كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن «رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيصدر قرارا بإرجاء نشر وثائق أمنية عن الحرب الإسرائيلية الأولى ضد العرب والفلسطينيين عام 1948، والتي يسميها الفلسطينيون بالنكبة، ويصفها الإسرائيليون بحرب الاستقلال، بحيث أن تمديد حجب معلوماتها عن الجمهور سيصل إلى عشرين عاما أخرى، بناء على طلب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية». وقال الكاتبان في الصحيفة، يهوناتان ليس وعوفر أدرات، في تقرير إنه «كان من المتوقع أن يتم الكشف عن هذه الوثائق هذا العام بعد مرور سبعين عاما، كما هو متفق، لكن التمديد الجديد سيعني أن يصل الحجب إلى تسعين عاما، ومن بين الأسباب هو عدم الرغبة الإسرائيلية بالكشف عن وثائق متعلقة بمجزرة دير ياسين التي وقعت قبل الحرب بأسابيع عدة». وأشارا إلى أن «نتنياهو سيوقع على تعديل يمدد بموجبه فترة التعتيم على المعلومات الأمنية المتوفرة في أرشيفات الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية من سبعين إلى تسعين عاما، بتوصية مؤسسات استخبارية وأجهزة أمنية إسرائيلية لمنع كشف المصادر التي وفرت لإسرائيل تلك المعلومات الاستخبارية، خشية أن تكون تستخدم ذات المصادر أو شبيهة بها حتى اليوم». وأوضحت الصحيفة أن «الوثائق المذكورة تحوي معلومات حصلت عليها إسرائيل من جهات أجنبية لم يتم الكشف عنها حتى اليوم، مع العلم أن نتنياهو وقع في 2010 على قرار بتمديد عدم الكشف عن الوثائق الأرشيفية من خمسين إلى سبعين عاما». وكشفت المستشارة القانونية لقسم أرشيف الدولة، نعمي ألدوفيه «مسودة قرار التمديد بالإبقاء على التعتيم المعلومات الأمنية دون كشف، وهي الخاصة بالوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة، ومنها جهاز الأمن العام الشاباك، وجهاز العمليات الخاصة الموساد، واللجنة القومية للطاقة الذرية، ومراكز الأبحاث النووية والمعهد البيولوجي». وأضافت أن «المعلومات المحجوبة ستمنع الكشف عن مواد أمنية مصدرها جهاز الاستخبارات العسكرية التابع للجيش، لاسيما تلك المعلومات المصنفة بأن مصادرها سرية للغاية، ومعلومات خاصة بوحدات عسكرية تابعة للجيش ووزارة الحرب». وأوضحت الصحيفة أن «القرار الإسرائيلي من شأنه وضع صعوبات أمام المؤرخين والباحثين والصحفيين، من خلال الحد من قدرتهم على الوصول لتلك المعلومات، فضلا عن حرمان الرأي العام والجمهور من الوصول إليها، خاصة ونحن نتحدث عن معلومات تاريخية لها أهمية كبيرة». وأكدت أنه «بموجب قرار تمديد المنع سيتم وقف الكشف عن معلومات ووثائق وإفادات مرتبطة بصورة وثيقة بمجزرة دير ياسين التي نفذتها عصابة إيتسيل الصهيونية في أبريل 1948، مع أن الدولة تستطيع إرجاء كشف أي وثيقة مرتبطة بحرب 1948 تريد إخفاءها، رغم أن هذا القرار يتعارض مع توصية مجلس خبراء الأرشيف الأعلى التي أوصت بتمديد فترة التعتيم، وعدم الكشف عن الوثائق بخمس سنوات فقط». وختمت الصحيفة بتحديد المدد الزمنية للتعتيم على المعلومات بقولها إن «الجلسات الخاصة بلجان الكنيست البرلمانية يبقى التعتيم عليها مدة عشرين عاما، ومواد عن علاقات إسرائيل الخارجية 25 عاما، وأرشيف الشرطة 30 عاما، وبروتوكولات الكابينت الأمني والسياسي 50 عاما، أما المواد الأمنية من الشاباك والموساد فتصل إلى 70 عاما». مذبحة دير ياسين؟ مذبحة دير ياسين، كانت من أولى جرائم الجماعات الصهيونية ضد الفلسطينيين، فى محاولتهم الأولى للاحتلال الأرض، وطرد الأهالى منها، ومثلت تلك المجزرة البشرية، أبشع جرائم الاحتلال مع تأسيس دولة الكيان الصهيونى، فى عام 1984.. ومع مرور الذكرى ال 70 على وقوع المذبحة نوضح بعض المعلومات التاريخية عن المذبحة. وقد وقعت المذبحة فى قرية دير ياسين، التى تقع غربى القدس فى 9 أبريل عام 1948 على يد الجماعتين الصهيونيتين: أرجون وشتيرن، بعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام طلبها رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة ووافق عليها أهالى قرية دير ياسين. وقامت عناصر من منظمتى «الأرجون وشتيرن» الإسرائيليتين بشن هجوم على القرية فجراً، وتوقع المهاجمون أن يفزع الأهالى من الهجوم ويبادروا إلى الفرار من القرية، وهو السبب الرئيسي من الهجوم، كى يتسنّى لليهود الاستيلاء على القرية، لكنهم فوجئوا بهجوم بنيران أهالى القرية، مما تسبب فى سقوط من اليهود 4 من القتلى و 32 جرحى، فطلب المهاجمون المساعدة من قيادة الهاجاناه في القدس وجاءت التعزيزات، وتمكّن المهاجمون من استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية على القرويين دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة، ولم تكتف العناصر اليهودية المسلحة من إراقة الدماء في القرية، بل أخذوا عدداً من القرويين الأحياء بالسيارات واستعرضوهم فى شوارع الأحياء اليهودية وسط هتافات اليهود. وبحسب التقارير الصحفية التى وردت من الصحفيين الذين قاموا بتغطية أحداث المذبحة، فإن عدد القتلى وصل ما بين 254 إلى 360 من أهالى دير ياسين. وقد تسببت الهجرة فى تزايد الهجرة الفلسطينية إلى البلدان العربية المجاورة نتيجة الرعب الذي دبّ في نفوس الفلسطينيين من أحداث المذبحة، وعملت بشاعة المذبحة على تأليب الرأى العام العربى وتشكيل الجيش الذى خاض حرب ال 1948. وبعد مذبحة دير ياسين، استوطن اليهود القرية وفى عام 1980 أعاد اليهود البناء في القرية فوق أنقاض المباني الأصلية وأسموا الشوارع بأسماء مقاتلين الإرجون الذين نفّذوا المذبحة. بين التأريخ والتهويل يؤكد المؤرخ الفلسطيني دكتور عادل مناع أن جهات عدة بالغت بشكل متعمد أو بدون قصد في عرض تأثير مذبحة دير ياسين التي صادفت ذكراها السبعون أمس الإثنين على تهجير الفلسطينيين من وطنهم. وكان المؤرخ مناع قد شارك في جولة نظمتها جمعية «يذكرن» الإسرائيلية على أراضي دير ياسين ضمن مساعيها لتعميم الرواية التاريخية على الإسرائيليين ومحاولة إقناعهم بأن الطريق للسلام يمر عبر اعتراف إسرائيل بمسؤوليتها عن النكبة وباحترام حق عودة اللاجئين والعيش ضمن دولة واحدة. وشملت الجولة سماع رواية المكان وتثبيت لوائح تشمل أسماء ضحايا المذبحة باللغتين العربية والعبرية. ويوضح مرشد المجموعة التي زارت دير ياسين محمد بركات المقيم في القدس «أن عشرات من الإسرائيليين وبعض الفلسطينيين والأجانب قد شاركوا في الجولة الميدانية لدير ياسين غربي القدسالمحتلة التي هدمت