اختتمت أول أمس السبت «ندوة القناصلة»، التي جمعت حوالي 53 قنصلا عاما للمغرب عبر العالم، بمفاجأة توقيع ميثاق القناصلة العامين ما بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، والقناصلة العامين للمغرب بالخارج. لقد انتظرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون مرور أكثر من خمسين سنة بعد استقلال المغرب لتقوم على بعد أقل سنتين من الانتخابات التشريعية، ونهاية عهدة الحكومة الحالية، ببلورة أول ميثاق في تاريخ الديبلوماسية المغربية من أجل قنصليات أكثر انفتاحا وفعالية. ويهدف هذا الميثاق إلى تطوير قنصليات أكثر انفتاحا وفعالية عبر سلوك مهني ولبق لأطرها، وتحسين ظروف الاستقبال وجودة الخدمات الموجة لأبناء الجالية المقيمة في الخارج، وكذا التفاعل معهم ومعاملتهم بشكل يحفظ كرامتهم. كما جاءت هذه الوثيقة التي تضمنت عددا من بنود «مدونة القيم» الخاصة بموظفي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون وتروم توسيع مهمة القنصليات لتعزيز المبادرات السوسيو ثقافية، والدور الاقتصادي لها عمومية في مضامينها وفضفاضة في أهدافها لا تنبني على مؤشرات واضحة بمثابة خلاصات لتشخيص دقيق لوضع القنصليات، تكون منطلاقا للاصلاح والتقييم البعدي، ولا تتوفر على ميكانيزمات للتقييم. والأكيد أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون من خلال اختيار اسم «قنصليتي» كتعبير عن ميثاق إصلاح العمل القنصلي، الذي تمت بلورته في وقت قياسي ولم يتمكن جل القناصلة الحاضرين من الاطلاع عليه بشكل كامل، تبرز مدى عدم قدرة الديبلوماسية المغربية في أن تبدع أسلوبا إصلاحيا خاصا بها يعكس طبيعة وخصوصية العمل القنصلي المغربي. كما أن المتتبع للشأن القنصلي، لا يمكنه إلا أن يتأسف لغياب الإبداع الديبلوماسي المغربي، ذلك أن اطلاق اسم «قنصليتي»، على هذا الميثاق، الذي يعكس الرؤية الجديدة للإصلاح، قد تجعل منه مشروعا يحيل على أن فكرته الاساسية استوحيت من مشروع «مون كونسيلا» الذي تبنته الديبلوماسية الفرنسية في وقت سابق. لقد كشفت «ندوة القناصلة» التي احتضنتها الجمعة الماضي العاصمة الرباط، أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون تتوفر على تشخيص دقيق للوضع القنصلي المغربي عبر العالم، يعكس طموح كفاءات في البحث عن الإمكانيات للعمل بشكل وكيفية جيدتين، ورغبة آخرين في تطوير إمكانياتهم في تدبير الرتابة المبنية على «العكز»» كأحد تجليات «الرفاه المهني». غير أن الشكل الذي تمت به بلورة هذا الميثاق، الذي من المفترض فيه أن يكون خلاصة لمشاورات ما بين الخارجية المغربية والقناصلة العامين المغاربة عبر العالم، وطريقة تبني مشروع الإصلاح القنصلي بشكله المكوكي خلال هذا اللقاء الذي كان بمثابة بداية لتقييم العمل القنصلي وتشخيصه، لا يمكنه إلا أن يجدد طرح السؤال حول مدى قابلية تنفيذه وتحقيقه وكذا نجاحه ونجاعته، هذا إذا ما استحضرنا «إخفاق» كل النماذج، التي تنتهي ب«تي» مثل مشروع «حانوتي»، مقاولتي، وأهدافها المرحلية ومصيرها الغامض...