يواصل المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي، بخصوص ملف الصحراء، هورست كوهلر، زيارته للمنطقة، بهدف البحث عن إمكانيات التقدم في معالجة هذا النزاع، بناءً على القرار الأخير لمجلس الأمن، الذي يحث البلدان الجارة على تقديم الدعم والالتزام بقوة في التوصل إلى حل سياسي، ويعني القرار، بكل وضوح، الجزائر، التي تعتبر الفاعل الرئيسي في هذه القضية، باعتبارها الدولة التي تقدم المال والسلاح والدعم الديبلوماسي، وتأوي قوات البوليزاريو في أراضيها. غير أنه من المنتظر أن يصطدم كوهلر بجدار حديدي، لأن الدولة الجزائرية، تحاول أن تقدم الوضع كما لو كانت مجرد طرف يساند حق تقرير المصير، وليست هي المحرك الأول والوحيد لهذا النزاع المفتعل. فإذا رفعت يدها عنه، سينتهي نهائيا، لأن الساكنة المغربية في الصحراء لا يهمها سوى الأمن والاستقرار والتنمية، وعودة الصحراويين الذين تحتفظ بهم هذه الدولة الجزائرية، وترفض حتى إحصاءهم من طرف المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. ومن المعلوم أن المغرب يرفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع البوليزاريو، لأن هذا المسلسل الذي تمت تجربته، لمدة سنوات، وصل إلى الطريق المسدود، فالقرار الأخير ليس في يد وفد الانفصاليين، بل يوجد في يد الدولة الجزائرية، لذلك فإن مسرحية المفاوضات المباشرة بين المغرب والبوليزاريو، لم تكن سوى عملية سياسية ودعائية لصالح الانفصاليين. و يمكن القول إن القرار الأخير لمجلس الأمن، الذي اعتبره العديد من المراقبين، بمثابة تجاوب نسبي مع الموقف المغربي، يدفع في اتجاه تقليص هامش مناورات الجزائر، لذلك حاولت هذه الدولة، الدفع بالبوليزاريو، نحو المنطقة العازلة لإقامة منشآت تحضيرا لنقل بعض السكان والقواعد العسكرية، للقول أمام العالم إن الأمر يتعلق بأراض محررة ودولة صحراوية قائمة الذات. غير أن الموقف الحازم الذي اتخذه المغرب، تجاه هذا المخطط، جعل الجزائر تتراجع، لكنها فتحت معركة أخرى، داخل الاتحاد الإفريقي، في محاولة للزج به من جديد في هذا النزاع، والضغط على الأممالمتحدة، وهي المعركة التي يتصدى لها المغرب بقوة أيضا. لذلك فإن زيارة كوهلر للجزائر حاسمة، ليتعرف على حقيقية ردّهاعلى قرار مجلس الأمن، وهو جواب معروف مسبقاً.