إسرائيل معظم بيوتها وأقامت على أنقاضها مستوطنة عدا المقبرة وبعض البيوت التي تستخدم اليوم مستشفى للأمراض النفسية». وأشاد مناع بدور «يذكرن « في تنظيم الجولة وتوفير رواية المكان وبالاستعانة بباحثين وبأحفاد ممن طردوا من القرية في التاسع من أبريل 1948. ونوه بركات إلى أن الجولة هذا العام تمتاز بخصوصية ليس فقط للذكرى السبعين للمذبحة بل لتزامنها مع مسيرة العودة وارتكاب مذبحة جديدة بحق متظاهرين مدنيين. وتابع «ما أشبه اليوم بالبارحة فعلا. النكبة ليست حدثا تاريخيا انتهى عام 1948 بل هي مستمرة، لكن شعبنا ما زال يتذكر ويتمسك بالعودة لدياره وبعض القرى ما زالت ملامحها على حالها كما يتجلى بكرومها وسلاسلها الحجرية ومشاهدها الريفية وبعض عمارتها الناجية من الهدم». وأشار بركات إلى أن جد والده اسماعيل عطية قتل في المذبحة وقال إن بعض بيوت القرية الفلسطينية ما زالت قائمة منها بيت جده الذي يستخدم مستشفى إسرائيليا للأمراض النفسية. كما أشار لبيت زوج خالة والده أحمد رضوان المسكون من قبل يهود وبات جزءا من حي «غفعات شاؤول» القائم على أراضي دير ياسين، وهو موجود قبالة مدرسة للبنين تستخدم اليوم كمدرسة يهودية دينية. وقال بركات إن عددا من أقارب عائلته قتلوا في المذبحة وإنه قد سمع روايات بعض الناجين منها، كما اشترك مع المؤرخ وليد الخالدي في إصدار دراسة حول دير ياسين قبل سنوات. وينقل عنهم القول إن أهالي دير ياسين اتفقوا مع اليهود في البلدة اليهودية المجاورة غفعات شاؤول قبيل 1948 على الحفاظ على السلام المتبادل والتنبيه من أي خطر لكنهم وجدوا أنفسهم ضحية غدر الجيران أيضا. لماذا تم تهويل مجزرة مروعة؟ وردا على سؤال حول مدى التضخيم والتهويل الذي شهدته مذبحة دير ياسين يؤكد دكتور عادل مناع أن جهات عدة شاركت بالتهويل ومنها أوساط إسرائيلية مثل الدكتور والجنرال الإسرائيلي الراحل مئير بعيل الذي عمل عام 1948 ضابطا في استخبارات الهغاناه وقدم تقريرا عن المذبحة قال فيه إن منظمتي «الايتسل» و «الليحي» قد قتلتا 254 شخصا، وذلك في محاولة للنيل من سمعتهما لأنهما كانتا تعارضان منظمته «الهغاناه». كما أن «الايتسل» أصدرت تقريرا في يوم المجزرة نفسه ذكرت فيه أن 250 فلسطينيا قد قتل خلال احتلال قرية دير ياسين. ويتابع «يقول السياسي الكاتب الفلسطيني الراحل حسين فخري الخالدي في مذكراته إنه لعدم قدرة الفلسطينيين وقتها زيارة الموقع كلفوا رئيس الصليب الأحمر في القدس بزيارة دير ياسين لاستكشاف حقيقة ما جرى وفعلا عاد من هناك في 11 نيسان وأكد رواية بعيل و»الهغاناه». ويعتقد مناع أن كل الإنجليز أيضا ذكروا عددا أكبر من عدد شهداء المذبحة ( نحو 110 أشخاص). ويتفق مناع مع المؤرخ البروفيسور وليد الخالدي الذي بحث الموضوع ويشكك بما رواه باحثون آخرون حول الأثر البالغ لدير ياسين على تهجير/هجرة الفلسطينيين بدافع الخوف. وفي كتابه أشار وليد الخالدي إلى أن القرى المجاورة لدير ياسين مثل عين كارم وصوبا لم ترحل ولم يهرب سكانها بعد المجزرة وظلت تقاوم حتى احتلت في يوليوز 1948. مجازر في الجليل ويضيف مناع: «في أبحاثي التاريخية وجدت ما يدعم هذه الرؤية، ففي نهاية 1948 وخلال استكمال احتلال الجليل ارتكبت الصهيونية 14 مذبحة من عيلبون إلى الصفصاف، ولم يهرب الكثير من الفلسطينيين وصمدوا وبقوا في قراهم حتى اليوم. وردا على سؤال حول ما تتناقله الرواية التاريخية الشفوية حول الأثر الكبير لدير ياسين على هجرة فلسطينيين كثر يوضح مناع أن الكثير من الناس قدموا شهادات متأخرة ذكروا فيها دير ياسين والترهيب الناتج عنها. لكن تاريخيا هناك مبالغات في عرض تأثير دير ياسين. وقد استغلت الصهيونية هذه الرواية وساهمت بتعميمها خدمة لروايتها التاريخية بأن الفلسطينيين «هربوا من وطنهم». ترهيب يشار أن المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس أيضا أوضح في كتابه الأخير(حرب 48) أن الصهيونية سارعت لتهويل مجزرة دير ياسين التي وقعت في التاسع من أبريل بهدف ترهيب وتهجير الفلسطينيين، لافتا لقول بن غوريون بأن دير ياسين، إضافة لمقتل القائد الأعلى، عبد القادر الحسيني، ساهمت في سقوط حيفا. ويتابع في هذا السياق «كانت أسطورة دير ياسين تعادل زيادة 6 كتائب لقوة الصهيونية فاستبد الفزع بالعرب». المعركة على الرواية يذكر أن الباحث المعادي للصهيونية د. إيلان بابه صاحب كتاب «التطهير العرقي في فلسطين»، قال إن المجزرة وقعت ضمن خطة مكتوبة وضعها الصهاينة مسبقا وتعرف بالخطة «د» وبواسطتها هجروا نحو 500 قرية و11 مدينة. وبخلاف مؤرخين إسرائيليين كثر يؤكد بابه أن حرب 48 استخدمت من قبل الصهيونية وسيلة لتطبيق خطة التطهير العرقي، نافيا المزاعم الصهيونية التقليدية أن المساس بالمدنيين هو نتيجة طبيعية لكل حرب. ولم يبد بابه استغرابه من قرار محكمة إسرائيل العليا بالتحفظ على أرشيف دير ياسين حتى اليوم لأن من شأنه كشف الحقائق الدامغة، منوها أن المعركة على الوعي والرواية ما زالت على أشدها. وتساءلت « يذكرن « في بيانها بهذه المناسبة إلى متى سيتم نفي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين؟ وتابعت «على خلفية الأحداث الدموية المروعة التي تعرض لها اللاجئون في غزة لابد من استذكار مجزرة دير ياسين وهي مجزرة لا تستذكر في إسرائيل لأن ذكراها تعني الاعتراف بحق عودة لاجئي دير ياسين وبقية اللاجئين لأراضيهم التي سلبت ونهبت. في وقت سابق التقينا الحاج عبد القادر زيدان أبو حسن (88عاما) من دير ياسين أصلا ومقيم في قرية بيتين قضاء رام الله شارك في حامية القرية في ليلة المذبحة وقال «إن نحو 60 من شبابها دافعوا عنها حتى نفدت ذخائرهم». بيت بيت ويوضح أبو حسن «على مسمع بعض أحفاده أنه في البداية قتل اليهود حراس القرية من الجهة الشرقية فاستيقظ السكان على أزيز البنادق الرشاشة وعندها هب المسلحون أبناء القرية وتصدوا بالبنادق. وبذلك يقدم هو أيضا دليلا على مقاومة أهل القرية بما ملكوا لحماية أنفسهم. ويتابع: «كنت أحد المدافعين عن القرية وتبادلنا رمي النار مع اليهود من بيت لبيت وخلال ذلك ذبحوا النساء والشيوخ والأطفال». وأضاف أبو حسن ووجهه بدا متجهما محتقنا «فيما بعد وعندما وصلنا مع سكان دير ياسين نازحين لقرية عين كارم المجاورة فجعت بسماع نبأ مقتل والدي حسن وشقيقي علي وعمي مصطفى وزوجته عايدة وأولادهما السبعة وابن عمي موسى زيدان وأولاده الثمانية وابن عمتي عبد الله الذي أسروه ورموه بالنار قبالة والدته ثم أحرقوه بالكاز».