نصبت أول أمس الأحد خيمة الإبداع الثالثة التي تنظمها جامعة المعتمد بن عباد في دورتها ال29 في إطار منتدى أصيلة الثقافي الدولي ال36 بحضور عدد من الفعاليات الثقافية والفنية وكان المبدع يوسف فاضل أحد ركائزها الذي شكل وجوده بين ثلة من مجاييله لحظة الاحتفاء به. أجمعت كل الشهادات التي نوهت بالمبدع يوسف فاضل، الذي يعتبر واحدا من بين أكبر رموز الرواية والسيناريو.. ليس في المغرب فقط، بل في العالم العربي على تنوع اهتماماته سواء كانت روائية أثرى بها المكتبة المغربية أو مسرحية من حيث مساهماته في إشعاع وتطعيم الخشبة المغربية بنصوص نالت نجاحا كبيرا أو سينمائية من خلال إبداع سيناريوهات شكلت لحظة مفصلية في الكتابة السينمائية ثم مساهمته في الإبداع التلفزيوني مكن من إشراك فعاليات إبداعية في التمثيل أيضا. كان للاحتفاء بالمبدع يوسف فاضل في القاعة الرئيسية لمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية طعم خاص ونكهة مغايرة، لقد تمكن عدد من أبناء جيله من الفنانين الممثلين والروائيين والنقاد والمسرحيين من التحليق في سماء إبداعات يوسف فاضل لم يوازيها إلا ثقل وتنوع ومتعة الشهادات التي نبس بها، بل قالها في حقه رجال ونساء خبروه وعرفوه في بعده الشخصي والمهني. كان الاحتفاء بالمبدع يوسف فاضل احتفاء بالمسار إبداعي وإنساني ثمة من قال إنه الفنان «مادة خام»، ومن أشار إلى أن يوسف مبدع «متعدد وانشطاري» وهي ميزة مهمة في الإبداع يتمتع بها القليل من المبدعين المغاربة، وثمة من أكد أنه فنان يحب التحليق في الأعالي، وهناك من أشاد بقوة أعمال فاضل سواء الأدبية أو المسرحية أو السينمائية، معتبرا أن المغرب يستحق هذا المستوى من الإبداع، وهناك توقف عند محطات ثقافية ليوسف فاضل وتجربة الحياة درب مولاي الشريف ومرارة الاعتقالات السياسية الكبرى خلال فترة السبعينيات وعن تجربة اعتقاله بسبب مسرحية «الكيرة»، ليكون يوسف من المعتقلين القلائل في المغرب لاسباب ثقافية، كما تم الحديث عن تجربته السينمائية الرائدة مع المرحوم محمد الركاب في فيلم «حلاق درب الفقراء»، كما قدم الناقد السينمائي محمد المسناوي، قراءة نقدية في تجارب جمعته بيوسف فاضل في كل من سيناريو فيلم «حلاق درب الفقراء» و مجلة «الثقافة الجديدة» و ساهم فيها يوسف فاضل بثلاث مقالات عن المسرح المغربي أو جريدة « البلاغ المغربي» أو برنامج «بصمات» التلفزي، و الذي سلط الضوء على رموز مغربية وكشف عن إبداعات مغربية في مجالات شتى . هذا الاسترجاع البهي الذي تم بحضور محمد بنعيسى، رئيس منتدى أصيلة الثقافي الدولي، وأطره شرف ماجدولين، أغنته شهادات كل من الممثلة ثريا العلوي، والمخرج داود أولاد السيد، والممثل نوفل البراوي، والممثل محمد البسطاوي، والممثل محمد الشوبي، والممثل بنعيسى الجيراري، والقاص والناقد السينمائي مصطفى المسناوي، والناقد مصطفى العلواني. الوجه الآخر للمبدع يوسف فاضل، الذي كان يغالب دموعه في كل لحظة تمادت الشهادات في تدقيق تفصيل معين من حياته سواء في بعدها الشخصي أو المهني كرجل تعليم سابق مثلا أو من خلال استرجاع محطات «تاريخية» و»جغرافية» فرضت عليه الاستقرار في أكثر من مكان في المغرب، هذا الوجه سوف يكون الفضل لثلة من الأقلام المغربية مثل الشاعر والروائي محمد الأشعري، والشاعر محمد عنيبة الحمري والصحافية سعيدة شريف والكاتب أحمد المديني والناقدة والروائية زهور كرام، والناقدة سعاد مسكين والروائي محمد هرادي في إماطة اللثام عنه مع إبراز خصال رجل من طينة يوسف فاضل « بتقاسيم وجهه الطفولية» إنسان «أقرب للصمت دون سواه» كا يرغب في أن يتمرس بالفن رسما» كما تحدث عنه الشاعر والشاعر محمد عنيبة الحمري. فهذا الكاتب الذي يمتلك رؤية ثاقبة تمكنه من التوفر على حبكة