط جهوي يتعلق بالتربية على القيم من جهة ، ومن جهة أخرى ضمان تكافؤ الفرص بين المتعلمين والمتعلمات، إضافة إلى تحقيق حكامة ناجعة في تدبير الشأن التربوي مع أجرأة مبدأ التعاقد بين مختلف الفاعلين في الحقل التربوي، وبالأساس المتعلمات والمتعلمين – المترشحات والمترشحين للامتحانات الاشهادية، هذه العملية التي تخص عمليات التحسيس من أجل محاربة الغش أو الحد منها تأتي بعد ظهور الوسائل التقنية التكنولوجية الجد متطورة ، والتي أضحت تتوفر على فضاء أوسع بين صفوف التلاميذ والتلميذات انطلقت منذ السنة الماضية بشكل منظم والبداية كانت بين المؤسسات التعليمية من خلال قيامها بحملات تحسيسية وأنشطة تربوية الغاية منها إشراك المترشحات والمترشحين في شرح موضوع الحملة التحسيسية، وذلك من خلال عروض مسرحية ولوحات تشكيلية وشعارات بمختلف اللغات من قبيل شعار السنة الماضية « نجحو بلا من غشو» وأيضا شرح الجانب القانوني في عملية الغش، وقد اجتهدت المؤسسات التعليمية في هذه الحملات من خلال تتبع لجن تعليمية، وعليه فإنه يمكن القول إن هناك تراجعا ملموسا في حالات الغش المسجلة في السنوات قبل هذه الحملات التحسيسية، والأمل معقود على تكاثف الجهود بين مختلف الجهات المتدخلة في الحقل التربوي « جمعيات الأمهات والآباء والأولياء وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام» من أجل المساهمة في هذه الحملات ونجاحها ، وهو نجاح للمجتمع المدني وللمؤسسة التعليمية وللمنظومة التعليمية بصفة خاصة. وأكد ذ حميد نظيف ،أيضا ، أن الوسائل المضبوطة في حالة الغش هي استعمال الهاتف ، أجوبة معدة سلفا في أوراق مصغرة « الحروزة » ووسائل جد متطورة – بلوثوث – ساعات يدوية، ذاكرة تخزن المعلومات توضع داخل الأذن، والغريب في الأمر يضيف المتحدث، أن هذه الأخيرة ليست في متناول الطبقات الفقيرة، بل عدم الوعي لدى بعض الأسر الميسورة التي بعملها هذا تساعد في تنامي هذه الآفة الخطيرة ، علما بأن حيازة مثل هذه الوسائل داخل فضاء مراكز الامتحانات لدى المترشحات والمترشحين تعتبر غشا وضربا للقانون، وبالتالي تتخذ في حق كل حامل لهذه الوسائل الإجراءات القانونية الجاري بها العمل. أما مطبوع الالتزام الذي طلب التوقيع عليه وتصحيح إمضائه فهو تعاقد مادي على أساس أن المترشح له علم بالإجراءات التي ستتخذ في حالة ضبطه يحاول أن يغش. إن مشروع بناء مواطن صالح لنفسه ولأسرته ولمؤسسته ولوطنه ، يتطلب منا جميعا المساهمة في هذه الحملات التحسيسية لمحاربة الغش في الامتحانات في الوسط المدرسي، يؤكد حميد نظيف، كل من موقعه ، مع الإشارة إلى أن المجهودات التي تبذل في ابتكار عمليات الغش على المستوى المادي والزمني والإبداع في أساليب تقنية حديثة وجديدة، لو تم استثمارها في التحصيل لتحققت نتائج جد مهمة. عمر بوكارن مدير الثانوية التأهيلية ابن زيدون – عين الشق: «الغاشون» في الامتحانات يحرصون دوما على تطوير إمكانياتهم لتجاوز الرقابة إغناء للموضوع ، كان لنا اتصال بأحد المديرين من ذوي التجربة ، وهو الأستاذ عمر بوكارن مدير الثانوية التأهيلية ابن زيدون التابعة للمديرية الإقليمية عين الشق . في البداية أكد أن ظاهرة الغش هي سلوكية أحادية أو فردية لها تأثير على المجتمع، كما أنها ظاهرة اتكالية يحاول الفرد من خلالها تحقيق الهدف دون بذل المجهود التربوي، وهي متجذرة في المنظومة التعليمية حتى في المستويات الدنيا، وقد تسهم في استفحالها أطراف متعددة بداية من الأسرة كما قد تطال بعض الفاعلين التربويين، وتتخذ عدة تجليات. لقد اتخذت الوزارة المعنية عدة تدابير للقضاء على هذه الظاهرة الشاذة، بعضها تربوي « المجلس التأديبي » وبعضها قانوني، إذا ما صاحبت هذه العملية ظاهرة العنف والتعنيف ، كما حاولت الوزارة من خلال الأكاديميات والمديريات الإقليمية أن تعقد عدة لقاءات وندوات تربوية إسهاما منها في الحد من هذه الظاهرة .وإذا كانت الإجراءات الإدارية أو الزجرية لا تعطي الثمار المرجوة بالشكل المطلوب دائما ، فإنه تم التركيز على الحملات التحسيسية التوعوية للمترشحات والمترشحين خاصة في الأقسام الاشهادية – السادس ابتدائي – الثالثة إعدادي الأولى والثانية بكالوريا ، وقد لوحظ انخفاض هذه الحالات في السنوات الثلاث الأخيرة، ولعل تضافر الجهود لأولياء الأمور والتربويين والإداريين والفاعلين في الحقل التربوي من المجتمع المدني، سيضيف لمسة إيجابية في التصدي لهذه الظاهرة ، رغم أن «الغشاشين» في الامتحانات يحرصون على تطوير إمكانياتهم لتجاوز رقابة المعنيين .ومن خلال تجربته الميدانية يؤكد المدير عمر بوكارن، أن رئيس مركز الامتحان يحرص على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المترشحات والمترشحين وعلى توفير المناخ التربوي الملائم لاجتياز الامتحانات في ظروف ملائمة، ومن ثم يعمل، صحبة طاقمه الإداري التربوي ،على توعية المترشحين والمترشحات من خلال اللافتات الزاجرة للغش والملصقات المحددة للسلوكات التي تدخل ضمن ظاهرة الغش، مع التذكير بالإجراءات المتخذة في حق من تبين تورطه في هذا»الفعل الجرمي»، وقبل انطلاق إجراء الامتحان يعقد اجتماعات مع أفراد الطاقم الإداري المكلفين بالمراقبة لتحديد المهام وتحمل المسؤوليات، وقد أضافت المديرية الإقليمية عملية تزويد رؤساء مراكز الامتحانات بآلات كاشفة للمعادن وإرسال لجن إقليمية لتتبع العملية، و كلها عوامل ساهمت في تقليص ظاهرة الغش، لكن منهم من عاد إلى الطرق التقليدية القديمة « الحروزة » .أما في ما يخص الالتزام الموقع فكان هناك تجاوب كبير من طرف التلاميذ المعنيين نتيجة الحملات التحسيسية التي يقوم بها رؤساء المؤسسات التعليمية داخل حجرات الدرس، على خلاف السنة الأولى التي كانت هناك تحفظات ، أما هذه السنة فقد تم فرض التزام التوقيع على أولياء أمور تلميذات وتلاميذ السنة الثالثة إعدادي والسادس ابتدائي، ووصفها المدير «بالفكرة المقبولة والجيدة ، إذ القضاء على هذه الظاهرة يكون في الأقسام الدنيا بدل انتظار التلميذ المترشح في البكالوريا». رئيس الفرع الجهوي لجهة الدارالبيضاء- سطات للفيدرالية الوطنية لجمعيات الأمهات والآباء والأولياء بالمغرب : الغش نتيجة للاختلالات التي تعرفها المنظومة التعليمية ومنظومة الامتحانات أكد رئيس الفرع الجهوي لجهة الدارالبيضاء- سطات للفيدرالية الوطنية لجمعيات الأمهات والآباء والأولياء بالمغرب، محمد تامر ،أن تفشي ظاهرة الغش هو نتيجة الاختلالات التي تعرفها المنظومة التعليمية ومنظومة الامتحانات وعوض العمل على معرفة مكان هذا الورم، فإن الوزارة المعنية تتجه إلى تجريم التلميذ المترشح الذي أوصلته المنظومة التعليمية إلى هذه المرحلة بنقائص جمة، فلو وفرت له مقعدا مريحا ووفرت له أساتذة وعتادا تعليميا وبنية تحتية سليمة لما وصلت هذه الظاهرة إلى هذه الصور المخيفة. إن التوقيع على الالتزام والزج بالتلاميذ داخل السجون وإغناء خزينة الدولة بالغرامات، لن يكون الحل الحقيقي للحد والقضاء على هذه الظاهرة .صحيح أن الحملات التحسيسية كان لها الوقع الايجابي على العديد من المترشحات والمترشحين، وقلص من عدد الغشاشين، لكن نعتبره فقط سياسة ترقيعية ليس إلا… لأن الأمر يتطلب دراسة شاملة وعميقة لإزالة الورم من جذوره ويصبح المنتوج التعليمي في أبهى جودته ، ساعتها لا نضطر لحملات تحسيسية كل موسم دراسي ولا لأي قرارات زجرية تدخل الخوف على الأسر قبل المترشحين… إننا لا ندعم الغش بل نرفضه جملة وتفصيلا، وقد ساهمنا بدورنا في الحملات التحسيسية، لكننا نستغل هذا الظرف لنؤكد أن السبب الحقيقي في الوضع الحالي للمنظومة التعليمية هي ما تعانيه من خصاص فظيع في الموارد البشرية، في البنية التحتية للمؤسسات التعليمية، في تقادم العتاد المدرسي.. وغير ذلك من الإكراهات التي أصبحت عقبة أمام تعليم جيد و سليم .