إعفاء جلالة الملك لمجموعة من الوزراء والمسؤولين السامين على خلفية تأخر مشروع الحسيمة منارة المتوسط، تفاعل معه بشكل لا يوصف مغاربة العالم الأزرق أيضا، إذ تحول "الفيسبوك" وباقي عوالم التواصل الاجتماعي إلى فضاءات ومنصات لإطلاق ردود الفعل إثر هذا الزلزال السياسي غير المسبوق في مغرب اليوم. التعاليق أجمعت على أن القرار المتخذ من طرف ملك البلاد، من شأنه أن يعيد الدفء إلى الحياة السياسية الباردة أصلا، وبين أن الدولة المغربية صارمة في وضع حد لهذا التراخي المميت في تحمل مسؤولية الشأن العام. زلزال سياسي، سيكون له ما بعده من ارتدادات قد تفوق الارتدادات التي يخلفها الزلزال الطبيعي، بحكم الاختلالات التي تشهدها كل المناطق المغربية، والتي هي ملموسة وواقعية وعبر عنها ملك البلاد صراحة بدون لف أو دوران في خطابه بالبرلمان عندما أقر بفشل النموذج التنموي في المغرب. وهو إقرار من طرف أعلى سلطة في البلاد . شجاعة كبيرة وصفها المدونون، إذ وضع عاهل البلاد الأصبع على الجرح بدون لف أو دوران. القرار الملكي، كما يرى بعض المعلقين، سيجعل المتهافتين على المسؤوليات يتحسسون رؤوسهم قبل أن يهرولوا إلى"الرباط" لطلب هذه المسؤولية التي يتناسون أنها مرتبطة بالمحاسبة والحكامة الجيدة، وليس فقط مرتبطة بالمحاسبة الشعبية في كل استحقاق انتخابي. إعفاء وزراء سياسيين وتقنوقراطيين ومسؤوليين سامين، كما يقول المدونون أيضا، يعني شيئا واحدا، مفاده أنه منذ اليوم لا أحد فوق المساءلة والمحاسبة والتقريع إن أخطأوا وخانوا الأمانة، بل تولد مصطلح آخر سيغني القاموس السياسي، حين تضمن بلاغ الديوان الملكي عقوبة جديدة متمثلة في عدم رضا جلالة الملك على من خانوا الثقة من الوزراء السابقين، وأن المساءلة غير خاضعة للتقادم أبدا، ما دامت تمس مصالح المغرب والمغاربة . آخرون يرون أن قرار رئيس الدولة، سيجعل المسؤولين مهما علا شأنهم ملزمين بتتبع الأوراش التي يمضون عنها بشكل يومي، بل هناك من قال إن ذلك "غادي يحايد الضسارة"على المواطن، وسيعيد الهيبة والكرامة له. أكيد ما حدث هذه الأيام هو تغيير جذري للدولة لاستعادة هيبتها ممن أساءوا عن تراخ ولامبالاة للمسؤولية. وهذه "البداية ومازال مازال"، كما يتوقع الناشطون الفيسبوكيون وغيرهم، مادام الأمر يتعلق بمشروع واحد الذي لم تتعد الأشغال فيه واحد بالمائة، وبعملية حسابية – يقول أحد المدونين- سيتطلب الأمر، إن ذهبت الأمور بهذه الوتيرة أكثر من عشرة عقود لإنجاز مشروع الحسيمة منارة المتوسط. وأكيد أن التحقيقات ستطال باقي المناطق والجهات المغربية، حيث من المؤكد أنه سيتم اكتشاف اختلالات كبرى، مما سينجم عنه "زلزال سياسي آخر خارج سلم ريختر ".