روائية تستند إلى كتابة تعتمد التقطيع السينمائي المحبك توقف الشاعر والروائي في نص اختار له عنوان «كلبة عجوز شاردة تقرأ» عند مميزات الأعمال الروائية للمبدع يوسف فاضل الذي تعكس عناوينها توفره على خيط ناظم لمسار كتابة متجدد، مشيرا إلى أنه « انتصر للكتابة و الأدب في مواجهة الشهادة التي ظلت جزءا من المحكي في إطار معالجته لثنائية الكتابة والشهادة». بالنسبة للصحفية سعيدة شريف فقد ارتبط يوسف فاضل - الكاتب الروائي المغربي- بمجتمعه وبيئته، يراوح بحيوية كبيرة بين كتابة الرواية، والسيناريو والمسرح، ويسهم بشكل كبير في تشكيل وعي جديد بسؤال الكتابة الروائية في المغرب وعلاقتها بالذات والتاريخ والمجتمع عبر توظيفه للحلم والتذكر والتشظي والتهجين، وتقنيات أخرى أضفت على رواياته الأخيرة مسحة جمالية، وجعلت القراء يتلقفونها ويلهثون وراء أحداثها وشخصياتها، القريبة منهم ومن تاريخهم الحديث، فترة ثمانينيات القرن الماضي، وما عرفته من انتهاكات. خلال هذا الاحتفاء، الذي أطره في جلسة ثانية الناقد الأدبي مصطفى النحال، كانت الإشارة إلى أن الأعمال الروائية للمبدع يوسف فاضل تتميز بنوع من التلقائية والسلاسة، وبخاصية المشهدية والكتابة البصرية، واعتمادها على عناصر محلية فتحت لها باب العالمية، كما أشارت إلى ذلك الناقدة الروائية زهور كرام حين تأكيدها على أن روايات يوسف فاضل تناولت السيرة التخييلية للمغرب السياسي من خلال وهو التخييل الذي أمكن من تحرر المعلومة السياسية من الاعتقال و التضييق ليحولها إلى مادة مشاعة بين العامة، مستندة في ذلك إلى العمل الابداعي «طائر أزرق يحلق معي» التي اخترت ضمن اللائحة القصيرة لجائزة البوكر العربية». الروائي أحمد المديني وبالموازاة مع ما يمكن أن يقال عن كون الاعمال الروائية للمبدع يوسف فاضل كونها تستند إلى الخلفية الاجتماعية والثقافية بشكل يجعل يوسف يحفر في المجتمع المغربي، يشرح عيوبه وأمراضه، ويبحث في خلفيات الكثير من المحطات التاريخية المهمة التي عرفها المغرب، أشار إلى تمكن الروائي يوسف فاضل من «أكبر المقدرات التي تنهض بالفن الروائي وتعد من مفاتيحه وتجلياته، نعني «اللعب» أو «اللعبية» الفرجة عرضا وتسلية أوتسرية»، وهي تقنية تطبع كل أعماله الروائية كونه «يعتمد الصورة بالتقاط الزوايا وكتابة سينوغرافية أكثر منها سردية». أما الناقدة سعاد مسكين فتحدثت عن الكتابة المشروع لدى المبدع يوسف فاضل، معتبرة أن تجربته «ناضجة» وعميقة تحتاج الدراسة»، وكشفت الناقدة المغربية الشابة عن المسار الخاص والمتفرد للروائي يوسف فاضل الذي رسم لنفسه مسارا متفردا سيمكنه من تحديد موقعه في الانتاج الروائي المغربي، معتبرة أن السيرة الروائية ليوسف فاضل بمثابة الكتابة المشروع العميق و الناضج و المتجدد فنيا و إبداعيا، و هو المشروع الذي دللت عليه بقرائن نصية من قبيل التراكم المنتظم و الوحدة التكاملية و الرواية الشخصية و دينامية السرد و الهامش واللغة. كانت خاتمة الشهادات في حق الروائي يوسف فاضل الذي يختار لرواياته أبطال الهامش والشخصيات المهمشة ليشخص النبض الحقيقي للمجتمع والكبوات والإخفاقات التي يعرفها صورة لافتة للروائي محمد الهرادي الذي تحدث عن يوسف ونظيره فاضل ووصفه باللاعب، فهو يتصور يوسف فاضل يعيش في مكانيين مختلفين في نفس الوقت، وبشكل قد يبدو حلما أو رؤيا يعتبر يوسف فاضل شخصين يتبادلان نفس الأدوار، مشيرا إلى اسمه «الدال» فمتى ينتهي يوسف بفائه في آخر اسمه الشخصي يبدأ فاضل في بداية اسمه العائلي، فهو اسم يقول «له معنى المثل والآخر» رجل يحب العيش في فضاءات مفتوحة على أفق السماء غنية برحابة مجالها، واصف يوسف وفاضل كل مرادف للآخر شخصان مقترنان ببعضهما كل منهما يغذي الآخر بطاقة لا منتهية لمواصلة المسير.