تدارس مجلس الحكومة في اجتماعه الأخير مشروع قانون إطار منظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي .ومن المرتقب أن يعرض النص على أنظار مجلس وزاري مقبل. ونسجل بدايةً، ماتضمنه بلاغ المجلس الحكومي من أن المشروع، يهدف «إلى إصلاح منظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي على أساس تحقيق الإنصاف، وتكافؤ الفرص، والجودة والارتقاء بالفرد، وتقدم المجتمع، وإلى ضمان استدامته، وكذا إلى وضع قواعدَ لإطار تعاقدي وطني ملزِم للدولة ولباقي الفاعلين والشركاء المعنيين في هذا المجال». إن منظومة التربية والتعليم بمختلف مستوياته بحاجة إلى إصلاحات عميقة، باعتبار أن بوابة مستقبل زاهر، واقتصاد منتج، يمر –حتما- من مدرسة متقدمة، وجامعة متطورة، ذات علاقة وطيدة بمحيطها وبسوق الشغل.ويحدُونا أمل كبير في أن يكون مشروع قانون إطار في هذا الموضوع، خطوة إيجابية صحيحة لتحقيق ذلك ،وبالتالي تجاوز الاختلالات والتعثرات والحلول الترقيعية، التي عانى منها قطاع التعليم بمختلف مستوياته، في أن يكون هذا المشروع بالفعل قاعدة انطلاق استراتيجية من أجل ما تم الإعلان عنه، أي تعميم تعليم دامج وتضامني لفائدة جميع الأطفال من غير تمييز، وجعل التعليم الأولي إلزاميا بالنسبة للدولة والأسر، وتخويل تمييز إيجابي لفائدة الأطفال في المناطق القروية وشبه الحضرية، فضلا عن المناطق، التي تشكو من العجز أو الخصاص، وتأمين الحق في ولوج التربية والتعليم والتكوين لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة أو في وضعية خاصة، ومكافحة الهدر المدرسي والقضاء على الأمية… لقد أبرزنا في أكثرَ من مناسبة أنه على الرغم من المجهودات التي بذلتها الدولة، لتطوير المنظومة التربوية،وتفعيل مختلف مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، المتعلقة بتعميم التمدرس، وتعبئة الموارد اللازمة، والنهوض بالجوانب البيداغوجية والتدبيرية، لم يستطع التعليم تصحيح الأخطاء وتقويم الاختلالات البنيوية والوظيفية المتعددة ،التي شابت نسقه العام، نظرا لتفاقم المشاكل التدبيرية والتربوية والتقنية، وعدم معالجتها ضمن تصور استراتيجي شمولي ومندمج. ونبهنا إلى أن قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، يُجابِه تحديات متعددةً نتيجة جملة من الإكراهات والمشاكل التي يعاني منها، بفعل سوء التدبير، وافتقاد النفَس الاستراتيجي في السياسات العمومية المتبعة. ويرتبط إصلاح التعليم العالي والبحث العلمي بمجالات المنظومة الشاملة: الاجتماعية والاقتصادية والثقافية،المتسمة بتحولاتها العميقة ووتيرتها المتسارعة، مما يستلزم بلورة رؤية جديدة، تتجاوز عوائق المنطق التقليدي، وتتوسل بآليات مغايرة ومبدعة لتطوير المنظومة التربوية… وفي أكثر من مناسبة، قدّم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تصوره ومقترحاته لأجل إصلاح هذه المنظومة بكافة مستوياتها . ومن بين هذه المقترحات «بلورة رؤية سياسة تعليمية تتأسس على المقاربة التشاركية الحقيقية المتمثلة في التشاور الموسع مع مختلف الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والمهنيين والإشراك الفعلي لجميع الفاعلين التربويين والأطر التعليمية، وإرساء ثقافة حكومية جديدة في تدبير ومقاربة قضايا التربية والتكوين، تنطلق من وضع حد نهائي لهيمنة النزعة القطاعية ذات الأثر المحدود، وتعتمد المقاربة الشمولية المندمجة التي تستدعي عموديا وأفقيا تدخل كل القطاعات والهياكل المعنية… وطالب الحزب ببناء منظور متقدم للحكامة الجامعية، يتجاوز التدبير اليومي الظرفي إلى تدبير مهيكل منبثق من المشروع المجتمعي التشاركي، وقائم على النجاعة والفاعلية وضمان شروط الجودة والإنصاف واقتصاد المعرفة… لذلك نسجل إيجابية وضع قانون إطار لمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، ونؤكد على ضرورة ترسيخ وتكريس المجانية والتعميم، ومحاربة الهدر المدرسي، وإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية…