في حركة مضادة، تبعث على رد فعل سياسي دفاعي يسعى لتوهيم المغاربة بأن حلفاء الحكومة يشتغلون في انسجام تام ووفق نغم واحد، ردت الأغلبية على اللقاء التنسيقي الذي عقدته المعارضة بقبة البرلمان، وذلك بجمع برلمانييها المنتسبين للغرفتين وبحضور الأمناء العامين للأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي، لحزب العدالة والتنمية، حزب التجمع الوطني للأحرار، حزب الحركة الشعبية ثم حزب التقدم والاشتراكية. وما يثير الانتباه كثيرا في هذا الاجتماع الذي كان يتوخى، أن يبرز أن كل هذه المكونات تشتغل وفق التوجهات والخيارات التي تسير فيها الحكومة المدعية على أنها تنهج الإصلاح، هو ما جاء في كلمة عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة في نفس الوقت، فما معنى أن يبشر رئيس الحكومة أغلبيته بفوزهم في الانتخابات القادمة في نفس اللقاء والمغرب يستعد والحكومة نفسها قد عرضت بعض مسودات القوانين المتعلقة بهذا الموضوع؟ فإذا كان الحديث في سابق الأمر على أن رئيس الحكومة ينسى في العديد من المرات ولو في المؤسسات الدستورية، أنه رئيس للحكومة لكل المغاربة ويركب موجة السجال السياسي وينساق في الهجوم على هذا الحزب أو ذاك كأمين عام لحزب العدالة والتنمية، فاليوم والحكومة في نصف ولايتها يبدو أن بنكيران قد عكس الآية خاصة مع حلفائه، وأصبح يخاطبهم في لقاء يظم الأغلبية بثقة كرئيس للحكومة عوض أن يتحدث دون غموض والتباس كأمين عام لحزب المصباح. لكن هذا ليس بغريب على بنكيران الذي عود الشعب وجميع الفرقاء السياسيين والاجتماعيين، على ممارسة السياسة بشكل شعبوي وفرجوي، وهو يدري أكثر من غيره ما يسعى إليه، ولغرض في نفس يعقوب، وهنا التساؤل المركزي المطروح: أفبهذا الخطاب الذي يبشر رئيس الحكومة أغلبيته المتمثل في الفوز في الانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة، يمكن أن نحارب العزوف السياسي ونشجع على المشاركة السياسية في أوساط المغاربة؟، هل بهذا النوع من الممارسات يمكن أن نرجع الثقة للناخب المغربي في اللعبة السياسية وفي نزاهة الانتخابات، في الوقت الذي يبشرنا رئيس الحكومة بنتائجها مسبقا؟ وما تنساه أو تتناساه هذه الحكومة ورئيسها، هو أن مشكل بناء الثقة لدى المواطن المغربي في السياسة ورد الاعتبار لها، هو جزء من مسؤوليتها بالأساس، لأن عنصر الثقة شيء ضروري وأساسي في الحياة السياسية والاقتصادية برمتها، وإذا كانت السفينة الحكومية تبحر في عالم الاقتصاد والسياسية، فمن اللازم على ربانها رئيس الحكومة أن يكون حريصا على تجنب كل المخاطر وما من شأنه أن يعرقل مسيرتها أو يؤدي إلى إغراقها، لا أن يزرع قنابل الشك والريبة في نفوس الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين سواء في الداخل أو الخارج، ويبث نوعا من البلبلة في أوساط المواطنين. كما أن المرء لا يفهم ما يقصده زعماء الأغلبية بأن الحكومة ستواصل تنزيل الإصلاحات بما يقوي البناء الداخلي، ويحصن البلاد في مواجهة المخططات الرامية إلى زعزعة الاستقرار، هل ضروري وإن كان الخطر محدقا بالوطن أن تستعمل مصطلحات كبيرة وفضفاضة وذات حمولة قوية تبعث على عدم الاطمئنان والارتياح لدى المواطن، في الوقت الذي يطلب من الحكومة أن تكون هي الباعثة على هذا الاطمئنان والارتياح لدى المواطن؟.