سبع مباريات رسمية كانت كافية لوضع نقطة النهاية في علاقة المدرب عبد الحق بنشيخة مع فريق الرجاء البيضاوي، وهو الذي كان يراهن على قيادة الفريق إلى الألقاب محليا وقاريا، وسطر استراتيجية تبناها المكتب المسير، ووفر له كل المتطلبات لتنفيذها بشكل سليم. لقد عرت هزيمة الفريق الأخضر أمام الجيش الملكي في ثمن نهاية كأس العرش (ذهابا وإياب) عن واقع «مضعضع» لفريق يفترض أن يكون قاطرة للكرة المغربية، ونموذجا يقتذى به في مجال تدبير الأزمات. فهل كانت فعلا أزمة الرجاء في المحدودية التقنية والتكتيكية للمدرب بنشيخة، الذي لا ينكر كفاءته أحد؟ بالتأكيد لا، لأن هذا المدرب يجر وراءه تاريخا مهما، تزينه العديد من الألقاب، والتي كان آخرها لقب كأس العرش للموسم الماضي رفقة الدفاع الحسني الجديدي. إن أزمة الرجاء أعمق وأكبر. لقد أجمعت العديد من الفعاليات الرجاوية، عقب الإقصاء من كأس العرش، وإعلان نبأ الانفصال عن المدرب بنشيخة، والتعاقد مع المدرب البرتغالي جوزي روماو ساعات بعد هزيمة الرباط، أن الرجاء في حاجة إلى تفعيل مؤسساتها، وأن تفرض نظامها الداخلي، الذي ظل في كثير من الأحيان حبرا على ورق. وأشارت ذات المصادر إلى أن الفريق عاش في بداية هذا الموسم العديد من التصدعات، لكن المكتب المسير كان يترك دائما المدرب في وجه العاصفة، فقضية الصور الفاضحة لكل من الوادي وسعيد فتاح كشفت عن عدم تجانس في طريقة المعالجة بين المدرب والمكتب المسير. ففي الوقت الذي ادعت إدارة الفريق في بلاغ نشره الموقع الرسمي، أن الرجاء يتعرض لاستهداف متعمد، يعلن المدرب مسؤولية اللاعبين، ويتوعدهما بالعقاب، ثم برز إلى السطح الاشتباك الذي وقع في الطريق إلى مدينة تطوان لخوض المباراة الأولى أمام المغرب التطواني، بين مابيدي وبورزوق، وهي الواقعة التي تكتم عليها المكتب المسير، ولم يتعامل معها بالصرامة اللازمة، قبل أن يجد نفسه مضطرا إلى دعوة اللجنة التأديبية لعقد اجتماع، تقرر فيه تغريم كل من الوادي وفتاح ومابيدي وبورزوق مبلغ 150 ألف درهم (50 ألف لكل واحد). ولم تقف انفلاتات عناصر الرجاء عند هذا الحد، بل كان الأداء داخل رقعة الملعب مثيرا للاستغراب، الأمر الذي دفع العميد السابق محسن متولي، إلى مطالبة اللاعبين بتحمل المسؤولية واللعب بجدية ورجولية، لكن واقع الحال بين أن القطار الأخضر لا يسير فوق ستكته، وأنه أخطأ وجهتة، حيث كانت العناصر الخضراء تحصد الإنذارات والبطاقات الحمراء في المباريات، وبشكل شبه متعمد، ومثال ذلك الطرد الذي حصل عليه الحارس العسكري، بعد نهاية مباراة الذهاب بين الرجاء والجيش في مركب محمد الخامس، بعد احتجاجه المبالغ فيه على الحكم رضوان جيد، وهي البطاقة التي كلفته التوقيف لأربع مباريات، في ظرف كان فريقه في حاجة ماسة إلى خدماته، ثم البطاقتين الحمراوين اللتين حصل عليهما بلمعلم وإيسين في مباراة أول أمس أمام الجيش. وشددت مصادرنا على أن بعض لاعبي الرجاء أصبحوا يعتبرون أنفسهم أكبر من الرجاء، وهنا أكد مصدر مقرب من الفريق أنه بعضهم يظهر إمكانيات كبيرة في الحصص التدريبية، غير أنهم في المباريات يكون لهم وجه آخر، مضيفا أنهم « كيخويو» بالمدرب. إن أزمة الرجاء، ليست وليدة اليوم، وبالتالي تتطلب الحكمة والتريث وعدم التسرع في اتخاذ القرارات، لأن الانفصال عن بنشيخة بعد مرور ثلاث دورات من عمر البطولة، حقق فيها انتصارين وتعادلا أمام البطل، ولو أن طريقة الأداء كانت غير مقنعة، وأربع مباريات في الكأس أمام الرشاد البرنوصي والجيش الملكي، فيه كثير من التسرع، لأنه اتخذ مباشرة بعد الهزيمة أمام الجيش الملكي، وأعقبه الإعلان التعاقد مع المدرب روماو، والذي يحمل هو الآخر كثيرا من التساؤلات، وفي مقدمتها متى بدأت المفاوضات مع روماو، ومتى تم الاتفاق؟ وشددت ذات المصادر على أن أحسن وسيلة لإعادة التوازن للفريق الأخضر هي تفعيل دور المؤسسات، وأن تكون قراراتها مشمولة بالنفاذ، بعيدا عن منطق العاطفة، والركوب على مصلحة الفريق لإلغاء كثير من القرارات الزجرية، فمصلحة الفريق تقتضي فرض النظام، وقطع دابر الفتنة من الأساس.