باستمرار تتأكد لي صحة قولة «ليس من رأى، كما من سمع». وهذه المرة في زيارتي لفلسطين المحتلة، حيث امتحنت كل ما أعرف عن هذا الواقع، من خلال قراءاتي ومتابعاتي وعلاقاتي، خاصة مع الفلسطينيين، غير أن بشاعة الوضع، لا يمكن أن توصف، بأي حال من الأحوال، مهما بلغ صدق الحكاية، لأن الكابوس الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، لا يشعر به إلا من يجثم على حياته. ويمكن القول، من خلال المشاهدة الفعلية فوق الأرض، إن القضية الفلسطينية مهددة بالموت السريري، في ظل زحف متواصل للاحتلال، من خلال تدخل الجيش الإسرائيلي، في كل الأرض الفلسطينية، حتى تلك التي تُحٓرّمها اتفاقية أوسلو، وتناسل المستوطنات التي تطوق كل مدن الضفة الغربية، وغيرها من أساليب الاحتلال الاستيطاني، التي تسعى إلى خلق كل شروط القضاء على هوية إسمها الشعب الفلسطيني. في مواجهة هذا الوضع، يقول رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، خلال استقبال اللجنة التنفيذية للفيدرالية الدولية للصحافيين، مساء أول أمس، «إن الحل يوجد في يد أمريكا، التي تعترض على تنفيذ كل قرارات مجلس الأمن تجاه إسرائيل»، كما يعبر عن استغرابه تجاه سلوك رئيس البيت الأبيض، دونالد ترامب، الذي اتفق معه على كل شيء، حتى اعتقد محمود عباس، كما صرّح بذلك، بأن القضية الفلسطينية قد تم حلها، غير أنه نقض كل ما وعٓدٓ به. «قام بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، نقل سفارة بلده للقدس، وأوقف دعم أمريكا لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجيئن»، يضيف رئيس السلطة الفلسطينية، في المقاطعة، مقر هذه السلطة، التي لا تسلم بدورها من مداهمة قوات الاحتلال، رغم أن اتفاقية أوسلو، تنص على أنها توجد في منطقة «أ»، التي من المفترض أن تظل تحت السيطرة المطلقة لهذه السلطة. رغم مراهنة الرئيس الفلسطيني على الدور الأمريكي، إلا أنه يؤكد توقيف كل العلاقات مع هذه الدولة، لكن هناك رأي آخر، مثلما يقول الوزير محمد أشتيه، الذي قدم عرضا للجنة التنفيذية للفيدرالية، في لقاء برام الله، تضمن رؤية جديدة، تعتبر أن اتفاقية أوسلو انتهت وعلى القيادة الفلسطينية التخلص من كل إكراهاتها، وأن الحل هو إقناع قوى العالم، دولاً وشعوباً، بأن الكيان الإسرائيلي، عنصري وشبيه بنظام الأبارتايد، لذلك يجب تنظيم حملة دولية لمقاطعته. الرؤية الجديدة، تتطلب تغييراً جذرياً في منهجية وفلسفة منظمة التحرير الفلسطينية، بما يتطلب ذلك من تحديث ودمقرطة وتغيير البنيات والعقليات والأجيال، للتصدي لمخطط إبادة القضية الفلسطينية.