يتساءل العديد من المراقبين عن أسباب التصعيد الأخير، الذي يشهده الوضع في الصحراء المغربية، والذي يمكن أن يؤدي إلى حرب، خاصة وأن البعض منهم لا يفهم ما الذي يعنيه «تغيير الوضع»، في جزء قاحل من الصحراء، يسمى المنطقة العازلة، غير أن المتتبعين عن كثب لهذا النزاع، أي الأممالمتحدة، وخاصة قوات المينورسو، تدرك جيداً ماذا يعني ذلك. لمحاولة شرح ما يجري، من المفيد التذكير، بأن المغرب اختار طواعية، عند التوقيع على وقف إطلاق النار مع الأممالمتحدة، سنة 1991، ترك هامش جغرافي، بين قواته والحدود الجزائرية، تجنبا لأي احتكاك قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية، بين الجارين، بل أكثر من ذلك، كان بإمكانه بناء الجدار الأمني على هذه الحدود، التي يهاجم منها العدو، القوات المغربية. ورغم أنه كان من حقه استعمال حق المطاردة، لجماعات البوليزاريو، التي تأتي من تندوف لمهاجمة جيشه، إلا أن المغرب فٓضّلَ اختيار حماية حدود الصحراء المغربية، فقط، دون التدخل العسكري، خارج هذه الحدود، حرصاً منه على تجنب حرب الأشقاء، غير أن نذالة الطغمة العسكرية الجزائرية، ليس لها حدود. ما تحاول تحقيقه هذه الطغمة، اليوم، أمران اثنان: الأول، هو الرد على الموقف المغربي، الذي يرفض الجلوس إلى مائدة المفاوضات مع البوليزاريو، معتبراً أن لا حول و لاقوة لهذا التنظيم المصطنع، وأن المسؤول الحقيقي عن دعوة الانفصال هي الدولة الجزائرية، التي تأوي وتسلح وتمول وتدعم البنيات السياسية والديبلوماسية والدعائية للانفصاليين، ولولا الجزائر، لما قامت قائمة للبوليزاريو. لذلك تحاول الدولة الجزائرية، الدفع بالانفصاليين، نحو المنطقة العازلة، لتكريس كيان وهمي، يبرر «شرعية» التفاوض معه، بل قد يسعى إلى اعتراف دولي. الثاني، هو أن عملية الاحتلال الإداري والسكاني وبعدها العسكري، للمنطقة العازلة المغربية، من طرف البوليزاريو، تعتبر بمثابة تغيير استراتيجي في الوضع، لأنه يعني التقدم نحو الجدار الأمني، وتثبيت بنيات إدارية وعسكرية، وترحيل جزء من سكان مخيمات تندوف كأدرع بشرية، لهذا الاحتلال، بينما يظل العمق الاستراتيجي في تندوف. هذا المخطط، الذي تدركه الأممالمتحدة، أكثر من غيرها، هو ما ينبغي توضيحه للرأي العام الدولي، الذي لن يتفهم اللجوء لخيار السلاح، ما لم يتم شرحه بكل الحجج والبراهين المقنعة، خاصة ما يتعلق بوضع المنطقة العازلة، التي يروج الانفصاليون أنها مناطق محررة، بينما هي مناطق مغربية اختار المغرب أن يتركها على هذا الوضع، تجنبا للحرب مع الجيران، لكنهم فضلوا خياراً آخر.