حسب المعطيات، التي تسربت من كواليس النقاشات الدائرة حول قضية الصحراء المغربية، في مجلس الأمن، فإن الأمور تسير في اتجاه إدانة تحركات انفصاليي البوليزاريو في المنطقة العازلة، وخاصة في الكركرات،بالإضافة إلى الدعوة إلى عودة المغرب وانفصاليي البوليزاريو، إلى مائدة المفاوضات، مع حث الأطراف الأخرى المعنية بالنزاع إلى المساعدة لتسهيل الوصول إلى حل سياسي متوافق بشأنه، في إشارة واضحة للجزائر. ويمكن القول، إن المقابل الذي يُطلب من المغرب دفعه، كمقايضة لإدانة تحركات البوليزاريو في المنطقة العازلة، هو العودة سنوات إلى الوراء، لتكريس الاستاتيكو، عبر تأبيد مفاوضات مع مجموعة انفصالية، وكأنها تمثل ما يسمى ب»الشعب الصحراوي»، تتواجد فوق أراضي الدولة الجزائرية، التي تمولها وتسلحها وترعاها وتخطط لكل تحركاتها، فهي البداية والمنتهى. الدعوة للمفاوضات بين المغرب والبوليزاريو، تكريس لأزمة ناتجة عن عجز الأممالمتحدة في معالجة هذا الملف، وقد بدا هذا العجز منذ أن فشل مخطط تنظيم الاستفتاء، حيث توصل المشرفون على عملية تحديد هوية الذين يحق لهم التصويت، إلى استحالة الحسم في الجسم الانتخابي «الصحراوي»، فكان البديل للخروج من المأزق هو نظرية المفاوضات بين الطرفين، وهو ما قَبِلَه المغرب، وامتد هذا المسلسل لسنوات طويلة. و في الوقت الذي تقدم فيه المغرب، بمقترح الحكم الذاتي، كحلّ وسط، وحظي المقترح باستحسان من طرف عدد من القوى الدولية، لم يتزحزح موقف الانفصاليين والجزائر قيد أنملة، بل أرادوا تحقيق ما فشلوا في تحقيقه عن طريق الحرب والسلاح، عبر هذه المفاوضات، التي لن تنتهي أبداً إذا تواصل دفاعهم على نفس الموقف الذي يرددونه منذ عهد الهواري بومدين. لذلك، فالعودة للمفاوضات ،إنما تكريس لمنطق الدولة الجزائرية، التي تحرك كل خيوط الانفصاليين، الذين لا حول لهم ولا قوة، خارج تعليمات الطغمة العسكرية في هذا البلد، والتي تسعى إلى تأبيد هذا الوضع الذي يخدمها، مادام المغرب يقبل لعبة الجلوس مع الكراكيز الانفصالية، رغم أن «أصدقاء الصحراء»، أي أمريكا وروسيا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا، الذين يقفون وراء مشروع القرار في مجلس الأمن، يعلمون جميعا أنه في الوقت الذي يكون فيه المغرب ممثلا على أعلى المستويات في هذه المفاوضات، يكون في مقابلته ظِلٌ، يسمى البوليزاريو، بينما الأصل الحقيقي يصدر التعليمات من مكاتب المخابرات بالعاصمة الجزائرية.