يعاني الكاتب والشاعر الإسباني الشهير أنطونيو غالا منذ عدة أعوام من مرض السرطان الذي اضطره إلى مغادرة مدريد والعودة لقضاء أيامه الأخيرة في مسقط رأسه قرطبة، لكن هذا المرض لم يمنعه من مواصلة كتابة عموده القصير في صحيفة (الموندو) الذي يعبر فيه عن مواقفه الثقافية والسياسية والاجتماعية التي تدل على أنه متابع لكل الأحداث حوله، وأنه لازال يؤمن بجدوى النضال والوقوف إلى جانب القضايا الإنسانية العادلة، ومنها القضية الفلسطينية، ولا غرابة في ذلك وهو الذي ظل يعتز بكونه أندلسياً وبكل ما هو أثر عربي وإسلامي في الحضارة الأندلسية التي احتلت جزءاً كبيراً في موضوعات أعماله الشعرية والروائية والمسرحية، وقد سبق له وأن ترأس جمعية الصداقة الإسبانية العربية قبل ثلاثة عقود، والتي لم يبق منها الآن سوى الاسم، كما زار العديد من البلدان العربية ومنها سورية والعراق والمغرب وتربطه صداقات بالعديد من المثقفين العرب. يواصل غالا حضوره عبر وسائل الإعلام، ونشاطات المؤسسة التي تحمل اسمه في قرطبة، ومن خلال توالي طباعة أعماله ومنها ديوانه (قصائد حب) الذي صدرت طبعته الخامسة عشرة، جامعاً فيها أغلب أشعاره بما فيها بعض قصائده الأولى، ولم يعد جديداً على غالا هذه النجاحات الكبيرة لكل ما يصدره؛ فقد اعتاد أن تتصدر كتبه قوائم المبيعات في المكتبات الإسبانية منذ أوائل أعماله. نجاحات متواترة ولد أنطونيو غالا في قرطبة سنة 1936 ودرس الأدب والفلسفة والسياسة والقانون والاقتصاد، وكانت انطلاقته الأدبية سنة 1963 حيث بدأ بكتابة الشعر ولكنه أبدع فيما بعد في مختلف أجناس الكتابة الأدبية، وإن كان أكبر نجاحاته في أعماله المسرحية، وحاز على الكثير من الجوائز منها: جائزة أدونيس في الشعر عن ديوانه (عدو حميم)، جائزة كالديرون عن مسرحيته (حقول عدن الخضراء)، الجائزة الوطنية للآداب عن مسرحيته (خاتمان من أجل سيدة) والتي ترجمها إلى العربية عبداللطيف عبدالحليم، وحاز جائزة بلانيتا سنة 1990 عن أول رواية له، والتي أكسبته المزيد من الشهرة وهي (المخطوط القرمزي)، التي تناول فيها سيرة أبو عبدالله الصغير آخر حكام غرناطة المسلمين والتي ترجمها إلى العربية رفعت عطفة، ثم كتب روايته الثانية سنة 1993 (الوله التركي) التي يصف فيها قصة حب بين سائحة إسبانية وشاب تركي، وقد ترجمت إلى العربية أيضاً وتحولت إلى فيلم ناجح في السينما الإسبانية. ولغالا الكثير من المقالات الصحفية والتحليلات الأدبية التي جمعت في كتب، عدا عن السيناريوهات التلفزيونية والكتابة في التاريخ الأندلسي ومنها كتابه عن غرناطة. مآخذ وعلى الرغم من كل الشهرة والشعبية التي يتمتع بها غالا ورعايته للمواهب الشابة إلا أن أغلب الكتاب الجدد يأخذون عليه انسياقه وراء السوق التجارية للكتاب وأضواء النجومية، وبالتالي غزارة الإنتاج واستسهاله، الأمر الذي يوقعه في التسطيح والتقليدية، حيث أن أكثر قرائه من النساء لما يتعمده من تناول لموضوعات عاطفية تقليدية وبلغة مباشرة تقترب من لغة وأسلوب الشارع، وتجنبه للدخول في التقنيات التجريبية على صعيد البناء والحبكة والخوض في الجوانب الفكرية العميقة، هذا وقد ترجمت أعماله إلى أغلب اللغات ومنها الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وهنا نذكر بعضاً من أعماله الكثيرة، ففي الرواية: (المخطوط القرمزي)، (الوله التركي)، (قاعدة لثلاثة) و(هناك أبعد، في الحديقة)، وفي المسرح: (حقول عدن الخضراء)، (الأيام الطيبة الضائعة)، (خاتمان من أجل سيدة)، (القوانين المعلقة للأشجار)، (لماذا تركض يا يوليسيس؟)، (كارمن، كارمن). وفي القصة القصيرة: (تبدل الشتاء) و(قلب متأخر). وفي الشعر: (عدو حميم)، (وصايا أندلسية)، (قصائد حب) وهو الديوان الذي ضم عشرات القصائد في أكثر من 350 صفحة تتناول أبرز موضوعات الحب بمختلف أشكاله للإنسان والأشياء والتاريخ والحالات وغيرها، نقتطف منها هذه القصائد. لا أحد يُبلل الهواء لا أحد يُبلل الهواء مثل عينيّ. قلتِ لي: أتعمل؟ قلتِ لي: أحانت ساعة شرب الشاي؟ بينما لم أقل لك بعد بأنني أُحبك.. لم أقل لكِ: أنتِ كل ما أملك، لم أقل لكِ: أنت الوردة الوحيدة التي.. تحتوي كل فصول الربيع. قلتِ لي: وداعاً وإلى الغد. ولم أقل لكِ بعد بأنني أموت من الحب ... إني أموت ولا أحد يبلل الهواء مثلي. ............................... قبل وصولك قبل وصولكِ فوق الدولة الإمبراطورية وأنت تقاومين الهواء .. حملكِ الهواء. قبل أن تجيئي فوق نصب الحرية وأنتِ تقاومين الهواء .. هدهدكِ الهواء قبل أن أعرفكِ فوق قلبي وأنت تقاومين الهواء .. قَبَّلَكِ الهواء. ............................... قصر الحمراء صوتك يمنحني القوة .. ضد القوة فامنحني اسماً وسنحيا مع أن الموت ضرورة. آه، لو أنك ستسمّيني ضد اللهيب.. الهيب وحسب، وضد الماء.. وردة الريحان. فأبقى هناك تحت أحواضك العتيدة. ............................... رددت اسمي .. رددته ?كل شيء رديء? رددته ?رديء كل شيء? فردد أنت اسمي ضد لهيبي.. لهيبك وحسب. تَصارَع الحب، تَفرقع، تَمزق وانزوى لكنه سيهتاج ويعضّ.. تماماً كالجرو الذي نجهل فيما لو كان يلعب أو يفترسنا. ............................... تكريم ل سان خوان دي لاكروث أطير معك أيها الحب.. أطير .. طرتُ أعجبت السماء بوردة زرقاء وطفل .. بالطيران التام في وردة صامتة. طيراني على طيرانك استَند، مع رياحك رياحي استراحت، وجناحي عشقت جناحك فتهدهدتَ مثل طفل في مهدك ومروحة السدر تمنحني الهواء.