سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
طارق المالكي يدعو إلى حزمة تدابير من أجل خلق قطيعة مع نموذج النمو الحالي الاستراتيجيات القطاعية المختلفة لم تحقق النتائج المرجوة من حيث إحداث التحول الهيكلي في الاقتصاد
دعا إلى رفع الحد الأدنى للأجور لدعم القوة الشرائية لأكثر الفئات حرمانا في محاولة للإجابة عن السؤال الشائك «أي نموذج نمو للمغرب؟» انطلق طارق المالكي، مدير قطب التنمية والعلاقات الدولية بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، من تشخيص واقع النموذج الحالي حيث قدم نظرة عامة حول تطور الوضع الاقتصادي والاجتماعي خلال الفترة 2000 – 2014 ، معتبرا أن التقدم الذي حققه المغرب خلال العقدين الماضيين، خصوصا منذ حكومة التناوب، لاسيما في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، جعل النموذج التنموي المتبع يستنفد إمكانياته ولم يعد يستجيب لحاجيات وانتظارات المواطنين. وفي سياق التفكير في آفاق النمو في المغرب على المدى المتوسط والطويل، قدم المالكي مجموعة من الملاحظات على الأداء الاقتصادي على مدى العقدين الماضيين في ما يتعلق بالجهود المبذولة. هذه النتائج تؤدي إلى استنتاج مفاده أن المغرب لديه مشكلة تتعلق بديناميات النمو حيث يطرح نموذج النمو العديد من الأسئلة حول مدى ملاءمة خياراته ونتائجه وقدرته على دفع الاقتصاد على الطريق الصحيح للنمو. وسجل المالكي أنه إلى حدود عام 2016 ارتفع الناتج المحلي الإجمالي المغربي خلال 10 سنوات إلى 1077 مليار درهم فيما بلغ الدخل الفردي 31.229 درهم في عام 2016 وتضاعف خلال 15 سنة، كما تسارع معدل النمو بفضل خيارات السياسة الاقتصادية التي تم اتخاذها ليصل معدل النمو السنوي في المتوسط إلى 5٪. وكان لهذا النمو تأثير إيجابي على مستوى الإنتاج والدخل ومستوى المعيشة للسكان وذلك بفضل استراتيجية تقوم على تنمية الطلب المحلي وتدعيم الاستثمار العام وتنويع الاقتصاد عبر وضع خطط قطاعية في الزراعة والصناعة والخدمات وتحسين الإنتاجية في هذه القطاعات من خلال تراكم رأس المال المادي وتحسين القدرة الشرائية للأسر عبر الرفع من الرواتب، والحد الأدنى للأجور، وإصلاح ضريبة الدخل وتوقيع اتفاقيات التجارة الحرة ما ساهم في زيادة فرص التصدير، كما ساعد النمو على تحقيق تقدم كبير في البنية التحتية والخدمات الأساسية من خلال جهود الاستثمارات العمومية. وعلى الصعيد المالي، ساهم النمو القوي في رفع حجم الائتمان للقطاع الخاص من 42٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2003 إلى 70٪ في نهاية العقد… ولكن على الرغم من التقدم المحرز، يضيف المالكي، فقد تباطأ النمو منذ عام 2010 وما زال يعاني من العديد من الاختلالات ليخلص إلى أنه نموذج نمو في النهاية، وصل إلى حدوده واستنفد طاقته وهو مابات يطرح العديد من التحديات للمستقبل. واعتبر المالكي أن استراتيجية النمو التي تركز على الطلب الداخلي (التي تحفزها مديونية الأسر والإنفاق العام) أصبحت لا تخلق الظروف اللازمة لإقلاع اقتصادي وصناعي حقيقي للبلاد، من خلال التنويع الإنتاجي .. كما سجل المالكي ضعف المكاسب الإنتاجية بسبب العائد المنخفض للاستثمار الكلي في الاقتصاد، على الرغم من الزيادة على الصعيد العالمي (30٪ من الناتج المحلي الإجمالي)، بالاضافة إلى انخفاض نسبة النمو من حيث خلق فرص الشغل والوظائف (نقطة نمو واحدة لم تعد تخلق سوى 9000 منصب شغل مقارنة ب 27 ألفا في المتوسط خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين) وبالتالي فقد أصبحت البطالة عنصراً بنيوياً مع كل المخاطر التي تنطوي عليها .. وبالنسبة للمالكي لم تسفر الاستراتيجيات القطاعية المختلفة عن النتائج المرجوة من حيث إحداث التحول الهيكلي في الاقتصاد المغربي وهو ما جعل التأثيرات محدودة كما أن الاستراتيجيات عانت من نقص التماسك وغياب التنسيق بين السياسات القطاعية أمام مناخ الأعمال، فرغم التقدم الكبير الذي تحقق فيه، لا يزال ينقصه الكثير .. واعتبر المالكي أن ضعف الرأس المال اللامادي أصبح يؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للشركات.. ومن أجل سياسة اقتصادية استباقية لصالح التنمية الاقتصادية المستدامة يقترح المالكي خلق أدوات للتخطيط تهدف إلى تنسيق الاستراتيجيات القطاعية على نحو أفضل وضمان تكاملها وترابطها والتقائيتها. كما يقترح إنشاء بنك للاستثمار العام ذي طابع إقليمي لتسهيل الوصول إلى تمويل المقاولات الصغرى.. ودعا المالكي إلى رفع الحد الأدنى للأجور بطريقة تدريجية لدعم القوة الشرائية لأكثر الفئات حرمانا وإلى الزيادة في نفقات الاستثمار العمومي وإصلاح الوظيفة العمومية من خلال مراجعة جدول الأجور والإدارة الفعالة للموارد البشرية ( عبر التعاقد، تقييم الأداء). وفي المجال الضريبي دعا المالكي إلى تطبيق توصيات المناظرة الوطنية للجبايات وإقامة إصلاح ضريبي عادل ومنصف وإعادة التوزيع الضريبي عبر تبسيط وإعادة هيكلة ضريبة القيمة المضافة، وتخفيض الضرائب على الطبقات الوسطى والطبقات العاملة وفرض الضرائب التدريجية على القطاع الزراعي وإعادة توجيه النفقات الضريبية وتنفيذ الضرائب الخضراء، وتحسين إدارة النظام الضريبي بمكافحة الاحتيال الضريبي … أما في ما يتعلق بالقطاع الصناعي، فقد اعتبر المالكي أنه على الرغم من تنفيذ العديد من الاستراتيجيات الصناعية، فإنه لا يزال يعاني من العديد من المشاكل الهيكلية، وهو ما يطرح الحاجة إلى إكمال، تسريع وتحسين نجاعة الاستراتيجية الصناعية الحالية التي يجب أن تهدف إلى زيادة حصة الصناعة في إجمالي الناتج المحلي وتحسين المحتوى التكنولوجي للإنتاج عبر زيادة حصة المنتجات المصنعة في الصادرات.. كما دعا المالكي إلى إنشاء عرض صناعي ترويجي وعالمي ذي طبيعة إقليمية عبر إنشاء مناطق حرة إقليمية، وإنشاء «مهن» إقليمية ووضع سياسة ابتكار طموحة، من خلال زيادة حصة الإنفاق على البحث والتطوير من 0.7٪ حاليًا إلى 1.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في غضون 5 سنوات وزيادة عدد براءات الاختراع عبر تدابير الدعم لتمويل الابتكار .. بالاضافة إلى ضرورة خلق صندوق دعم الابتكار . على صعيد آخر يدعو المالكي إلى الارتقاء بالموارد البشرية في القطاع الصناعي من خلال برامج تدريب بالتعاقد حسب القطاعات وتحسين الوصول إلى التمويل بالنسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة .. وأوصى عضو المكتب السياسي بتسريع مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) مع الانفتاح على الشركات الصغيرة والمتوسطة وزيادة المعروض من الأراضي الصناعية المتاحة وتحسين معدل التكامل في السلاسل العالمية للقيمة من خلال تدابير محددة كالخدمات اللوجستية والتعويض الصناعي والابتكار.. وفي القطاع الفلاحي، يقول المالكي، هناك حاجة إلى وضع برنامج جديد للتنمية الزراعية والبيئية هدفه تنويع وتحسين الإنتاجية وتوجيه القطاع الزراعي نحو إنتاج أعلى قيمة مضافة وذلك عبر تسريع عملية التكامل في الزراعة والإنتاج الزراعي: تنفيذ استراتيجية غذائية زراعية حقيقية وتحسين جودة الإنتاج لتحسين الوصول إلى الأسواق الدولية، من خلال وضع معايير وطنية مع وضع استراتيجية للتكوين الزراعي ووضع عقد برنامج بين وزارات الصناعة والفلاحة ومهنيي الصناعات الغذائية وتحسين إدارة المياه. وفي مجال التمويل يدعو المالكي إلى إطلاق موجة جديدة من الاستثمار العام والخاص لتسهيل الوصول إلى التمويل عبر تنويع عروض التمويل البنكي وتحسين معدل فوائد الخدمات المصرفية وتطوير أدوات محددة مثل صناديق الضمان للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وصناديق الاستثمار المشتركة العامة والخاصة.. وشدد المالكي على ضرورة تعزيز القدرة التنافسية للمقاولات المغربية عبر صياغة ووضع الميثاق الجديد للمقاولات الصغرى والمتوسطة ووضع ميثاق تنافسي للمقاولات الصغيرة والمتوسطة لدعم تشكيل جيل جديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات التأثير الكبير. كما دعا إلى الحزم في محاربة القطاع غير المهيكل واقتراح إعفاء ضريبي مدته سنتان للانتقال من القطاع غير المهيكل إلى المهيكل .