يقف أنيس عرفات الذي كان يعمل في الماضي مراقبا جويا أمام برج المراقبة في مطار غزة المدمر، وهو يحلم باليوم الذي سيرى فيه الطائرات تقلع وتحط من جديد على المدرج. وأصبح «مطار ياسر عرفات» أو «مطار الدهانية الدولي» الذي كان يرمز في السابق الى تطلعات الفلسطينيين بالحصول على دولة مستقلة وبالتواصل مع العالم، يذكر دائما بانقطاع غزة عن العالم الخارجي. وطالب الفلسطينيون وحركة حماس بإعادة فتح المطار الذي أغلق في عام 2001 وبإنهاء عزلة غزة لوضع حد لحرب دامية استمرت خمسين يوما، وانتهت بالتوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار. ويقول عرفات (37 عاما)الذي عمل في المطار لعامين قبل إغلاقه: «كان المطار أول مكان عملت فيه بعدما أنهيت دراستي. وكان أشبه بالمنزل لي ولزملائي. كنا اشبه بأسرة واحدة فيه». وقدم عرفات في زيارته الاولى للموقع منذ أكثر من عشر سنوات لرؤية ما تبقى من المطار ومدرجاته المدمرة بعد سنوات من القصف والاهمال، «كان هناك عشب وحدائق وورود. كانت نافذة مكتبي هنا(...)بصراحة، كانت أياما جميلة». وتطالب حركة حماس ببناء ميناء ومطار ورفع كلي للحصار عن قطاع غزة، والتي سيتم بحثها في المفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين في القاهرة بعد شهر من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار. ويترقب بعض الموظفين مثل وسيم الاخرس الذي عمل في برج المراقبة مع عرفات، إعادة فتح المطار قائلا «عندما تنظر الى هذا المبنى وترى ركام مطار ياسر عرفات الدولي فإن الدمع يغلبك». وأعرب عن فخره بالعمل في ما وصفه «برمز السيادة» الفلسطينية. وفي المكان وقف راعي أغنام شاب مع قطيعه بالقرب من ما تبقى من صالة القادمين بينما كان شبان من بلدة رفح القريبة يبحثون وسط الركام عن حديد خردة لبيعه في السوق. وبني المطار بتمويل المجتمع الدولي وقام الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بافتتاحه في حفل رمزي عام 1998. وافتتح المطار بعد أربع سنوات من توقيع اتفاق اوسلو للحكم الذاتي بين اسرائيل والفلسطينيين، بينما كان الجانبان منخرطان في محادثات السلام. ووقتها كانت الخطوط الجوية الفلسطينية تقوم بطائراتها الثلاث برحلات الى عمانوالقاهرة. كما كانت تؤمن رحلات باتجاه المملكة العربية السعودية في موسم الحج. وكان الجيش الاسرائيلي ضرب برج الرادار في المطار في عام 2001 في الانتفاضة الفلسطينية الثانية مما اضطره للتوقف عن العمل. ودمر قصف اسرائيلي عنيف مباني المطار الاخرى، خاصة مع القتال الذي اندلع قرب الموقع عام 2006 بعد أسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط قرب معبر كرم ابو سالم الحدودي. وفي العام نفسه فرضت اسرائيل حصارا على قطاع غزة ووجد السكان أنفسهم في عزلة متزايدة. ومن الصعب للغاية العبور الى اسرائيل كما ويواجه الغزاويون أيضا قيودا كبيرة للعبور الى مصر عبر معبر رفح الحدودي. وأكد نائب وزير المواصلات في غزة ياسر الشنطي انه كان للمطار أكثر من قيمة رمزية وقام بتسهيل حياة الغزاويين. وقال لوكالة فرانس برس «كان بإمكان معظم سكان قطاع غزة الذين يستخدمون المطار أن يطيروا مباشرة دون الحاجة للانتظار أو السفر عبر معبر رفح الى القاهرة». وأضاف الشنطي أن اعادة فتح المطار يعد «مطلبا رئيسيا» للوفد الفلسطيني الذي سيشارك في مفاوضات القاهرة. ولكنه أوضح أنه حتى لو تم التوصل الى اتفاق حول إعادة تشغيل المطار فإن إعادة بنائه ستكون مستحيلة دون السماح بدخول مواد البناء الى غزة. وتمنع اسرائيل دخول الاسمنت والحصى والحديد الى القطاع خشية ان تستخدم لبناء أنفاق تنطلق منها هجمات ضد إسرائيل. وبالإضافة الى مساعدة الغزاويين، فإن فتح مطار سيساعد البضائع الى الوصول الى أسواق خارجية مما سيؤدي الى تعزيز الاقتصاد المتدهور في القطاع الفقير. وتؤكد ماريا-جوزيه توريس من مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة في الاراضي الفلسطينية المحتلة (اوتشا) «نحن نعرف أن سكان غزة رياديون بشكل كبير وهو اقتصاد نابض بالحياة وتأثر فعلا بالحصار في السنوات الاخيرة». وأضافت «في حال تمكنوا من تصدير القماش أو البضائع فإنها ستكون فرصة رائعة بالنسبة لهم». وواصل عرفات العمل بعد إغلاق المطار حتى عام 2004 وقام بدورات تدريبية لسلطة المطارات قبل أن يعمل لصالح وزارة المواصلات في غزة. بينما توقف الاخرس عن الذهاب الى العمل بعد إغلاق المطار عام 2001.وقال ضاحكا ردا على سؤال حول ما الذي كان يفعله منذ ذلك الحين، «كنت أنتظر أن يعيد المطار فتح أبوابه».