انتهى من ترتيب اغراضه وضعها في حقيبة سفره بكل دقة و عناية، ارتمى فوق سريره، اشعل سيجارته، عيناه تتاملان جدران غرفته، لا تكاد تجد رقعة فارغة عليها، ما يميزها القمصان التي الصقت بها، قمصان تحمل شارات مهرجان كناوة، قمصان بعدد الدورات. هو الان يستعد لحضور هذا العرس، يحب ان يستبق ايام المهرجان، يحب أن يحتجز مكان إقامته مبكرا،و يعيش الأجواء من اللحظات الأولى. مدينة الصويرة، حركية دائمة، امواج بشرية تتدفق، شباب بوهالة، ينامون على جنبات الطريق، يمارسون العشق في كل أركان الصويرة، الكل يرقص على إيقاعات كناوة، تكاد تحس و كأن أسوار المدينة العتيقة تهتز على هذه الأنغام، اختلاط الأجناس يجعل الرؤية مختلفة، الكل يتكلم لغة كناوة. قام الى مكتبه و فتح صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك و هو يتصفح الأخبار الجديدة ، أثار انتباهه رسالة وصلت للتو، كانت باللغة الانجليزية جاء مضمونها كالتالي: عزيزي يوسف، لم احضر لبلدك منذ سنوات ، اشتقت لرؤيتك، لقد بحثت عن صفحتك كثيرا حتى وجدتها، انتظرني غدا في مطار اكادير على الساعة الثالثة زوالا، احرس على ان تحضر معي لك مفاجاة، الى اللقاء، كلارا. ارتبك، وقف، لف في غرفته بضع مرات ، عاد و جلس، بحث في ذاكرته، امتزجت ملامحه بين الفرحة و الاستغراب، تناول علبة سجائره وقف في النافذة، نفث دخان سيجارته و ردد بصوت خافت: ايعقل ان تكون كلارا المجنونة، مستحيل. كان قد تعرف عليها قبل اربع سنوات في احدى ليالي الصويرة الصاخبة، كان يرقص بجنون تحت تصفيقات الشباب الذين شكلوا حوله حلقة كبيرة الكل مبهور بحركاته، فجاة تقدمت هي نحوه سايرت خطواته، انسجما معا كانا يرقصان بشكل هائل انصهر كل واحد في الآخر، تحدثا بعد ذلك، عبر لها عن اعجابه بحركاتها، اخبرته انها خريجة مسرح شعبة التعبير الجسدي و تدرس حاليا بمعهد السينما في أمريكا. عاشا لحظات جميلة، كانا يدخنان بشراهة، علمها كيف تلف سجائر الماريوانا، ينزويان بين صخور شاطئ الصويرة، ينعمان بكل ما جادت به اللحظة، لا حدود و لا اعراف و لا طابوهات تمنعهم عن فعل أي شيء، تواعدا على اللقاء في الموسم القادم لكنها اختفت. جلس اكثر من ساعة في بهو المطار قبل ان يلمحها قادمة رفقة مجموعة من الشباب و كأنهم يشكلون فريق عمل، لمحته فاتجهت نحوه، تبادلا قبلة خفيفة، جلسا في المقهى قدمت له ابنتها الصغير، ميرا ، ابتسم و قال لها : هو اسم كناوي احبه كثيرا، لالا ميرا، اجابته: نعم اعلم أنك تحبه لذلك اطلقته على ابنتك. جحظت عيناه، توقف الزمن، سكن كل شيء حوله تمتم قائلا: م .. م.. م.. ماذا؟ نعم هي ابنتك، هي ثمرة لقائنا لكن لماذا حتى الان؟ لم اكن اقدر على المجيء إليك بحكم انشغالي بدراستي و كذلك بسبب الربيع العربي الذي مرت به بلدك نتمم حديثنا في الصويرة انا متجهة لورزازات لتصوير فيلم سينمائي، فقط طلبتك هنا من اجل استلام ابنتك فصديقي الجديد يرفض ان تعيش معنا بالبيت و كذلك والدتي، أرجو أن تتفهم ذلك، ساتركها لك خذها رفقتك إلى الصويرة حاول ان تتعايش معها،لقد حدثتها عنك كثيرا اكيد سوف تحبك نلتقى بعد ذلك لنقرر في مصيرها، استمتعا بوقتكما.